“كذب المنجمون ولو صدقوا”
كان هذا الأسبوع أسبوع المنجمين والكهنة بدون منازع ، فقد أحتلت تنبؤاتهم عناوين الصحف العربية والعالمية حتى الرصينة منها . وهكذا تصدر المشهد المنجم التونسي حسن الشارني الذي يرأس حاليا الإتحاد الدولي للفلك والتنجيم والذي تلقي كهاناته رواجا كبيرا في الولايات المتحدة ، الأمريكية ، ومن سجله الذي يفتخر به تنبؤه بأحداث الحادي عشر سبتمبر.
ومن الذين تصدروا المشهد أيضا اللبنانية “ماجي فرح ” التي تجمع بين التنجيم والإعلام ، وتحقق كتبها إنتشارا واسعا في العالم العربي يفوق إنتشار مؤلفات طه حسين و العقاد و نجيب محفوظ . وبرز المنجم المغربي الخطابي الذي توقع ازدياد العداء والتوتر هذه السنة بين الجزائر والمغرب ، وتزايد المناوشات العسكرية بين الجيش الجزائري والجماعات الإسلامية . وتكهن بأن هذه السنة ستشهد غياب قائد دولة من دول المغرب العربي .
وفي المشرق العربي كانت تنبؤات المنجم ميشل حايك أكثر التنبؤات إثارة للفضول ، وهي لم تضئ عتمة الواقع السوري بقدر ما زادته غموضا حيث قال: إن الربيع العربي لن يزهر في دمشق قريبا، وإن الإعلاميين سيسألون عن وليد المعلم وبثينة شعبان ، وأن الرئيس السوري سينعت من طرف أحد أركان نظامه بكلمة ” ولد”، إلي آخر تلك الطلاسم والألغاز .
كما أفسحت الصحف أيضا صفحاتها لتحليلات المنجمين الجدد أقصد مراكز البحث وبيوت الخبرة الدولية التي تصدر هي الأخري ” تكهناتها ” مدعومة بالأرقام والجداول والسيناريوهات. فمجلة فورين بوليسي الأمريكية المشهورة تصدر بالتعان مع مجموعة الأزمات الدولية تقريرها السنوي الذي تتوقع فيه اشتعال عشرة حروب هذا العام، بالتمام والكمال …. أولاها في سوريا ! .
أما العراف ابريجنسكي الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر فقد انطلق من مسلمة التراجع الأمريكي وبدأ يبني عليها مجموعة من الإفتراضات و يرسم رؤية مستقبلية لتداعيات هذا الترا جع الذي يؤكد أنه لن يكون بالضرورة إيجابيا ولن يكون لحساب السلم العالمي كما يقول بل إنه سيفتح صفحة جديدة من الإضطرابات الدولية لوراثة زعامة العالم بين الدول الطامحة لهذه الزعامة وهي الصين والهند والإتحاد السوفيتي ولبرازيل وتركيا . وسيكون من نتائج التراجع الأمريكي تفكك الكثير من التحالفات الدولية مثل الإتحاد الأوربي الذي سينقسم مجددا إلي عدة تحالفات صغيرة ، حيث يتوقع ابريجنسكي أن ينفرط العقد الفرنسي الألماني ، وتبدأ ألمانيا وإيطاليا في الدوران حول الفلك الروسي.
أما الدول التي كانت حليفة لأمريكا وتحتمي بعباءتها فستدفع ضريبة ذلك التحالف ، وستتعرض ثماني من هذه الدول إلي إنقراض جيوسياسي بطيئ ، وستبتلعها الدول الصاعدة القريبة منها جغرافيا ،أنتقاما وقصاصا من تحالفها مع آمريكا سابقا . والدول المهددة با” لإتقراض ” هي جورجيا ، وتايوان ، وكوريا الجنوبية ، وبيلاروسيا أوكرانيا ، باكستان ، أفغانستان ، و إسرائيل ، وستهتز منظومة الشرق الأوسط كلها التي كانت تحت المظلة الأمريكية .
هذا عن صحافة التنبؤات ، أما عن صحافة رصد الواقع وتتبعه ، فقد اهتمت الصحافة بالسجال الأمريكي- الإيراني والتهديدات المتبادلة حو إغلاق مضيق هرمز، إثر المناورات البحرية التي قامت بها إيران مستعرضة قوتها التدميرية والتي أقلقت الدول الغربية ودول المنطقة . وبالتزامن مع تلك المناورة وللتخفيف من ذلك القلق وطمأنة الدول الغربية أعلنت إيران استعدادها لعقد مفاوضات جديدة مع الدول الغربية حول مشروعها النووي وهو ما رحبت به هذه الدول .
أما إقليميا فقد اهتمت الصحف بالزيارة التي قام بها الرئيس التونيسي المنصف المرزوقي إلي ليبيا ، والتي دعا فيها إلي ضرورة التنسيق بين دول الثورات الثلاث: تونس وليبيا ومصر ، وهو ما اعتبر بداية عمل ” وحدوي ” جديد ، خصوصا أن المرزوقي من المؤمنين بضرورة العمل العربي المشترك ومن الداعين له . وقد أشاد المرزوقي في هذه الزيارة بالإسلام والإسلاميين وقال :” إن الإسلام هو الحل لكثير من المشاكل ” ، وقد أثار هذا التصريح جدلا في الساحة التونسية .
أما أخبار موريتانيا في الصحافة الدولية فقد اقتصرت علي موضوع المصطفي ولد الشافعي الذي أصدرت السلطات الموريتانية في حقه مذكرة اعتقال دولية . و في السنغال المجاورة تمثل الحدث الأكبر في ترشح المطرب يوسو اندور للإنتخابات الرئاسية السنغالية القادمة .