نظم المركز الثقافي المغربي بنواكشوط نهاية الأسبوع الأخير من سنة 2011 محاضرة لأنشطة هذه السنة عنونها بالتثاقف بين المغاربة والشناقطة من خلال رحلة البشير بن امباركي الموريتاني باعتباره احد أهم أعلام الثقافة والفكر في المنكب البرزخي (موريتانيا) في القرن التاسع عشر .
وقد شكلت تلك المحاضرة مناسبة للدكتور محمد قادري مدير المركز الثقافي المغربي بنواكشوط للإشادة بأهمية هذه المحاضرة في ربط الصلات بين المغاربة والموريتانيين إذ وصف رحلة بن امباركي باعتبارها” رحلة علمية بالغة الأهمية و من أهم الرحلات الحجازية المنظومة حيث استعرض صاحبها ضمنها الكثير من المعارف والعلوم مركزا بشكل خاص على محطات الحج وأركانه وواجباته دون ان ينسى الحديث عن الصلات الثقافية التي ربطت بلاده يومئذ بمختلف المراكز الثقافية وخاصة المغربية ومنها فاس ومراكش وغيرها”.
وأضاف قادري خلال استهلاله للمحاضرة التي قدمها الأستاذ والباحث محمذن ولد المحبوبي “أن أهميتها تكمن في كونها تشكل محورا هاما وثابتا ضمن المواضيع الأساسية للمركز فضلا عن ما تقدمه من فوائد للباحثين في مجال التاريخ والتراث الثقافي العربي الإسلامي في منطقة المغرب الإسلامي بصفة عامة كما أنها تذكرنا بجسور التواصل العريق والدائم على المستويات الثقافية والعلمية والروحية التي ميزت عبر الأجيال المتعاقبة العلاقات الأزلية بين المغاربة والشناقطة، وهذا التلاقح الفكري تناولته عدة محاضرات سابقة نظمها المركز الثقافي المغربي وكانت أيضا موضوعا لعدة أعداد من سلسة منشورات المركز”. يختم قادري.
المحاضر محمذن ولد المحبوبي تطرق خلال محاضرته إلى اثر الرحلة على الصلات بين الشناقطة والمغاربة وعرف بصاحب الرحلة المسمى ابو محمد البشير بن عبد الله المباركي المولود في بيت علم ينحدر من مجموعة تشمشة كما برع منذ بداية حياته في الحفظ والتاريخ متأثرا بالوسط الثقافي والعلمي الذي كان يحيط به، ففي هذا الوسط المعرفي يضيف المحاضر ولد بن امباركي واخذ عن عدد من العلماء من أبرزهم خاله الذي كان يعرف بابن حنبل، كما اقام في محظرة محمد بن احمد بن العاقل و تربى تربية صوفية على يد سعد بوه، أما رحلته فقد قام بها وهو في حدود العشرين من العمر الأمر الذي انعكس على محتوى الرحلة حيث لم يتطرق صاحبها لوصف عادات الشعوب وتقاليدها، بل انه ركز على وصف الرحلة وتفاصيل مناسك الحج ويعود ذلك الى أن احتكاكه كان مقصورا على السلاطين وأفراد السلطة .
وحول التاريخ العلمي لابن امباركي قال المحاضر انه أسس في حياته محظرة تخرج منها عدد من العلماء وترك عديد المؤلفات من بينها أثار تقليب المسالك الى معرفة المناسك،الصارم والقوي في تعريف الشيخ وذوي الكرامة والولي وغيرهما من المؤلفات كما ان له ديوان شعر يضم مختلف الأغراض كالصوف والزهد والمدح والتوجيه والرثاء،كما مهدت رحلته للكثير من الصلات الثقافية بين الشناقطة والمغاربة والمشارقة في بداية القرن الرابع عشر الهجري وصف فيها مناسك الحج ومسالك الارتحال ومميزات قوافل الحج وأهمية وسائل النقل بأسلوب أدبي منظوم وسهل استخدم فيه براعة الاستهلال والتضمينات والاقتباس والجناس والتشبيه .
وختم المحاضر كلامه بالقول إن هذه الرحلة المكتوبة تعد من اهم فنيات الرحلة الحجازية وأشبه ما تكون بدليل الحج والعمرة.