نساء ورجال، شيوخ وشباب، معارضون تاريخيون وسياسيون محدثون، جمع البرلمان في غرفته الثانية خمسة وتسعين نائبا على الورق، لكن في الواقع كانت قلة منهم تظهر لتناقش وتستجوب وتصوت وتمتنع عن التصويت، بل وتدخل في شجار أو مصارعة، لم يعرفها البرلمان منذ بدايته، قبل التعددية وبعدها.
أما البقية فأغلبية صامتة، بعضهم لزم السكوت، في غرفة أريد لمن يدخلها أن يتكلم ويسمع صوته وصوت ناخبيه.
بين الصامتين والمتحدثين، أسماء بارزة غابت..بسبب المقاطعة، أو عدم الفوز بثقة الناخبين من جديد،، أو اختارت أن تفسح المجال لوجوه جديدة.
الاتحاد من أجل الجمهورية
العربي ولد جدين
نائب شنقيط سابقاً، والنائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية، نافس ـ إلى جانب بناهي ولد أحمد طالب ــ مسعود ولد بلخير خلال ترشحه لرئاسة الجمعية الوطنية 2007، لكنه لم يحصل سوى على صوتين، وحصل ولد أحمد طالب على صوت واحد، في حين أجمع بقية النواب على مسعود رئيساً..فكان العربي نائبه، و ربما ترأس جلسات أكثر منه فيما بعد. قبل ذلك كان قائدا لأركان الجيش الوطني، وبعد تقاعده عاد إلى مسقط رأسه ليمارس العمل السياسي، ويفوز بمقعد شنقيط في الجمعية الوطنية.. لكن نهايته جاءت من حيث لا يتوقع، وعلى يد حزب مغمور يدعى “حزب الشعب الديمقراطي”، لينتزع منه ثقة ناخبي المدينة التاريخية.
اسلامه ولد عبد الله
منفذ عدلي جذبته السياسة، وفاز بمقعد نائب مقاطعة كرو عن “تجمع المستقلين”، وبدعم قوي من الوزير يحيى ولد سيدي المصطف. ظل واحداً من أبرز المتحدثين من فريق الأغلبية، واشتهر بشجاره اليدوي مع زميله النائب محمد جميل ولد منصور، رئيس حزب تواصل، هذا الحزب انتقم بطريقة أخرى لرئيسه، حين فاز بكرو، وبدد حلم أسلامه بالعودة لقبة البرلمان.
تكتل القوى الديمقراطية
محمد محمود ولد أمات
محام معروف، خريج جامعة الثاني بالدار البيضاء، ورمز للالتزام الشديد بخط حزبه، فأصبح كلاهما يُعرف بالآخر. كانت بدايات ظهور اسمه بشكل بارز في الإعلام حين تعرض للتعذيب من طرف الشرطة في مدينة نواذيبو قبل أربعة عشر عاما. رئيس الفريق البرلماني للتكتل، انتخب على رأس اللائحة الوطنية في انتخابات نوفمبر 2006، وكان نائبا قبل ذلك، حيث فاز في انتخابات أكتوبر 2001، على رأس اللائحة الوطنية لحزبه، في أول انتخابات تطبق فيها النسبية. وكان حينها يرأس تكتل القوى الديمقراطية، الذي رخصت له وزارة الداخلية قبيل الانتخابات، بقادة جدد، في حين تولى أحمد ولد داداه رئاسة “لجنة دعم المرشحين” قبل أن يعود لاحقا لقيادة الحزب.
يعقوب ولد أمين
نجل الوزير والسفير محمد عبد الرحمن ولد أمين، أحد القادة التاريخيين لـ”التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية”. شاب بات معروفاً منذ دخل البرلمان، أستاذ جامعي متخصص في الرياضيات، استغل تخصصه ليكون أبرز النواب بحثا عن الأرقام والوثائق ومقارعة الوزراء والمسؤولين بالحجج “الرقمية”. فاز في انتخابات 2006، وكان الثالث على اللائحة الوطنية لحزبه، ولكن الأقدار شاءت أن يتعرض لحادث سير خطير، أصيب على إثره إصابات بالغة، استدعت وقتاً للعلاج.. وعند شفاءه دخل البرلمان، ومنذ ذلك الحين لم يفوت فرصة للحديث في كل المواضيع المطروحة.
أماه بنت سمته
النائب الثاني عن مقاطعة روصو، فازت رفقة النائب محمد فال ولد العالم، لكن رفيقها انسحب من حزب التكتل، واختار الالتحاق بركب الأغلبية. فبقي صوت السيدة السمراء صادحاً يحمل معه هموم ومشاكل المزارعين والفقراء وسكان “شمامه”، وأصحاب المعاناة من سكان ضفة النهر. كانت أماه تتحدث بالحسانية والفرنسية، ولا تتردد في استخدام عبارات قوية ومعبرة عن رؤيتها.
عبد الرحمن ولد ميني
نقيب سابق في الجيش الوطني، جرب التغيير عن طريق الدبابات والرشاشات مرتين، فلم يفلح، واعتقل رفقة صالح ولد حننا عام 2004، حين عاد من منفاه ليخططا من الداخل لانقلاب جديد بعد محاولتهما الأولى رفقة عدة ضباط. دخل ولد ميني معترك السياسة، وفاز نائبا عن نواكشوط، من خلال حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم)، لكن خلافات رفاق السلاح سرعان ما بدأت تطفو على السطح، وكان ضحيتها حزبهم. رحل ولد ميني صوب التكتل، فكان واحداً من أبرز نوابه في الجمعية الوطنية.
النانة بنت شيخنا
اقتصادية، وسياسية ذات نفس طويل. موظفة سامية في البنك المركزي، ابنة الوزير المخضرم شيخنا ولد محمد لقظف، انسحبت رفقة والدها من دعم نظام ولد الطائع، في وقت حرج عام 1998، ضمن “ودادية الديمقراطيين” وانضمت إلى اتحاد القوى الديمقراطية ـ عهد جديد، فرشحها وريثه تكتل القوى الديمقراطية في انتخابات 2001 على لائحة نواكشوط التي قادها كان حاميدو بابا، وفي 2006 تكرر السيناريو، فازت نائباً عن نواكشوط رفقة كان حاميدو بابا.
اتحاد قوى التقدم
محمد المصطفى ولد بدر الدين
عميد في السياسة، لا يكل عن النضال ثم النضال. كانت بداياته مطلع الستينات في نقابة المعلمين العرب؛ قومياً ناصرياً، وبعد هزيمة الجيوش العربية تحول إلى اليسار، ضمن موجة الهجرة التي أخذت معها عددا من القوميين. عارض كل الأنظمة السياسية في موريتانيا، وظل على مدى العقود الماضية من أبرز دهاة الفكر السياسي، واليساري على وجه الخصوص. ومن الحركة الوطنية الديمقراطية (أم أن دي)، إلى الجبهة الديمقراطية الموحدة للتغيير( افديك)، إلى اتحاد القوى الديمقراطية، واتحاد القوى الديمقراطيةـ عهد جديد، وعهد جديد (ب)، فاتحاد قوى التقدم، ظل بدر الدين رمزاً للعمل السياسي المعارض، وصوتاً لا يعرف الخفوت، وحين دخل البرلمان أول مرة 2001 ، وأعيد انتخابه على رأس اللائحة الوطنية لحزبه عام 2006، ظل يصدح بهموم الفقراء، و”الكادحين”، ومنذ ذلك التاريخ عرفه من لم يعرفه من قبل، فقد تولت شاشات التلفزيون وصفحات المواقع الالكترونية المهمة، مع رجل ارتبط بعلاقة خاصة مع الإعلام.
خدجتا مالك ديالو
انتخبت على لائحة حزبها في نواكشوط عام 2006. أيقونة نساء اليسار، ولدت في أمبود بولاية كوركول، وبعد حصولها على الباكلوريا 1983 تخرجت من المدرسة العليا للتعليم، وعملت أستاذة في الثانوية لمدة عشرين سنة، كانت كافية لتنضج سياسياً، وتصبح مؤهلة للأدوار القيادية في حزب تقوم تراتبيته على أساس الأقدمية وخوض غمار النضال السياسي ـ الاجتماعي. كان “رفيقها” في رحلتها النضالية الطويلة زوجها مهندس الاتصالات، والنقابي النشط.
التحالف الشعبي التقدمي
بداهية ولد السباعي
محام، دخل التحالف الشعبي من البوابة الناصرية، يعد من مجموعة النواب القليلين الأكثر مداخلات في البرلمان، وعرف طريقه مبكراً نحو الإعلام، بعد فوزه بأحد مقاعد مدينة نواذيبو الثلاثة، إلى جانب القاسم ولد بلالي، والشيخ ولد الشيخ محمد المامي. لم يتمكن بداهية من العودة للجمعية الوطنية، وشهد إعلان نتائج النواب مشادات ومظاهرات احتجاجية، واعتصاما مفتوحا أمام لجنة الانتخابات، وتعرض هو شخصيا للاعتداء والاعتقال من طرف الشرطة. ولاحقا برر عدم فوزه بوجود أغلب البحارة في العمل، وهم الذين يفترض أن يصوتوا لحزبه، وأيضا بسبب تعقيدات التصويت.
التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة
النم منت مكية
سيدة عرفها البرلمان بغرفته الثانية، وعرفته، منذ 2001 ، حيث فازت عن حزبها الذي يقوده أحمد ولد سيدي بابا، واندمج لفترة في “عادل” ثم عاد للحياة مجددا. ومنذ دخولها الجمعية الوطنية وهي تصدح بما تراه الحق، تحدثت كثيراً وهي في صفوف الأغلبية أيام ولد الطائع وولد الشيخ عبد الله، وتحدثت أكثر بالانتقاد والهجوم، والمشادات، في ظل حكم محمد ولد عبد العزيز.
تارة تستشهد بالأدلة والأوراق، وتارة بالقرآن الكريم، والشعر، والتاريخ. وذات مرة تتبادل الشتائم مع القاسم ولد بلالي على مرأى ومسمع الجميع.
غاب صوتها للسنوات الخمس المقبلة.. حتى إشعار آخر.
حزب الحراك الديمقراطي
با علي ايبرا
كادح من سنوات النضال الحمراء، عاش طويلا في ظل اليسار، وبرز ليعارض مجدداً، كان قد انتخب مستقلا، وأصبح أحد مؤسسي حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية (عادل)، وظل صوته في الجمعية الوطنية مسانداً للطبقات الأكثر فقرا وكدحا، وطالما دافع عن قضية الزنوج في موريتانيا، واتهم نظام ولد عبد العزيز بالتفرقة وغياب العدالة.
عرف بشكل كبير في الإعلام بعد انقلاب 8 أغسطس، حيث كان قياديا بارزاً في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وأحد أعضاء وفدها الذي فاوض في العاصمة السنغالية دكار، وعاد بما بات يسمى “اتفاق دكار”.
اختار الابتعاد عن “عادل” حين اقترب الأخير من سلطة ولد عبد العزيز، فأسس مع موسى فال ورفاق آخرين حزب “الحراك الديمقراطي”، الذي يعد أحد أعضاء منسقية المعارضة الديمقراطية، التي قاطعت الانتخابات.
التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)
محمد جميل ولد منصور
رئيس الحزب ومنسق “الإصلاحيون الوسطيون”، والقيادي السابق في حزب الملتقى الموريتاني (حمد) الذي لم يرخص. وجاء إليه قادما من حملة رئاسيات 2003 مع محمد خونه ولد هيداله. وقبل ذلك من منصب رئيس اللجنة السياسية في تكتل القوى الديمقراطية. يعد من أكثر المتحدثين في السياسة فصاحة وحصافة، واثق الحجة واضح الكلمات، وقد عرف كيف يستخدم هذه المهارات التي اكتسبها منذ بداياته السياسية مطلع الثمانينات، في إيصال صوت المعارضة الراديكالية إلى حيث ينصت الوزراء والمسؤولون. استجوب وزراء عدة. قاطع وقوطع في الحديث، اتهم وهاجم ودافع. لكن خريج المعهد العالي للدراسات الإسلامية وجامعة سيدي محمد بن عبد الله، ظل على نهجه، يساعده في ذلك رفيقه السالك ولد سيدي محمود.
اختار جميل أن يفسح المجال لوجوه جديدة تمثل حزبه في البرلمان، لعل أبرزها محمد غلام ولد الحاج الشيخ. فيما يتوارى هو بعيداً قبل أن ينهي مأموريته الثانية في رئاسة الحزب، والتي لن تتبع بثالثة حسب النظام الداخلي له.
السالك ولد سيدي محمود
نجح عام 2006 على رأس اللائحة الوطنية للحزب الوحدي الديمقراطي الاشتراكي، حيث منع القانون على المستقلين الترشح للائحة الوطنية، وما كان للتيار الإسلامي ــ الذي حرمته السلطات العسكرية الانتقالية من حزب خاص به ــ من بديل، فاختار حزباً بعثيا مواليا لسوريا.
من أكثر نواب الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها “مشاغبة”، فهو حاد الكلام، صريح العبارة، لا يميل للدبلوماسية دائما. عرف بدقة ملاحظاته خاصة في الجوانب المالية والاقتصادية، وإلى جانب يعقوب ولد أمين ومحمد المصطفى ولد بدر الدين، كان من أبرز النواب الذين يعتمدون على الوثائق والأدلة. أستاذ ثانوي، وخريج شعبة علم المحيطات في المعهد العالي العلمي (كلية العلوم لاحقاً)، برز في أواسط التسعينات بوصفه أحد القياديين الشباب في صفوف التيار الإسلامي في حزب اتحاد القوى الديمقراطية (عهد جديد)، تدرج في الحزب، ويوم الخروج الجماعي للإسلاميين من التكتل أواخر 2003، كان مسؤول الإعلام فيه.
الحركة من أجل إعادة التأسيس
كان حاميدو بابا
من أبرز الأطر الموريتانيين، وربما الأعلى مستوى تعليمياً في صفوف النواب، فهو حاصل على دكتوراه في المواصلات من جامعة باريس، وشهادة دراسات معمقة في العلوم الاجتماعية من الجامعة نفسها، وشهادة دراسات عليا في العلوم السياسية من جامعة السوربون، وشهادة في الصحافة من معهد الدراسات السياسية في بوردو.
انتخب نائباً مرتين، في أكتوبر 2001 ونوفمبر2006، وفي كليهما كان على رأس لائحة تكتل القوى الديمقراطية في نواكشوط، وفي 2006 حقق حزبه نسبة كبيرة، في نواكشوط التي احتل فيها المرتبة الأولى مع فارق كبير بينه وأقرب منافسيه (التحالف الشعبي).
إتقانه للغة الفرنسية ومستواه العلمي الرفيع، ووضوح رؤيته جعله واحدا من أبرز النواب خلال المأموريتين الماضيتين.
أصبح اليوم رئيساً لحزب “الحركة من أجل إعادة التأسيس”، بعد أن انشق عن التكتل صيف 2009، وترشح للرئاسة. وحزبه عضو في (التحالف الوطني) وهو تحالف ثلاثي يضم حزبي التجديد الديمقراطي وعادل، ويصنف ضمن المعارضة المعتدلة، وإن تقاطعت مواقفه مؤخرا مع المعارضة الراديكالية.
برز نجم ابن قرية انتيكان في الإعلام، نائبا لرئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي تأسس في سبتمبر 2001 وريث اتحاد القوى الديمقراطية / عهد جديد الذي حله مجلس الوزراء في أكتوبر 2000.
استقال حاميدو من منصبه موظفا ساميا في الرئاسة لينضم لصفوف المعارضين إبان رئاسيات 1992، ومنذ ذلك التاريخ لم يخرج من صفوف معارضة الأنظمة المتعاقبة على الحكم.
حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم)
صالح ولد حننا
فاز خريج قسم التاريخ في جامعة نواكشوط، بمقعد في الجمعية الوطنية حين قاد لائحة حزبه الوطنية، وتحت قبة البرلمان أسمع صالح صوته، بعيداً عن أزيج الرصاص. فالرجل دخل التاريخ عن طريق محاولة انقلابية فاشلة، تبعتها محاولات أجهضت قبل أن ترى النور. وفي بداياته البرلمانية كان كثير الغياب، فخاطبه رئيس الجمعية مسعود ولد بلخير ذات يوم :”صالح لا تأتي إلا نادراً، وحين تأتي تمضي الوقت في الحديث عبر الهاتف”. لكن خريج السعودية، والرائد السابق في الجيش الوطني، المقال عام 2000، بدا في السنوات الأخيرة للبرلمان حريصا على التدخل والنقاش والمشاركة.