“صحراء ميديا” ترصد مشاهد من مدينة تحاول نسيان “أزماتها”
ألاك – محمد ولد زين
يحل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ظهر اليوم؛ ضيفا على مدينة ألاك عاصمة ولاية لبراكنه؛ التي ازّينت لهذا الحدث متناسية جراحات تضربها في الصميم؛ وباتت شوارع المدينة مكتظة بحراك محموم ظاهره سياسي؛ وباطنه ولاية منكوبة تقاوم طاعون الجفاف ونفوق ثروتها الحيوانية.
هذا وتنتظر ساكنة ولاية لبراكنه من ولد عبد العزيز أن يسير على البساط الأحمر بخفة وأن لا تنسيه المظاهر البروتوكولية؛ أنه يزور ولاية أجل القدوم إليها أكثر من ثلاثة مرات سابقة، وتعيش عديد الأزمات.
“ما هذه ألاك التي عهدناها، بل هي موريتانيا كلها”؛ يقول الشاب محمد الأمين وهو يحدق في السيارات الفارهة التي ملأت المدينة؛ محاولا تلبية طلبات زوار مطعمه المتواضع؛ مؤكدا أن “المشوي يلقى رواجا هذه الأيام”؛ متمنيا أن “تطول زيارة الرئيس”؛ يقول محمد الأمين ضاحكا.
مدينة “ألاك” التي تبعد 262 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة نواكشوط؛ باتت منذ أيام قبلة لرجالات السياسة وصناع المشاهد الاحتفالية الذين اكتظت بهم المدينة الصغيرة، ذات الوجه الشاحب بفعل النقص الحاد للأمطار هذه السنة والذي افقد المدينة غطاء نباتيا معهودا هاهنا.. وبدت الحقول الزراعية التي كانت خضرتها تستقبل زائري مدينة “المشوي” والأبقار التي كانت في السابق سائبة؛ وهي اليوم لا تبارح حظائرها في مشهد يقرؤه الظرفاء على انه إصرار ما تبقي من أبقار المدينة على أن تكون جزء من مشهد توضع رتوشه التجميلية الأخيرة سويعات قبل وصول الرئيس الموريتاني إلى ألاك المحطة الأولى ضمن جولته في ولايتي البراكنه وكوركول.
سيتحدث الرئيس محمد ولد عبد العزيز مساء اليوم إلى ساكنة تنظر بكثير من الامتعاض لخطة “أمل 2012” وما ورثته من أخطاء “عملية التضامن” التي ظلت الساكنة هنا تطالب بزيادتها قبل ميلاد “أمل”.
لا يعرف فيما سيتحدث الرئيس؛ وكل ناشط في ميدانه يحلم بان يلقي الاهتمام وان يذكره الخطاب الموعود، المنمون والذين فقدوا آلاف رؤوس الأبقار قبل أسبوعين لن يغيبوا عن الخارطة؛ والشيء نفسه يمكن قوله عن مزارعي ولاية زراعية ورعوية بالرغم من أن ثلثي مساحتها عبارة عن صحراء، فإن هذه الولاية تضم 3 غابات مصنفة تتواجد في مناطق بوكي، بابابي وامبان وتغطي مساحة مليون هكتار؛ وفضلا عن ذلك تحتضن الولاية بحيرة “ألاك” و”مال”؛ وبركتا “كاديل وشكار”، اللتان تجتذبان ضفافهما بعض النشاطات الزراعية الموسمية.
ينتظر المراقبون بشغف كبير ما قد يسفر عنه قرار والى لبراكنه القاضي بحظر رفع الشعارات في مهرجان اليوم واستبدالها بالأعلام الوطنية؛ قرار يري البعض انه لن يخفي مطالب قد تصدح بها الحناجر بدل الشعارات .. في انتظار خيارات ومطالب تطبخ على نيران هادئة في مقاطعتي “بوكي وبابابي” معاقل حركة “لا تلمس جنسيتي” وهناك سيرتفع سقف المطالب.
مشاهدان بارزان في ألاك هذه الظهيرة؛ أولهما المئات من ساكنة ضواحي المدينة والذين يتم تفويجهم إلى ملتقى طرق ألاك ليكونوا عونا لمهرجان المساء؛ والثاني عديد الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والتي يتم تفريغها عند مخازن مفوضية الأمن الغذائي في المدينة وسط تجمهر العشرات من السكان والعربات والسيارات.
إداريا؛ تقسم ولاية لبراكنه إلى خمس مقاطعات هي: ألاك؛ بابابي؛ بوكى؛ امباني؛ ومكطع لحجار؛ ويبلغ تعدادها السكاني قرابة 247000 نسمة.
صحيا؛ تحتضن مدينة “ألاك” مستشفي جهويا يشرف عليه طاقم من 12 شخصا؛ أربعة منهم برتبة أطباء دولة و4 ممرضات اجتماعيات وأربع قابلات فقط؛ ولا يوجد فيه طبيب عام؛ ويعاني من نقص في الأخصائيين وتحديدا في أمراض الأطفال والنساء والقلب ومتخصص في جراحة العظام؛ فضلا عن انعدام بنك للدم.
ويتوفر المستشفي علي سيارة إسعاف واحدة جاهزة تصل ليلها بنهارها ما بين نواكشوط ومستشفي حمد بن خليفة في أبي تلميت.
من الناحية التنموية تتوفر الولاية التي توصف بـ”المنكوبة”؛ على ثروة حيوانية كبيرة؛ أكدت الإحصائيات قبل الكارثة الأخيرة أنها تقارب 72 ألف رأس من الإبل؛ و 150 ألف رأس من البقر؛ وحوالي 1.400.000 رأس من الغنم؛ فضلا عن 18.000 رأس ما بين الخيول والحمير.
اقتصاديا أنشعت هذه الزيارة التجارة في المدينة؛ واكتظت مطاعمها البدائية بالزوار؛ وتم حجز كافة إقامتها؛ فضلا عن تأجير بعض المنازل في ألاك لتحتضن سكان المقاطعات والقرى القريبة الذين تم تفويجهم لحضور المهرجان الذي سيفتتح به الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز زيارته لولايتي لبراكنه وكوركول والتي تدوم ثلاثة ايام.