يمثل الشباب الموريتاني حسب الإحصائات الحكومية قرابة 70% من اجمالي السكان وحسب التقديرات ايضا فإن نحو 430الف من هولاء الشباب لايجدون عملا , اللافت في الامر هنا ان موريتانيا ورغم قلة سكانها وثرائها الاقتصادي الكبير المميز تعاني مشكلا عويصا وخطر ارتفاع نسبة البطالة، وبالتالي انسداد الأفق في وجه الشباب الحالم، في ظل هذه المفارقة الغريبة كيف نفسر الظاهرة؟
تتراوح نسبة البطالة في موريتانيا مابين 31% الى35% وتعد هذه النسبة هي الاعلى وسط المعدلات العربية التي تتراوح حول 20% في المتوسط ,وقد بدأت البطالة في التفشي في موريتانيا في سبعينيات القرن الماضي مع سنوات التصحر والجفاف تلتها نصائح البنك المركزي الدولي التي فرضت على الحكومة بوقف تعيين الخريجيين وإعادة هيكلة القطاعات الادارية , تزامن مع هذا كله تراجع قدرة القطاع الخاص على استيعاب مزيد من العمالة سنويا , ويرى البعض ان السبب الحقيقي وراء تفاقم ازمة البطالة في موريتانيا يكمن في عدة عوامل سلبية اهمها :
ان القطاع الحكومي هنا يشغل فقط 3% من قوة العمل البشري , مع عجز واضح للقطاع الخاض على توظيف العمالة فحتى الشركات العملاقة في موريتانيا كالشركة الوطنية لصناعات والمناجم لا تشغل إلا 0.5% فقط من قوة العمل البشري , هذا كله فضلا عن المنافسة الغير عادلة التي يواجهها الشاب الموريتاني في سوق عمله بحيث ان مليون عامل اجنبي يتواجدون هنا ينافسونه فمثلا قطاع الصيد يوفر اكثر من 600 الف وظيفة لا يعمل منها إلا عشرة آلاف موريتاني والباقي للأجانب , هذا في حين ان الرابطة الوطنية لحملة اشهادات العاطلين عن العمل والتي يناهز عدد المسجين بها حاليا اكثر من 2000 يحملون شهادات وفي مختلف التخصصات باتو يشتكون من ازدياد عدد الخريجيين العاطلين وتقلص فرص العمل , وكما ان الوكالة الوطنية لترقية تشغيل الشباب والتي انشأت بهدف الحد من هذه الظاهرة المتفشية باتت هي الآخرى عاجزة عن خلق الفرص الكافية لهذا الجيش الخارق من العاطلين عن العمل والذين لسان حالهم يقول (قوت يومنا بأعناقكم) ,ومما زاد الطين بلا والامر تعقيدا هو السياسة التي اعتمدتها الحكومة مؤخرا في مايعرف بمسابقة الوظيفة العمومية والتي اعتمدت على زيادة فترة التكوين حتى ثلاث سنوات , وهو اجراء اعتبره الكثيرون غير منصف بحقهم ولا بحق حملة الليصانص والماستر والدكتوراه.
هكذا اذن ولأن التعليم في موريتانيا في واد وسوق العمل في واد آخر دفعت الأقدار بغالبية الشباب الموريتاني الى الانغماس في اعمال حرف المجال غير المصنف كالحلاقة والتجارة وغيرها وسط تجاهل تام للحكومات المتعاقبة , والآن وبعد ان استفحلت الازمة وبات خطر انفجارها يلوح بالافق ,صار لزاما على الدولة وبأعتبار اننا اتصبحنا بموريتانيا جديدة معالجة هذا المشكل ووضعه في الحسبان حتى تتمكن من حله حلا جذريا منافي لسياسات المتعجرفة والمتخبطة السابقة , وعلى الحكومة هنا ان لاتنسى بأن أزمة البطالة كانت المحرك الأول للربيع العربي.