نواكشوط ـ صحراء ميديا
ذكرت مصادر في وزارة الصحة الموريتانية إن مدير المستشفي الوطني الدكتور محمد ولد عيه قبل تعيين الطبيب الجراح عثمان ولد امحيحم رئيسا لقسم الجراحة بالمستشفي الوطني خلفا للجراح بابا طالب الذي تمت إقالته بمذكرة من وزير الصحة.
واوضحت المصادر أن تأكيد تعيين ولد امحيحم جاء بعد لقاء جمع الوزير ومدير المستشفى من جهة والوزير الأول مولاي ولد محمد لغطف، حسب المصادر.
وكانت معلومات تحدثت اليوم الأحد عن رفض مدير المستشفى لقرار تعيين ولد امحيحم بحجة أن التعيين من اختصاص إدارة المستشفى وليس من اختصاص الوزير، وهو ما فاقم الأزمة التي يعرفها قطاع الصحة منذ أسابيع بين الأطباء الأخصايين ووزير الصحة الدكتور الشيخ ولد حرمة.
حديث الصحة في موريتانيا انقطع هذه الايام الا من تصريحات نارية تصدر من حين لاخر لتؤجج المعركة وتضفي نوعا من السخونة على مواقف الاطراف التي تخندقت في خندقين احدهما وزارة الصحة ممثلة في الوزير وبعض من معاونيه في الظل، والخندق الثاني الاطباء الاخصائيون ومن يدور في فلكهم من المعنيين ممن يجسون نبض كل طرف لكسب ورقة في معركة كلامية تزداد اتساعا، الحالة في قطاع الصحة باتت بحاجة الى علاج ناجع في وقت يرفض الاطباء قرار الوزارة ولا تكتب الوزارة وصفة اخرى غير وصفة نجاة.. بينما يبدو انه لا احد في هذا القطاع الحيوي يمكنه النجاة من مصير الصراع المتواصل.
ربما لم تكن الطبيبة المغربية تدرك انها وبجرة قلم لصالحها اشعلت فتيل الازمة منذ بعض الوقت حيث وجد الاطباء في تعيينها مسؤولة عن احدث جهاز من نوعه للفحص في المستشفى الوطني العطر الذي استنشق منه رجال الصحة فانتشرت بينهم الخلافات فقد اعتبر الاطباء الاخصائيون تعيين نجاة محاولة تهميش واقصاء خبرات وطنية موجودة وذهبوا ابعد من ذلك في اعتبار القرار خطوة لتحسين صورة وزير الصحة في عدد من الدوائر السياسية ولتنظيف جو علاقات شابه كثير من الدرن خلال العقود الاخيرة.
وزير الصحة بدوره لم يقف مكتوف الايدي ازاء التفسيرات التى ساقها الاطباء بخصوص تعيين نجاة، وهو يرى ان تعيين الاخصائية المغربية بعيد من ان يكون اجراء مسببا باسباب شخصية ويعتبر انها تتمتع بالمواصفات التى تخولها تولي ادارة الجهاز المتطور، ويرى انه لا يوجد في موريتانيا من الاخصائيين من يقوى على استعمال الجهاز المذكور وان استعماله يتطلب تكوينا لفترة معينة وهو ما لم يتم توفر في الاطباء المرشحين لتولي المنصب .
كلمات الوزير عبر الشاشة الصغيرة وامواج اذاعة موريتانيا اعادت من جديد الجدل حول القرار خصوصا وان وزير الصحة حظي بدعم معنوي من الرئيس الذي زار كلية الطب بنواكشوط وحمل على الاطباء متهما اياهم بتخصيص معظم اوقاتهم للعمل في عيادات خاصة، تصريحات الرئيس عززت موقف الوزير ورفعت من قيمة القرار الاداري الذي رفض بموجبه غير نجاة على ادارة جهاز الاشعة.
ليخرج ولد ببكر عن صمته قائلا إنه لم يبق في مصلحة الأشعة إلا أخصائي واحد من أصل ثلاثة، مضيفا:”إنها حقا من نوع خاص تلك العلاقة التي تربط معاليه بالطبيبة نجاة، والتي تجعله مستعدا على إبقائها في المستشفى“.
وفيما لا تلوح في الافق بوادر انفراج للازمة في ظل تنازع السلطات بين وزير الصحة ومدير المستشفى يفسر الكثيرون الصراع بان له ابعادا اخرى ربما تكون متعلقة بعلاقات خاصة بين الوزير وعدد من الاطباء، ويعتقد بعض المراقبين ان قطاع الصحة في موريتانيا يشهد صراعا عنوانه المغربية “نجاة” لكن ابعاده الحقيقة هي في الصراع من اجل البقاء في نواكشوط، غالبية الاطباء يمتلكون عيادات خاصة ويسعون الى ان لا يتم تحويلهم الى قطاعات قد تشغل وقتهم عن ادارة عيادات يمتلكونها وتدر لهم من المداخيل ما لايوفره منصب اداري في مستشفى عمومي، كما ان وجود جهاز او جهازين مشابهين خارج نواكشوط قد يثير حفيظة الاطباء الذين يفترض ان الاخصائيين منهم قد يكونون معنيين بالدرجة الاولى بالتحويل اليه كما هي حال جهاز الفحص (اسكانير) في مستشفى كيفه شرق موريتانيا
الاطباء والوزير مضطرون اذن الى اطالة امد الازمة حيث يرغب كل طرف في انحناءة الطرف الاخر في حين تسبب التراكمات اتساع هوة شقة الخلاف بين طرفي نقيض وجدا في الخلاف على ادارة جهاز الفحص فرصة لكشف المزيد من جوانب الصراع الذي كان صامتا وتحول الى ساحات وسائل الاعلام .
وفيما بقي واحد من بين المؤهلين للتعيين في قشم الاشعة هو الدكتور اعلي ولد سيد احمد فان قبوله او رفضه لن يكون الا ملمحا من ملامح اخطر خلاف من نوعه يشهده قطاع الصحة في موريتانيا.