واصلت الصحافة العالمية والعربية هذا الأسبوع تغطية تطورات الثورات العربية خصوصا مع حلول الذكري لأولي لتفجر الثورة التونسية علي يد البوعزيزي ، وتناولت ما حققته هذا الثورات حتى الأن من إنجازات تحسب للديمقراطية، وتعرضت بصورة خاصة لصعود الإسلاميين بقوة في الدول الثلاثة التي جرت فيها الإنتخابات حتى الآن مثل تونس ومصر والمغرب ، وتراجعت الأخبار اليمنية إلي الصفحات الداخلية إلا أن العناوين الثلاثة التي كانت أكثر بروزا هي :
الأزمة السورية
الإنسحاب الأمريكي
التغيير في كوريا
الأوضاع في سوريا : تعرض جورج سمعان للأوضاع في سوريا في مقال نشره في صحيفة الحياة اللندنية تناول فيه المبادرات المتعددة التي تبذلها بعض الأطراف لحل الأزمة السورية ، مثل المبادرة العربية ،والمبادرة الروسية ، والمبادرة العراقية – الإيرانية . ويقرر في مقاله أن الأزمة وصلت إلي طريق مسدود ، فلا المعارضة قادرة علي إسقاط النظام ، ولا النظام قادر علي إخماد الإنتفاضة ، ولا التدخلات الخارجية قادرة هي الأخري علي حسم النزاع وتغليب كفة هذا الطرف أو ذاك . ويطرح الكاتب ثلاثة سيناريوهات قد تسير فيها الأزمة السورية : السيناريو الأول هو سيناريو التقسيم الذي يفرضه تكافؤ موازين القوي بين الأطراف المتصارعة ويصفه بأنه أسوأ السيناريوهات . السيناريو الثاني هو سيناريو الحرب الأهلية الطويلة ويصفه بأنه الأقل سوءا والأكثر إيلاما . أما السيناريو الثالث فهو سيناريو نجاح الأسد في الخروج من الأزمة اعتمادا علي قوة جيشه وتماسك أجهزته الأمنية وعندها ستصبح سوريا كوريا شمالية في الشرق الأوسط .
يبقي خيار رابع لم يتعرض له الكاتب وهو خيار التدخل العسكري لحماية المدنيين علي غرار النموذج الليبي وهو ما تناوله إبراهيم مرعي في صحيفة الخليج الإيماراتية ، ويقول الكاتب إن المطالبين بالتدخل طرقوا كل الأبواب إلا أنهم لم يجدوا أذنا صاغية ، فالأوروبيون الذين يعانون من أزمة اقتصادية ، يحسبون الأيام والليالي للخروج من أفغانستان سنة 2014 ، وهو خروج يوشك أن يعود بطالبان إلي السلطة ، ويذهب بالتضحيات الغربية أدراج الرياح . وهناك مشكلة الدرع الصاروخي الذي نصبه الحلف الأطلسي في تركيا والذي يعيد أجواء الحرب الباردة بين روسيا والغرب ،. ونظرا لإنشغال الحلف بهاتين القضيتين يخلص الكاتب إلي استبعاد التدخل الأطلسي ، حتى ولو وقعت أشتباكات بين الجيش التركي والجيش السوري ، فهذه الحالة لا تدخل في إطار المادة الخامسة من نظام الحلف الذي يفرض عليه التدخل . هناك سبب آخر يدفع الكاتب إلي استبعاد التدخل الغربي وهو خوف الغربيين من الصعود الكاسح للإسلاميين الذي ظهر في كل من تونس ومصر والمغرب، ويتخوفون منه أيضا في سوريا ..
أما الخيار الخامس أي أن تنجح الثورة السورية ويكون ” الرئيس السوري برهان غليون ” فلم يتعرض له أحد من الكاتبين إلا أن الشاعر العراقي سعدي يوسف تطرق له بطريقته الخاصة .
كوريا الشمالية
صعدت كوريا الشمالية من جديد إلي واجهة الأحداث و الإهتمام الدولي ولكن ليس بسبب تجاربها النووية أو صواريخها الإستفزازية للآمريكان وحلفائهم من اللكوريين الشماليين واليابانيين ولكن بسبب وراثة طفل صغير حكم دولة نووية مارقة بعد وفاة والده إثر نوبة قلبية .
وقد بدأ الإعلام الرسمي الكوري الشمالي في تلميع صورة هذا القائد الجديد الذي يصفه بكل أوصاف البطولة ويضفي عليه كل صفات القداسة ، فهو معبود الجماهير ، ومحرر الشعب ، والقائد الفذ ، والعبقري الذي لم يجد به الزمان ، وقد ارتقي الزعيم الغالي إلي هذه المكانة القدسية في في فترة قياسية لا تتجاوز يومين ! و ورث الدكتاتورية أبا عن جد. ولا يعرف الكثير عن الحاكم الجديد سوي أنه الإبن الأصغر لـــ(. كيم جونغ إيل …) وأنه حمل السلاح لأول مرة وعمره ثلاث سنوات ! و أصبح جنرالا بأربعة نجوم ولما يبلغ 28 سنة .! وأن والدته راقصة يابانية توفيت قبل سنوات بالسرطان ، وأنه قضي سنتين يدرس في سويسرا باسم مستعار ، والكثير من هذه الأخبار مصدرها طباخ ياباني كان يعمل في القصر الرئاسي في فترتين زمنيتين متقاربتين بين سنتي 1988- 1996 وسنتي 1998-2001.
ويضرب نظام بيونغ يانغ ستارا من السرية النووية حول شخصياته القيادية ، الذين لا يسمح لهم بالسفر في الخارج إلا للضرورة القصوي مثل العلاج من مرض عضال ، وفي كثير من الأحيان يسافرون باسماء مستعارة ، وقد يلجأ نظام بيونغ يانغ في بعض الحالات لإستدعاء أطباء غربيين لعلاج بعض أعضاء السلالة الحاكمة دون الإفصاح للأطباء عن هوية المريض الذي يعالجونه، وقد ذكر بعض هؤلاء الأطباء أنهم عالجوا مرضي دون أن يروا وجوههم التي كانت مغطاة بنظارات سميكة !
وتطرح في بيونع يانغ مجموعة من الأسئلة حول مصير جثة (. كيم جونغ إيل …) هل سيتم تحنيطها وعرضها بصفة دائمة علي الجمهور إلي جانب والده كيم أيل سونغ إتباعا لسنة من سبقه من كبار الشيوعيين في العالم أمثال لينين واستالين وماوتسيتونغ ؟ أم سيتم حرقها وذر رمادها في الهواء ؟ والكثير من الخبراء الإقتصاديين يتمنون الخيار الأخير ، لأن كلفة صيانة جثة الجد المؤسس للسلالة الحاكمة كيم أيل سونغ ، تكلف الميزانية الكورية أكثر من مليون دولار كما كشف ذلك أحد الخبراء الروس ! .
انسحاب القوات الأمريكية من العراق : انشغلت الصحافة العربية والعالمية بالتعليق علي الإنسحاب الأمريكي من العراق بعد تسع سنوات عجاف من الإحتلال الأمريكي لبلاد الرافدين ، خلفت وراءها بلدا منقسما مذهبيا وعرقيا ، ومئات الآلاف من القتلي العراقيين وأضعافهم من المهجرين . وفي هذا الإطار كتب معن البياري في صحيفة الدستورالأردنية مقالا عن مفارقات المشهد العراقي الذي يتمثل في “ابتهاج ” الأمريكيين ” بهزيمتهم “، “وفزع” العراقيين من” انتصارهم ” وانشغال الدول العربية الأخري بالإنتفاضات المشتعلة بها عن متابعة الشأن العراقي المفتوح علي كل الإحتمالات .
كما كتب المحلل أندرو كوين مقالا عن التعقيدات والتحديات التي تواجه الدبلوماسيين الأمريكيين في أكبر سفارة عرفها العالم في التاريخ وهي سفارة الولايات المتحدة في بغداد . وهي سفارة لا كباقي السفارات ، إنها تشبه الثكنات العسكرية من حيث التحصينات التي تحيط بها والأسلحة المتطورة التي بداخلها ومنها رادارات حديثة و أجهزة متطورة للإنذار المبكر ضد الصواريخ و وقذائف المدفعية ، هذا مع ” جيش ” من الموظفين يناهز عدده الستة عشر ألفا يتوزعون علي مهام الإستشارات الأمنية ، والعقود التجارية ، وأعمال الميكانيكا والسكريتاريا ، والإتصالات، والطبخ .. والعمل الدبلوماسي ايضا ! .
وتبلغ ميزانية هذه السافرة أكثر من ستة مليارات من الدولارات الأمريكية، ويمثل هذا المبلغ أكثر من ربع الميزانية السنوية لوزارة الخارجية الأمريكية !.