يقول العمال إن الحمّالة هم العضلة التي تتحرك بها عجلة الاقتصاد في نواذيبو، وهي الكاهل الذي يئن تحت وطأة الأثقال وهو يتولى تعبئة وشحن البضائع من وإلى السفن في موانئ المدينة الاقتصادية الأولى في البلاد.
ولكنهم في الوقت ذاته يؤكدون أن العاملين في مهنة “الحمّالة” يعانون من أوضاع مزرية “لا تقبل بها مواثيق حقوق الإنسان”، وفق تعبيرهم.
حمّال مطحون
يقول محمد ولد أعمر، وهو قيادي نقابي يعمل حمّالاً في أحد موانئ نواذيبو: “عملنا صعب وشاق، وقد ازدادت أوضاعنا صعوبة منذ أن أصبحت نواذيبو منطقة حرة، حيث قررت السلطة فتح الباب أمام رجال الأعمال ليتحول الحمال بلا حقوق”.
وأضاف ولد أعمر في تصريح لـ”صحراء ميديا” على هامش مسيرة عمالية صباح اليوم، أن “رجال الأعمال يفضلون العامل الأجنبي على الحمال الذي يعمل في وطنه ويجب أن يمثل أولوية بالنسبة لهم، نطلب من السلطات إيقاف هذا النوع من الممارسات التي لا تليق بالإنسانية”، على حد وصفه.
وفي سياق حديثه عن الظروف التي يعملون فيها قال ولد أعمر: “نحن مقسمون إلى حمّال رسمي وآخر مؤقت؛ فالحمال الرسمي يحظى بهذه الصفة الشكلية من دون أن يكون له راتب أو حقوق، لا راتب له سوى ما يؤمنه بعضلاته؛ أما المؤقت (الجرنالي) فهو عبارة عن شبح لا وجود له مع أنه يكافح من أجل البقاء”.
وأشار إلى أن عريضته المطلبية التي سلموا للسلطات المحلية دعوا فيها الدولة إلى إنصافهم وتحسين أوضاعهم “لأننا نعيش في حفر لا تليق بنا”، وفق تعبيره.
من جهة أخرى قال لمرابط ولد محمود، وهو حمّال في ميناء نواذيبو: “لقد أصبحت وضعيتنا صعبة جداً، فقد كنا نعمل في البواخر الأوروبية وتلك طردتها الدولة، كما عملنا في تحميل البضائع المستعملة بكافة أشكالها وتلك أيضاً منعتها الدولة.. لقد أصبحنا من دون عمل”.
تزايد البطالة
لا تتوقف المأساة عند الحمّالة وحدهم، فالعمال وسكان مدينة نواذيبو يتحدثون عن أوضاع صعبة خاصة في ظل تزايد نسبة البطالة في صفوف السكان.
ويقول عالي ولد ابيليل، وهو نقابي من الكونفدرالية الوطنية لعمال موريتانيا، إن “قطاع الصيد مهمش بشكل لم يعد مقبولاً، وذلك خلّف آلاف العاطلين عن العمل بسبب توقف البواخر الأوروبية وتراجع الصيد الصناعي”.
وأوضح ولد ابيليل أن “البواخر الروسية كانت تشغل كل واحدة منها مائة شخص، والآن بعد أن غابت تركت خلفها آلاف العاطلين عن العمل، وتركت المجال لرجال أعمال لا يرحمون”، وفق تعبيره.
في السياق ذاته ارتفعت مطالب تدعو الحكومة الموريتانية إلى مراجعة اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي، حيث يقول العمال إنهم “أمام نسبة عالية من البطالة بسبب توقف هذه الاتفاقية في ظل غياب حلول بين طرفي الأزمة”، ودعا العمال إلى “تشغيل البحارة المتضررين”.
اتفاق سنيم
أما عمال قطاع المعادن التابعين للشركة الوطنية للصناعة والناجم فقد رفعوا مطالب تنادي الشركة والدولة بالعم عى احترام بنود الاتفاق الموقع بين إدارة الشركة ومناديب العمال الشهر الماضي.
كما دعوا إدارة الشركة المنجمية الأكبر في البلاد إلى الدخول في المفاوضات مع مناديب العمل، تماشياً مع ما ينص عليه الاتفاق.
خلال المهرجان الخطابي الذي نظم قبالة مقر الوالي وسط المدينة، ركزت الخطب القوية التي ألقاها النقابيون، على وصف الحالة العامة للعمال في نواذيبو بأنه “مزرية”، وطلبوا من الرئيس محمد ولد عبد العزيز بزيارة العمال والاستماع إليهم عن قرب.