الحوار – كما أسلفت في عديد المرات- نقاش جاد، بين أطراف جادة، بغية التوصل إلى حلول جادة، بعد تنازل كل طرف عن بعض مواقفه خدمة للمصلحة المشتركة. وكنت قد عبرت، أكثر من مرة، عن دعوتي له محاججا بشتى الأدلة والشواهد على أهميته لفك خيوط الاحتقان وإيجاد الأرضية الصالحة للانطلاق مجددا نحو آفاق مضمونة، آمنة، مستقرة، مهيأة للبناء والتنمية والاستثمار، في ظل دولة قانون تسود فيها العدالة، وتزدهر فيها المساواة، وينعم فيها المواطن بحقه في التداول السلمي على السلطة على قدر المساواة مع حقه في العلاج والتمدرس والسكن والعيش الكريم. فحتى المتحاربون، الأعداء الألداء، ترغمهم الظروف في النهاية، وترغمهم الواقعية والموضوعية، وترغمهم المصالح، وترغمهم العقلانية على العودة إلى الحوار وحل معضلاتهم به ومن خلاله، لا غير.
انطلاقا من كل ما سبق، ومن غيره مما دأبت على ذكره كلما سنحت الفرصة، سعيت، داخل منتدى المعارضة، إلى ترسيخ فكرة الحوار، والدفاع عن أهميته، وتأكيد نبل مراميه، والتخويف من عواقب نبذه. وللأمانة فإنني لم أصطدم بأية جهة داخل المنتدى تعبر عن رفضها المبدئي أو التلقائي للحوار، وإنما هناك وجهات نظر تطرح شروطا أراها، فى بعضها، غير ضرورية. إلا أن الحوار الذي كنت وما زلت أدعو إليه ليس الحوار الجاري هذه الأيام ولا يمت إليه بصلة (حسب ما بلغني عنه)، مع احترامي الكبير لكل المشاركين فيه (شخصيات وهيئات وأحزابا) ومع امتناعي عن وصف جهودهم بـ”المسرحية” أو “العبثية” أو “الهزلية”.
إن الحوار الذي أصبو إليه وأدعو له هو ذلك النقاش النخبوي المثمر الشامل العميق الذي يطرح إشكالات حقيقية جادة ويجد حلولا حقيقية جادة تلامس هموم ومشاغل المواطنين.
أليس من المثير للعجب إقحام موضوع المأمورية الثالثة والتركيز عليه وفرضه على الواجهة الإعلامية؟.. فالمأمورية الثالثة، في الحقيقة، ليست موضوع نقاش ولا يجب أن تكون كذلك حتى ولو تمادى الوزير، أي وزير، في الإشارة إليها صراحة أو ضمنيا. ناهيك عن لفت انتباه المشاركين والمتتبعين بأمور ثانوية كألوان علم البلاد وغيره من قضايا ليست أبدا رهان مرحلة حساسة وهشة كالمرحلة التي نعيش.
إن الرهانات الحقيقية تتمثل في ضمانات السلم والاستقرار والتداول السلمي الديمقراطي على السلطة، والبطالة المستشرية، والحكامة الرشيدة، والعدالة الشاملة، وطرق استفادة موريتانيا من ثرواتها، والاستراتيجيات الساعية لتعزيز موقعها الاستراتيجي. إن أي حوار يراد له النجاح يجب أن يأخذ في الحسبان دمقرطة العمل السياسي، وإتاحة الظروف القانونية والأمنية من أجل استغلال ما ينعم به العالم من استثمارات حرة حلت اليوم محل العون من أجل التنمية (لأن “فائض الادخار” لدى المؤسسات العالمية الكبيرة لم يعد يتطلب غير توفير المناخ الصالح لاستجلابها، ومن ثم الدخول في شراكات مثمرة لبناء السدود والمطارات والموانئ والطرق السريعة دون الحاجة إلى أموال طائلة وميزانيات كبيرة).
إن علينا أن نتحاور حوارا لا يقصي أية جهة، وبالشكل الذي يضمن استقرار المستقبل سواء في بعده السياسي أو الأمني أو الاقتصادي (ثمة دول تفكر في الطاقات المتجددة لتحصن نفسها ولتضمن تنميتها في المستقبل ولكيلا تتأثر، غدا، من نضوب آبار البترول، مثلا). وبمعنى آخر، يجب على معركة التنمية أن تكون في قلب رهانات المشاريع السياسية.
إن ما تقدم، وما ينحو منحاه، هو لب مشاغل الناس وصلب اهتماماتهم، ولا تشكل ألوان العلم ولا سن المرشحين أية أهمية بالمقارنة مع المشاكل الفظيعة التي تعيق تقدمنا واستقرارنا وأمننا وحريتنا، لأنها ليست رهانات المرحلة، فالرهان الأول يتمثل في كيفية إيجاد بديل جاد ومقنع يسمح بطي الصفحة وعدم تفويت فرصة 2019 للخروج من منعطفها بأمان. إن علينا، من جهة، ألا نطلب من النظام أن يرحل قبل انقضاء مأموريته سنة 2019، كما أنه علينا، من جهة أخرى، أن لا نقبله يتجاوز تلك الفترة القانونية. الحوار الجاد هو ذلك الذي يهيئ الظروف للتغيير الديمقراطي بغية التناوب السلمي على السلطة.
ومجمل القول أن الرهانات الكبيرة والتحديات الحقيقية ليست على الإطلاق في صميم الحوار الجاري حاليا، فنحن لم نسمع من تسريباته أي شيء عن التناوب الدستوري على السلطة، ولا عن دولة القانون، ولا عن إصلاح القضاء، ولا عن محاربة البطالة، ولا عن دمج الشباب، ولا عن إصلاح التعليم، ولا عن جلب الاستثمارات، ولا عن إشراك الفاعلين. إذن ما زال الرأي العام على ظمئه متعطشا للأجوبة المقنعة، لأن كل من ينتظر للبلاد مستقبلا واعدا ومشرقا، عاريا من العوائق ، قادرا على مواجهة تحديات المستقبل، لم يجد بعد ردودا شافية، لا في الحوار الجاري على وجه الخصوص، ولا في النقاش السياسي الوطني على وجه العموم.
انطلاقا من كل ما سبق، ومن غيره مما دأبت على ذكره كلما سنحت الفرصة، سعيت، داخل منتدى المعارضة، إلى ترسيخ فكرة الحوار، والدفاع عن أهميته، وتأكيد نبل مراميه، والتخويف من عواقب نبذه. وللأمانة فإنني لم أصطدم بأية جهة داخل المنتدى تعبر عن رفضها المبدئي أو التلقائي للحوار، وإنما هناك وجهات نظر تطرح شروطا أراها، فى بعضها، غير ضرورية. إلا أن الحوار الذي كنت وما زلت أدعو إليه ليس الحوار الجاري هذه الأيام ولا يمت إليه بصلة (حسب ما بلغني عنه)، مع احترامي الكبير لكل المشاركين فيه (شخصيات وهيئات وأحزابا) ومع امتناعي عن وصف جهودهم بـ”المسرحية” أو “العبثية” أو “الهزلية”.
إن الحوار الذي أصبو إليه وأدعو له هو ذلك النقاش النخبوي المثمر الشامل العميق الذي يطرح إشكالات حقيقية جادة ويجد حلولا حقيقية جادة تلامس هموم ومشاغل المواطنين.
أليس من المثير للعجب إقحام موضوع المأمورية الثالثة والتركيز عليه وفرضه على الواجهة الإعلامية؟.. فالمأمورية الثالثة، في الحقيقة، ليست موضوع نقاش ولا يجب أن تكون كذلك حتى ولو تمادى الوزير، أي وزير، في الإشارة إليها صراحة أو ضمنيا. ناهيك عن لفت انتباه المشاركين والمتتبعين بأمور ثانوية كألوان علم البلاد وغيره من قضايا ليست أبدا رهان مرحلة حساسة وهشة كالمرحلة التي نعيش.
إن الرهانات الحقيقية تتمثل في ضمانات السلم والاستقرار والتداول السلمي الديمقراطي على السلطة، والبطالة المستشرية، والحكامة الرشيدة، والعدالة الشاملة، وطرق استفادة موريتانيا من ثرواتها، والاستراتيجيات الساعية لتعزيز موقعها الاستراتيجي. إن أي حوار يراد له النجاح يجب أن يأخذ في الحسبان دمقرطة العمل السياسي، وإتاحة الظروف القانونية والأمنية من أجل استغلال ما ينعم به العالم من استثمارات حرة حلت اليوم محل العون من أجل التنمية (لأن “فائض الادخار” لدى المؤسسات العالمية الكبيرة لم يعد يتطلب غير توفير المناخ الصالح لاستجلابها، ومن ثم الدخول في شراكات مثمرة لبناء السدود والمطارات والموانئ والطرق السريعة دون الحاجة إلى أموال طائلة وميزانيات كبيرة).
إن علينا أن نتحاور حوارا لا يقصي أية جهة، وبالشكل الذي يضمن استقرار المستقبل سواء في بعده السياسي أو الأمني أو الاقتصادي (ثمة دول تفكر في الطاقات المتجددة لتحصن نفسها ولتضمن تنميتها في المستقبل ولكيلا تتأثر، غدا، من نضوب آبار البترول، مثلا). وبمعنى آخر، يجب على معركة التنمية أن تكون في قلب رهانات المشاريع السياسية.
إن ما تقدم، وما ينحو منحاه، هو لب مشاغل الناس وصلب اهتماماتهم، ولا تشكل ألوان العلم ولا سن المرشحين أية أهمية بالمقارنة مع المشاكل الفظيعة التي تعيق تقدمنا واستقرارنا وأمننا وحريتنا، لأنها ليست رهانات المرحلة، فالرهان الأول يتمثل في كيفية إيجاد بديل جاد ومقنع يسمح بطي الصفحة وعدم تفويت فرصة 2019 للخروج من منعطفها بأمان. إن علينا، من جهة، ألا نطلب من النظام أن يرحل قبل انقضاء مأموريته سنة 2019، كما أنه علينا، من جهة أخرى، أن لا نقبله يتجاوز تلك الفترة القانونية. الحوار الجاد هو ذلك الذي يهيئ الظروف للتغيير الديمقراطي بغية التناوب السلمي على السلطة.
ومجمل القول أن الرهانات الكبيرة والتحديات الحقيقية ليست على الإطلاق في صميم الحوار الجاري حاليا، فنحن لم نسمع من تسريباته أي شيء عن التناوب الدستوري على السلطة، ولا عن دولة القانون، ولا عن إصلاح القضاء، ولا عن محاربة البطالة، ولا عن دمج الشباب، ولا عن إصلاح التعليم، ولا عن جلب الاستثمارات، ولا عن إشراك الفاعلين. إذن ما زال الرأي العام على ظمئه متعطشا للأجوبة المقنعة، لأن كل من ينتظر للبلاد مستقبلا واعدا ومشرقا، عاريا من العوائق ، قادرا على مواجهة تحديات المستقبل، لم يجد بعد ردودا شافية، لا في الحوار الجاري على وجه الخصوص، ولا في النقاش السياسي الوطني على وجه العموم.