إحدى المطربات استدعيت لـ”انشاد بيت حرب في ساحة حوار”
نواكشوط ـ سعيد ولد حبيب
اكتظت صالة الجمهور في دار الشباب القديمة وجنباتها بالمناصرين، حتى وصل صدى تظاهرة أحزاب الحوار خارج نطاق الحيز المكاني للمناسبة.
تحول المؤتمر الصحفي الذي دعت له التشكيلة الجديدة الى مهرجان شعبي اختلطت فيها اصوات نشطاء احزاب التحالف والوئام والصواب باوتار عازف التدينيت ودندنات طبول افريقية صغيرة وفرق الراب والهيب التى احيت الامسية.
الطابع الفلكوي لم يطغ على المادة السياسية الدسمة المراد اعلانها من خلال اللقاء، وان لم تشف غليل المتابعين الذين وعدوا بتفاصيل اكثر في المؤتمر الصحفي الذي أجل بسبب الإرباك الذي أحدثه الجمهور.
ومع دخول قادة الاحزاب الى القاعة، مخترقين صفوف المشجعين على وقع التصفيق والزغاريد، بدأت ملامح كتلة سياسية جديدة تنضاف الى المشهد الموريتاني في التبلور، لتتوقف قليلا تغريدات الجمهور حينما استدعيت إحدى المطربات لانشاد بيت حرب في ساحة حوار.
تشكل الحماسة قوة دفع في مثل هذه الظروف الحساسة من تاريخ التجاذب السياسي في بلاد المليون سياسي.. علق رجل خمسيني وقف على أخمص قدميه في قاعة أمتلات بالمناضلين، وطفق يتحدث عن “وطنية مسعود وصراحة بيجل وعروبة عبد السلام.. وفي هذا الخضم كان قادة الاحزاب – الذين شاركوا في حوار سابق مع السلطات هو الاول من نوعه منذ اتفاق دكار – يكتبون الأحرف الاولى من نص معاهدة تتضمن التزامهم بتشكيل كتلة سياسية باسم “المعاهدة من أجل التناواب السلمي”.
على المنصة الرسمية جلس رؤساء الاحزاب المتبنية للمبادرة بينما اتخذ أحد نشطاء التحالف لثامه مروحة لرئيس الحزب.. كان ولد حرمة وبيجل يغرقان في عرقهما في جو ساخن.. سلك خطب التشكلة الجديدة مسارين في النقد، وجه احدهما لمنسقية المعارضة، بينما وجه الآخر للنظام، وبين المسارين مساحة محدودة من التفاؤل، مثلها تعبير القادة عن ارتياحهم لنتائج الحوار، مستدركين بانه إذا لم يتم تطبيق نتائجه بالكامل، فلا مندوحة من حوار ثاني مع باقي أحزاب منسقية المعارضة المقاطعة، لعلهم يشمون في الأجواء رائحة حوار جديد قد يدخل فيه النظام مع المعارضة الراديكالية التى اخترات النزول الى الشارع، ورفع شعار “الرحيل”.. يقول احد المراقبين.
مضت أشهر عديدة على خروج تلك الحزاب من منسقية المعارضة، وتفضيلها حوار سياسي توصلت من خلاله الى نتائج تضمن جملة من المكاسب التى يراها المتحاورون ايجابية، ويرها غيرهم حصادا زهيدا.
منذ ان تمت إجراءت الطلاق بين الطرفين جرت مياه كثيرة تحت جسر العلاقة بينهما.. تحامل رئيس حزب الوئام بشدة على خطاب المعارضة المحاروة، معتبرا أن جلبتها تحدث إرباكا لنظام عام، وتهدف الى الفوضى والثورة التى لا يمكن – بحسب تعبير بيجل – ان تحدث في موريتانيا، لاختلاف الظروف والمعطيات. بحسب تعبيره.
وفي اطار الحرب الكلامية المزوجة لاصحاب التشكلة السياسية الوليدة، وجه ولد حميد سهام نقد حادة الى أحد اطراف المعارضة لم يذكر اسمه، واكتفى بالتلميح، واتهمه بالتقليل من حجم المعارضة المحاورة في إحدى مهرجانات الاعتصام التى نظمت مؤخرا بنوكشوط، قبل ان يصوب سهم انتقاداته نحو الحزب الحاكم قائلا ان الحصص التى يمنحها الاعلام العمومي لنشاطاتهم محدودة، وانهم هم الذين يؤجرون وسائل التسجيل والتصوير بخلاف الحزب الحاكم الذي يحظى بابواب الاعلام العمومي المفتوحة له.
يعتب بيجل على عدم تكافؤ الفرص في التغطية الاعلامية الرسمية، بينما يهمس لنا موظف في إذاعة موريتانيا بأن خطاب بيجل وهو يتحدث يتم نقله لأول مرة عبر أمواج الأثير.
“المعاهدة من اجل التناوب السلمي” تركت الباب مفتوحا امام الراغبين من المعارضة المقاطعة في الانضمام اليها، لكنها اشترطت على من يريدون ذلك تحرير رسالة تتضمن طلبا بالانضمام، بينما تساءل أحد الحاضرين عن سبب تخصيص أحزاب المنسقية، دون ترك الباب مفتوحا أمام الجميع.. سؤال كنا سنحمله مع أسئلة اخرى في جعبتنا الى المعنيين، لولا تعليق المؤتمر الصحفي الذي كان مقررا.
تعليق ترك بحسب البعض أكثر من علامة استفهام إزاء الموقف الجديد الذي عز على المراقبين تفكيك شفراته، بحسب أحدهم.
ووجد البعض في الوثيقة التى تمت تلاوتها، المجال الوحيد لمعرفة حدود العلاقة بين الكيان الجديد، و وكلا من النظام ومنسقية المعارضة.
المعاهدة الجديدة انتقدت بشدة الاوضاع المعيشية للسكان، واتهمت الحكومة بالعجز والفشل، ودعتها إلى انتهاج سياسة جديدة في مجال محاربة الغلاء والجفاف، ووصفت الوضع الامني بالمقلق والمتدهور، سيما منذ ان تدهورت الأوضاع في جمهورية مالي المجاورة.
وبررت المعاهدة تأسيسها في هذه الظروف بجملة من الاسباب، من بينها ما سمته الوثيقة “التوتر المتزايد” وما يغذيه من نداءات علنية، تطلقها بعض أحزاب المعارضة، للتمرد والثورة والفوضى والتغييرات اللادستورية العنيفة”.
واكدت ان المعارضة المقاطعة يطبع مكوناتها عدم التجانس، حيث لا يجمعها سوى معاداة رجل، أقدمت بجرأة على أن تكون هي الداعم الأساسي في تمريره كجنرال انقلابي. بحسب الوثيقة.
وأضافت المعاهدة “إن منسقية المعارضة قررت عمدا أن تكون خارج اللعبة الديمقراطية بتحريضها المتواصل عبر رفع شعارين تقليديين: طرد رئيس الدولة بالقوة، وإعلان لا شرعية البرلمان، دونما تنازل منتخبيها عن أدنى الفوائد والامتيازات التي يحصلون عليها”.
وأشارت الى ان الدعوة لحوار جديد “تأتي ضمن تكريس الغموض والالتباس” وفق تعبيرها.
ووصفت الوضعية احالية في البلد بنها تتسم بـ”تفاقم التدهور العام لظروف معيشة السكان، تهديد المجاعة ونفوق المواشي، وارتفاع الأسعار، وتوقف جميع النشاطات في قطاع الاقتصاد باستثناء قطاعات فرعية محدودة تحظى بامتيازات خاصة، فضلا عن المضايقات الغريبة وغير المبررة التي طالما تعرض لها الفاعلون الوطنيون الاساسيون، كأنما يراد منها نزوحهم وإفلاس مؤسساتهم أو دفعهم إلى تهريب أموالهم إلى الخارج، منتثدة في الوثت ذته طريقة تسيير خطة املل ، واتهمت لقئمين علية بالمحسوبية والزبونية وعدم العدالة”.