انطلقت فعاليات مهرجان موسيقى الرعاة الدولي في مدينة الطينطان، بولاية الحوض الغربي، ليصفه مدير المهرجان محمد فال ولد بوخوصه بأنه بداية رحلة نحو تحقيق «الحلم الكبير» بأن تكون الطينطان وجوارها «عاصمة دائمة للتنمية والثقافة والسياحة والعلم والتراث».
وأضاف: «لقد رأيت ما كان بالنسبة لي حلما مستحيلا، رأيته يتحقق أمام ناظري في ما يشبه المعجزة، وتساءلت ما قيمة أي فكرة إذا لم تجد من يؤمن بها وينفذها على أرض الواقع؟ أليست الأفكار ملقاة على الطريق كما يقال؟».
وشكر ولد بوخوصه الفريق الذي أشرف تحضير وتنظيم على المهرجان، وقال: «لقد رأت هذه الثلة المباركة أن بالإمكان جلب قبس من الحضارة إلى مرابع الصبا المعزولة المهجورة، بدل الهروب من تلك المرابع وتركها تموت».
وقال ولد بوخوصه في كلمة عرضت أمام الحضور في بداية حفل الافتتاح، إن «فكرة المهرجان بسيطة؛ والبساطة مصدر قوة، وهي فكرة مؤسِّسة؛ ومعيار الفكرة المؤسِسة إخوتي أخواتي هو قدرتها على أن تتسرب في النفوس كالماء في الرمال أو تنتشر في العقول كالعطر في الهواء».
وأكد أن «كلمة السر» وراء تحقيق أهداف المهرجان ونجاحه هي «المشاركة الشعبية»، مشيرا إلى أن «مما يبعث على السرور أن نرى مشاركين في هذا المهرجان من جميع قرى وأرياف مقاطعة الطينطان، جاءوا متطوعين مخلصين صادقين».
من جهته قال محمد الأمين ولد سيدينا، المدير العام المساعد للمكتب الوطني للسياحة، أكد أن «مبادرة أطر شباب مقاطعة الطينطان، نقطة مضيئة لتسليط الضوء على المقدرات الكبيرة التي تزخر بها منطقة أفله من إشعاع تراثي وثقافي، ومخزون اقتصادي وبيئي وسياحي ظل مخزونا لعقود من الزمن».
وأضاف أن المكتب الوطني للسياحة تلقف المبادرة في إطار «استراتيجية الحكومة لتطوير السياحة في البلد، والسياحة الداخلية على وجه الخصوص»، مشيرا إلى أن السياحة تساهم «في جلب الاستثمارات والتأسيس لتنمية محلية مندمجة قوامها وقف النزوح والاستقرار في الموطن الأصلي».
أما الشيخ ولد سيدي، نائب رئيس المهرجان، فقدم عرضا لفكرة مهرجان موسيقى الرعاة الدولي، وقال إن فكرته «عبارة عن محاولة جادة وصادقة لإعادة تشكيل الوعي الجمعي المحلي والوطني حول مسألة تنمية الداخل».
وأوضح أن «جوهر الفكرة تنموي، لكن في لبوس من الثقافة والفن. وقد جاءت محملة بعبق الأصالة باحثة عن طريقة للتعبير عن التناغم الأصلي بين الإنسان والأرض».
نائب مدير المهرجان قال في كلمته إن «رمزية الرعاة التي جعلناها شعارا، هي تعبير عن الحالة الوجدانية الحميمة التي ربطت أجدادنا بأرضهم ومواشيهم التي كانت وسيلة عيشهم الأساسية».
وأوضح في السياق ذاته: «لكن أجدادنا كانوا أكثر من مجرد رعاة للماشية، لقد كانوا أيضا رعاة علم وفكر وفن، كانوا صناع حضارة ذهنية ومادية أصيلة رغم حالتهم البدوية التي كانت تقوم على الترحال الدائم خلف مواشيهم».
وأضاف في بداية كلمته: «قبل أن أبدأ هذه الكلمة المقتضبة، أود من كل قلبي أن أشكر فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني على منحي أجمل وأشرف جائزة حين جعلني سفيرا متنقلا لثقافة بلدي».
وقال: «الغناء الذي سمعناه هذا الصباح، والرقص الذي شاهدنا، يعكس ثراء وتنوعا، ليس في المنطقة وحدها وإنما في موريتانيا بشكل عام».
وتضمنت فعاليات المهرجان مسرحيات وعروض فلكلورية ومسابقات في الشعر، وماراتون عبر سلسلة «فريدي» الجبلية.
كما شيدت قرية نموذجية في مزرعة فريدي، غير بعيد من مدينة الطينطان، وفق أسلوب حياة الإنسان البدوي الموريتاني بمختلف مشاربه الثقافية.