أراد تغيير اسم القاعدة إلى “مجموعة تحرير الأقصى” ونصح بالاحتفاظ بالرهائن الفرنسيين حتى رئاسيات فرنسا
في عدد من وثائق ورسائل أسامة بن لادن قامت الإدارة الأمريكية بنشرها يوم الخميس الماضي يظهر “زعيم الجهاد العالمي” وكأن نفوذه على الأتباع ضعيفا حين “يشتكي” من أخطاء ترتكبها تنظيمات تتحرك باسمه وتدين بالولاء لتنظيم “القاعدة الأم”.
أكثر من 6000 وثيقة حصلت عليها قوات أمريكية خاصة أغتالت بن لادن يوم 02 مايو 2011 بمدينة أبوت آباد الباكستانية، اختار منها مركز مكافحة الارهاب 17 رسالة نشرها عبر الموقع الالكتروني التابع له مرفقة بتقرير معنون بعبارة “بن لادن المهمش”.
على الرغم من أن اختيار الرسائل يوضح نوعا من تعمد إظهار فقدان بن لادن للسيطرة على التنظيم ووصفه بأنه “زعيم غاضب يصدر تعليمات لا يتم التقيد بها”، إلا أن مراقبين يرون أن نشر الرسائل بالتزامن مع حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية يهدف إلى الرفع من حظوظ باراك أوباما في إعادة الانتخاب لمأمورية ثانية.
الرسائل التي تم نشرها على الموقع الالكتروني لمركز مكافحة الارهاب التابع لمدرسة ويست بوينت العسكرية، أرسلت في الفترة ما بين 2006 و2011 حيث تنوعت من رسائل إلكترونية إلى أخرى ورقية قيل إنها كتبت بخط يد أسامة بن لادن، منها 175 صفحة باللغة العربية و 197 صفحة باللغة الانجليزية.
صورة “القاعدة” واسمها
في رسالة كتبها زعيم القاعدة شهر مايو 2010، قبل عام من مقتله، يتأسف حيال قيام من وصفهم ب”المجاهدين” بعمليات تسفر عن سقوط ضحايا من المسلمين، معتبرا أن ذلك “يعطي حجة قوية للأعداء”،
ويقول بن لادن في رسالته “بعد انتشار المجاهدين في العديد من المناطق، تورط البعض من إخواننا في معركة مع أعدائنا المحليين وارتكب العديد من الأخطاء بسبب سوء تقدير الإخوة الذين يخططون للعمليات”، معتبرا أن قتل المسلمين في هجمات التنظيم “قضية يجب أن نوليها الاهتمام”.
وعن صورة القاعدة يقول بن لادن إن “الهجمات التي تنفذ من دون الانتباه لاحتمال سقوط ضحايا مسلمين أثرت على تعاطف الجماهير مع المجاهدين”، مضيفا أن “هذا قد يجعلنا نكسب معارك لكننا نخسر الحرب في نهاية المطاف”، وفق تعبيره.
وفيما يخص علاقة التنظيمات الفرعية بالقيادة المركزية لتنظيم القاعدة الأم كان بن لادن صريحا في رسالة بريدية موجهة إلى “القادة الجهاديين” يطلب منهم فيها “احترام سلطة القيادة المركزية للقاعدة”، فيما يطلب من أحدهم “إعداد مذكرة تضم القواعد الواجب اتباعها للاتصال مع المجاهدين إضافة إلى السياسة الواجب اتباعها بشأن الأعمال العسكرية”، في مساعي واضحة لإعادة بناء التنظيم ومراجعة هياكله.
مساعي بدت واضحة في طريقة حديث بن لادن عبر مراسلاته عن تسمية “تنظيم القاعدة” حيث يقول إنها “تسمية اخترعها الغرب”، ولكن ذلك لم يمنعه من أن يتبناها حيث يقول “برأيي يمكن بلا أي مشكلة استخدام هذه العبارة لتوضيح الأمور”.
ولكنه في رسالة أخرى يتساءل عن مدى قابلية التنظيم لعملية إعادة التسمية، حيث يقول إن اسم “القاعدة” لا “يحمل طابعا إسلاميا”، فيما يقترح عدة تسميات منها “حزب توحيد الأمة الإسلامية” و”مجموعة تحرير الأقصى”.
بن لادن والرهائن الفرنسيين !
قبل أيام من اغتيال بن لادن، 26 إبريل 2011، كان قد وجه رسالة إلى قادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ينصحهم فيها بالاحتفاظ بالرهائن الفرنسيين حتى الانتخابات الفرنسية، وبشكل خاص تفادي إعدامهم ما دامت فرنسا تحظى بدعم من بعض الدول العربية والمسلمة في الحرب على نظام القذافي في ليبيا.
وفي رسالته التي كانت موجهة إلى قيادي في التنظيم يدعى أبو عبد الرحمن، قال بن لادن في معرض حديثه عن الربيع العربي “فيما يخص الرهائن الفرنسيين لدى إخوتنا في المغرب الإسلامي، أود الاحتفاظ بهم لأن موقف فرنسا من الشعب الليبي لا يسمح بقتل الفرنسيين”.
مشيرا إلى أن مقتل الرهائن ستنتج عنه ردة فعل “سلبية” في أوساط الشعوب المسلمة التي يؤيد أغلبها نيكولا ساركوزي بعد التدخل الفرنسي ضد نظام معمر القذافي الذي بدأ شهرا قبل كتابة الرسالة.
ويواصل بن لادن “إذا كان علينا قتلهم، فيجب أن يكون ذلك بعد نهاية الأحداث في ليبيا”، ناصحا بالاحتفاظ بهم حتى “نهاية الانتخابات” الرئاسية والتشريعية في فرنسا ربيع 2012، طارحا في نفس السياق حلا وسطا حين قال “إذا كانت هنالك صعوبة فيمكن مقايضة نصف الرهائن والاحتفاظ بنصفهم الآخر”، وفق تعبيره.
وحسب مجريات الأمور بعد عام من مقتل بن لادن وكتابته لهذه الرسالة، التي يبدو أنها كانت آخر رسائله، فإن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ما يزال محتفظا بأغلب الرهائن الفرنسيين، وهو ما يفهم منه انصياعهم لرغبة بن لادن الأخيرة على العكس مما يشير إليه التقرير الأمريكي الذي رافق الرسائل.
بن لادن.. “المهمش”
يقول التقرير الذي نشره مركز مكافحة الإرهاب التابع لمدرسة ويست بوينت العسكرية إن بن لادن “فضلا عن كونه بعيدا عن قيادة عمليات المجموعات الجهادية الإقليمية، فإن اللهجة التي يستخدمها في بعض رسائله تظهر أنه كان يجد صعوبة في التأثير عليهم ولو قليلا”.
وأكد التقرير المطول “بن لادن كان يعارض الطريقة التي تعمل بها التنظيمات الإقليمية، حتى لو لم يكن ينوي علنا أن يبتعد عن عملياتها”، وفق تعبيره.
وكان مصدر أمني من داخل لجنة دراسة الوثائق قد أكد لوكالة أفرانس برس أن “نحو 200 مفكرة وكراسة وحواسيب ومفاتيح يو اس بي” كلها تظهر أن بن لادن “لم يعد منذ فترة طويلة منخرطا في القيادة اليومية للتنظيم”.
وأضاف المصدر الذي فضل حجب هويته “أن المخطوطات التي جمعناها هي في معظمها تعبير عن مواقف عامة من نوع (يجب الاستمرار في مهاجمة اميركا) أو (هل يمكن ان نثق في الشباب الصوماليين)، فيما كان أكثر من ثلث الوثائق يتناول أمورا خاصة مثل جهود إحدى زوجات بن لادن في العثور على زوج لإحدى بناته”.