المئات شاركوا في جنازة ضحايا الطائرة بينما كان مجلس الوزراء يعقد دورة عادية
نواكشوط ـ سعيد ولد حبيب
خيم الحزن على أهالي وأصدقاء ضحايا المروحية العسكرية التي تحطمت اليوم الخميس دقائق بعد إقلاعها من مطار نواكشوط العسكري، وتوافد المئات من المصلين إلى باحة مسجد بن عباس بنواكشوط لأداء صلاة الجنازة على الضحايا السبعة وهم ما بين مدنيين وعسكريين.
عملية تشييع القتلى اكتنفتها مشاهد من الأسف والحسرة جسدتها دموع الأهل والأصدقاء، وتوافد على المسجد عناصر يمثلون مختلف القطاعات العسكرية ضمن موكب جنائزي يؤدي فيه كل قطاع دوره من العزاء في فقدان الرفاق.
وبعد انتظار ما يقارب ساعتين جيء بالجثث من المستشفى العسكري مسجاة على حمالات خشبية داخل سيارات عسكرية رباعية الدفع تحمل كل منها جنازة كانت تسير ببطء وترسل إشارات حمراء تعبيرا عن الحزن.
فيما أكدت شهادات الحاضرين على مدى الأخلاق والالتزام والانضباط التي تميز بها الضباط والجنود الذين قضوا في حادث أثار هلع السكان المجاورين للمطار، بينما كان فقهاء شاركوا في الصلاة يقولون إن حكم القتلى في هذه الحادثة هو الشهادة.
وبدا أحد عمال الحراسة بشركة تازيازت، إحدى أكبر شركات استغلال الذهب في موريتانيا، حزينا وهو يرى جثمان صديقه “هنون” ملفوفا في البياض بعد سنوات قضياها معاً في الشركة، رفع العامل سماعة هاتفه مخبرا زميلا له في الشركة وهو يجهش بالبكاء قائلاً: “صديقنا هنون قضى اليوم صلي من أجله واطلب له الغفران”.
تدافعت نسوة في اتجاه الموكب وهن يضربن على خدودهن بكاء على فراق أبناء وإخوة، قالت إحداهن “إنه يوم صعب أن تفقد الأم وحيدها إنه قضاء وقدر”، فيما كادت إحداهن أن تسقط مغشيا عليها من هول المشهد، “رجال ودعناهم صباحا أشداء ها هم اليوم يوضعون في هذه الحمالات سبحان من له الحول والقوة”؛ تعلق المكلومة.
وقال ضابط في الطيران العسكري: “خسرنا ضباطا وجنودا كانوا أمثلة للتضحية”، وقال آخر “لقد تأكد الميكانيكيون البارحة من أنه لا يوجد أي عطل في الطائرة، لقد كانت الأمور كلها طبيعية قبل أن يفاجئونا بالحادث”.
وكان من المفترض أن يتولى ملاح آخر قيادة الطائرة التي تذهب في رحلتين أسبوعيا، الاثنين والخميس، في مهمة لشركة تازيازت لكنه اعتذر لانشغاله في أمر طارئ، ورفض الضابط المذكور الحديث لوسائل الإعلام، فيما بدا متأثرا لما حدث حيث يقول زميل له بجانبه طلب عدم كشف هويته “لقد اتصلوا عليه قبل أن يدخل في الطائرة وطلبوا منه العودة بسرعة إلى المنزل فكان لزاما على المسؤولين استدعاء الملاح ومساعده اللذين قضيا في الحادث أمر لا مفر منه”.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال السنوات القليلة الماضية تكررت حوادث الطيران العسكري في موريتانيا وسط تساؤلات طرحت أكثر من مرة إزاء الأعطاب التي يمكن أن تؤدي إلى سقوط تلك الطائرات الصغيرة الحجم.
وسبق لقائد الطائرة المتوفى أن نجا من حادث سابق عندما تأخر عن رحلة تدريبية إلى دولة مجاورة فسقطت بهم الطائرة وتوفي بعضهم وأصيب آخرون.
وكادت طائرة مماثلة تقل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إبان الحملة الانتخابية الرئاسية سنة 2008 أن تجنح في صحراء تادون دون أن يصاب أي من الركاب بأذى وكتب عن بعض تفاصيل الحادث وزير موريتاني في رواية أدبية.
وأدى حادث تحطم مروحية عسكرية قرب شنقيط العام الماضي إلى وفاة ضابط موريتاني متخرج حديثا، وذلك بعد إقلاعها في رحلة بين مدينة أطار، حيث توجد أهم القواعد العسكرية الموريتانية في الشمال، ومدينة شنقيط التاريخية.
وقبل ذلك بسنوات قضى عشرات العسكريين والمدنيين في تحطم طائرة كانت في رحلة عودة من مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي إبان زيارة الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع للولاية، وكان معظم ركابها من عازفي الموسيقى العسكرية بالإضافة إلى بعض المدنيين.
وجاءت حادثة سقوط المروحية في نواكشوط لتكون الأولى من نوعها في المطار الذي يقع في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط وتحفه المباني الآهلة بالسكان، وكثيرا ما عبر مواطنون عن خشيتهم من حوادث الطيران الجوي في مطار نواكشوط، لاسيما وأنه شهد خلال السنوات الماضية نشاطا مكثفا للطائرات المدنية والعسكرية على حد السواء.
وتعمل في موريتانيا عشرات شركات التنقيب والاستغلال للمعادن تستخدم عددا من الطائرات من أبرزها طائرات بأحجام متوسطة وصغيرة، تعمل باستمرار في المجالات البرمائية الموريتانية بحثا عن البترول والغاز والمعادن الأخرى.