فالرجل عمل لأكثر من ثلاثين سنة متواصلة، و أناخ به المسار الوظيفي سفيراً في المملكة المغربية، حيث توجد واحدة من أهم السفارات الموريتانية، وأكثرها حركية وجذبا للاهتمام.
ينضم ولد معاوية إلى قائمة المتقاعدين، بعد سنوات من العمل في قطاعات الخارجية والداخلية والاقتصاد؛ ورئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، وكانت خاتمة مسيرته هي إدارة حقيبة الديبلوماسية الموريتانية بالرباط، حيث تم تعيينه في وقت تناثرت أخبار هنا وهناك عن توتر في علاقات البلدين، مما فرض اختيار اسم له وزنه، لتخفيف التوتر.
الاثنين 31 أكتوبر 2011، تأكد خبر تعيين محمد ولد معاوية، سفيراً في المغرب، وهي أول مهمة رسمية له بعد توليه حقيبة الداخلية 2008/2009، ليخلف السفير محمد ولد الطلبة وزير الخارجية الأسبق، والذي كان قد خلف بدوره السفير الشيخ العافية ولد محمد خونه وزير الخارجية الأسبق لفترتين، ووزير أول سابق، مما يوحي بالأهمية التي توليها نواكشوط لسفارتها في الجارة الشمالية.
جاء تعيين ولد معاوية بعد أيام قليلة من نفي خالد الناصري الناطق الرسمي السابق للحكومة المغربية، وجود بوادر أزمة دبلوماسية بين المغرب و موريتانيا، و التي عززتها تقارير إعلامية حول رفض تسجيل بعض الطلبة الموريتانيين في الجامعات المغربية و تنافس البلدين الجارين على مقعد غير دائم في مجلس الأمن.
و في الربع من يناير 2012 وصل السفير الجديد إلى المغرب ليبدأ في مهمة صعبة، بعد فترة من خلو المنصب بعد إقالة السفير السابق، و وبعد شهر وتحديداُ يوم الرابع من فبراير سلم ولد معاوية أوراق اعتماده للملك محمد السادس؛ سفيرا فوق العادة وكامل السلطة للجمهورية الإسلامية الموريتانية في المملكة المغربية، بحضور يوسف العمراني الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون إبراهيم فرج الحاجب الملكي.
وكان قبل ذلك قد قدم في يناير نسخا من أوراق اعتماده لسعد الدين العثماني؛ وزير الخارجية المغربي. وتم التطرق؛ خلال اللقاء، لسبل تعزيز العلاقات التي تربط البلدين الجارين، بالإضافة إلى أهم الملفات الإقليمية التي تحظى باهتمام مشترك، وأفضت تلك المباحثات وجلسات أخرى لاحقة إلى الزيارة الرسمية التي أداها العثماني لنواكشوط، ودعوة الملك محمد السادس للرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى زيارة رسمية للمغرب.
أعاد ولد معاوية الهدوء لعلاقات البلدين، وبدأت الأمور تعود إلى نصابها، فتجاوز البلدان ما أثير في الإعلام حول خلافات تعود لأسباب ثنائية وأخرى اقليمية.
ولد الوزير والسفير محمد ولد معاوية، عام 1953 في المذرذره بولاية اترارزه جنوب غربي موريتانيا، أكمل دراسته الابتدائية والثانوية، وحصل على الباكلوريا، بامتياز عام 1974، ليلتحق بالمدرسة الوطنية للإدارة، حيث تخرج على رأس دفعة عام 1976 ، إداريا مدنيا.
دخل ولد معاوية الوظيفة العمومية واليا مساعد في كيدي ماغا، وبعدها واليا للحوض الغربي، تدرج بعدها في الوظائف السامية بالدولة، عاما لوزارة الداخلية ثلاث مرات، 1986، وغادرها ليعود لها في العام الموالي 1987، وعاد مجددا ليتولى المنصب نفسه في الفترة : 2000 /2002.
وشغل أيضا منصب أمين عام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بين سنتي 1997 و1999، ثم أمينا عاما لوزارة التخطيط (الشؤون الاقتصادية) من 2002 إلى غاية 2005، حيث اختير مديرا لديوان الوزير الأول سيدي محمد ولد ببكر، بين عامي 2005 و 2007 (خلال الفترة الانتقالية)، قبل أن يعين وزيرا للداخلية واللامركزية سنة 2008، التي يقول بعض من عملوا معه إنه أدارها باتقان وخبرة اكتسبها من خلال عمله الإداري.
وعمل أيضا مستشارا في رئاسة الجمهورية، وكان عضوا في مجلس إدارة كل من : هيئة الحظيرة الوطنية لحوض آرغين، وميناء نواكشوط المستقل (ميناء الصداقة)، وشركة سوكوجيم.
يعد محمد ولد معاوية من المسؤولين القلائل الذين لم ينتموا لأي حزب سياسي، فقد كان يتخذ مواقف سياسية شخصية، في ظل الأنظمة السياسية التي عمل معها.
ألف عدة كتب حول الإدارة في موريتانيا، ويصفه العارفون به بأنه رجل كفاءة ومخلص في الوظيفة، ومن أبرز الإداريين اتقاناً للغتين العربية والفرنسية، ويقول أحد الإعلاميين الذي عرفوه عن قرب إنه رجل يستحق التكريم، نظرا لتفانيه في العمل من أجل موريتانيا لعقود.
في ابريل من العام 2010، أي سنة بعد إقالته من منصبه وزيراً للداخلية برزت أنباء عن استمرار تلقيه راتبه بصفته وزيراً، حيث كان في تونس للاستشفاء خلال عمليات إحصاء موظفي الدولة، وكتبت بعض الصحف حينها أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وبخ وزير المالية السابق كان عثمان، بسبب هذا الخبر وقيل إنه كان السبب المباشر لإقالته.
غير أن ولد معاوية نفى استلامه لراتبه بصفته وزيراً منذ إقالته، وأكّد على أنه يستلم راتبه فقط بصفته موظفا إداريا، و اضطر الوزير السابق إلى تكذيب الخبر؛ من خلال نشر كشف آخر راتب تسلمه لشهر مارس 2010 وهو مبلغ مبلغ 87,663 أوقية فقط (سبعة وثمانون ألفا، وستمائة وثلاثة وستون)، وهو راتبه بصفته إداريا مدنيا : .1Ere Classe Ech ANC 06 Indice 1410
يعود محمد ولد معاوية إلى موريتانيا، حاملا معه أملا كبيراً في التكريم وإعادة الاعتبار، ومعه أيضا تجربة غنية في الرئاسة ورئاسة الوزراء، والداخلية والخارجية والاقتصاد، وقبل كل ذلك في الإدارة الاقليمية.. تجربة لإداري هادئ وكتوم، تقاذفته التجارب والسنوات، فأناخ مطيته في تندغيدسات؛ حيث هدوء لا يقطعه سوى صليل الهواء.