أبو غريب جديدة. . بعد الأحياء ..جرائم في حق الأموات
فتاوي فقهية : الإختلاط لم يعد حراما – الحجاب ليس واجبا – المرأة يجب أن تصلي جنب الرجل لا خلفه
عاد الربيع العربي مجددا إلي واجهة صدارة الصحافة العربية والعالمية بعد استراحة المحارب في الإسبوعين الماضين، الذين انشغلت الصحافة فيهما بالعودة إلي أهم أحداث 2011، وبالركض وراء تصريحات المنجمين والكهنة لمعرفة ما سيقع في 2012 .
عودة الصحافة العربية والعالمية للتركيز علي الربيع العربي له ما يبرره: حلول الذكري الأولي لسقوط بن علي ، اكتساح الإسلاميين في مصر للانتخابات التشريعية، إنسداد الوضع وتأزمه في سوريا، عودة التناحر بين الثوار الليبيين، تعثر المصالحة في اليمن، تواصل قمع الإنتفاضة الشعبية في البحرين … قليل من أزهار الربيع أثمرت، ولكن لم تنضج بعد ولم يحن قطافها، والكثير منها ذبل أو هو في طور الذبول.. إلا أن يتداركها الله بفضله ورحمته.. تلك هي النتيجة القاسية التي توصلت إليها افتتاحيات العديد من الصحف وأجمعت عليها تحليلات الكثير من أصحاب الأعمدة و كتاب الرأي.
الثورة في تونس : خطوة علي طريق الألف ميل
في تونس نجحت الثورة في إسقاط نظام بن علي ونجحت أيضا في وضع اللبنات الأولي لبناء القاعدة السياسية التي تحمي التونسيين من الإستبداد .. ولكن كل تلك الإنجازات علي أهميتها لا تعدو كونها قطرة واحدة في محيط، وبداية خطوة علي طريق الألف ميل الذي يتسع ويتشعب في كل الإتجاهات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لإعادة بناء تونس.
أنجزت الثورة التونسية الكثير بالمقارنة مع عمرها القصير خاصة علي مستوي الحريات التي كتب عنها سامي اكليب مقالا تحت عنوان “ثورة الياسمين في تونس … تحجبت” غير أن بعض كتاب الرأي العرب تجاهلوا ما أنجز وصبوا جام غضبهم علي حكومة “الإسلاميين ” وحملوها مسؤولية كل ما لم ينجز من أهداف الثورة.. فهي من تسبب في توقف المصانع.. وتزايد نسبة البطالة.. والهجرة علي قوارب الموت.. و تراجع السياحة.. وهي المسؤولة عن ظاهرة ” الحيطيست ” المنتشرين في شارع الحبيب بورقيبة .. والذين سترسلهم حكومة النهضة إلي قطر !.
غير أن بعض الصحفيين الغربيين كانوا أكثر إنصافا وأكثر مهنية في مقاربة الشأن التونسي فأشادوا بالجيش التونسي الذي أعطي نموذجا راقيا لما يجب أن تكون عليه الجيوش العربية في الإبتعاد عن السياسة، وأشادوا كذلك بأجواء الإنفتاح والحرية التي يتنسمها الشعب التونسي ولم يعكر صفوهم ويخيب أملهم في اللثورة التونسية إلا بعض الهنات وما هي بالهينات مثل ” الأسلمة الزاحفة ” و ” النقاب ” و “الدعوات لقتل اليهود ” !.
الثورة في مصر : الغزل الفاحش بين الإخوان والأمريكان
تعيش القوي السياسية المصرية من ليبراليين ويساريين حالة من الإحباط الشديد بعد الهزيمة القاسية التي منوا بها في الإنتخابات التشريعية.. لم يعد السباق السياسي في مصر- بالنسبة لهم – مثيرا ولا مشوقا بعد أن فقد عنصر المفاجأة، كل نتائج اللعبة الديمقراطية في مصر أصبحت معروفة سلفا بعد الفوز الكاسح للتيار الإسلامي في الإنتخابات الرئيس، ورئيس الوزراء، وحتى الوزراء أنفسهم كلهم أصبحوا معروفين، إن لم يكن بأسمائهم فعلي الأقل فبأوصافهم .. إنهم من يختارهم الأخوان ويرضي عنهم السلفيون! ، وهذا ما جعل الشاعر المصري عبد المعطي حجازي يعبر عن حالة الإحباط الشديدة هذه، بمقال نشره في جريدة الأهرام تحت عنوان ” كل شيء يدعو إلي التشاؤم .. لكني متفائل” صب فيه جام غضبه علي التيارات الإسلامية وخصوصا الإخوان المسلمين الذين انفردوا بلجنة تغيير الدستور حسب رأيه والذين يتسببون في الكثير من المصائب مثل: الخلط المستشري بين الدين والسياسية، قمع الثوار، تشويه صورة المدافعين عن مدنية الدولة، استفتاء المواطنين علي التعديلات بتخييرهم بين الجنة لمن يقول نعم ، والنار لمن يقول لا… إلخ.
غير أن حالة الإحباط هذه لم تصب الشعراء فقط بل أصابت السياسيين أيضا فهاهو محمد البرادعي : أيقونة الليبرالية المصرية، يفاجئ الجميع بقرار الانسحاب من سباق الرئاسيات والتخلي عن حلم الإقامة في قصر عابدين. هذا القرار اعتبره أنصاره بداية لثورة جديدة تحقق أهداف الشعب المصري ، وتعيد الثورة المصرية إلي مسارها . غير أن الكاتب فيصل جلول يكتب مقالا في صحيفة الخليج يقلل فيه من شأن محمد البرادعي ويعتبره ” ظاهرة مصرية عابرة ” لا يقدم ولا يؤخر .
أما صحيفة هأرتس الإسرائيلية فقد كتبت تحت عنوان ” اكتشفوا ..أمريكا ” مقالا عن علاقات الإخوان بالإدارة الأمريكية والتي كانت سرية في فترة مبارك وأصبحت علنية بعد تأكد الإدارة بأن الإخوان هم من سيحكمون مصر في الفترة القادمة. وقالت بأن مبعوثين من الإدارة الأمريكية أجروا إتصالات عديدة مع جماعة الإخوان كان آخرها إجتماع “وليم بونس” نائب وزير الخارجية الأمريكي مع محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة. وقالت الصحيفة إن محمد مرسي طلب من الأمريكيين مواصلة المساعدات الإقتصادية التي كانت تقدمها أمريكا لمصر . وعلقت الصحيفة ساخرة :” إن مرسي يعرف جيدا شروط المساعدة : التعهد بمواصلة تنفيذ اتفاقية كامب ديفيد – المحافظة علي حقوق الأقليات – وسياسة الكتف الباردة مع إيران”. وتخلص الصحيفة إلي أن الشروط الأمريكية هذه لن تكون موضع اعتراض من طرف الإخوان! .
وفي موضوع متصل بدأت الشروق المصرية في نشر حلقات من كتاب جديد لحسنين هيكل تحت عنوان ” مبارك وزمانه من المنصة إلي الميدان “.
الثورة في سوريا :الطريق المسدود
انقضى شهر علي إرسال بعثة المراقبين العرب إلي سوريا، وكانت مهمة فاشلة بكل المقاييس، وأنى لها إلا أن تكون كذلك!. فهي أولا بعثة عربية أرسلتها الجامعة العربية وهذا وحده كاف لفشلها ، وهي ثانيا بعثة لا تعرف مهامها وعاجزة عنها ماديا وأدبيا وهذا يزيدها فشلا علي فشل، وهي ثالثا بعثة أرسلت إلي أهداف غير محددة لتحقيق أهداف محددة تتجاوز طاقة وحجم الرسول والمرسِل.
لم تعد الأزمة في سوريا أزمة مع طرف ( شعب ضد دكتاتور ) كما تقول المعارضة، ولا هي أزمة بين طرفين (النظام في مواجهة الإرهابيين ) كما تقول السلطة، ولكنها أصبحت أزمة بين لاعبين إقليميين هما إيران وتركيا ، ومن ورائهما القوي الدولية الكبري التي تتحكم في مصائر الصغار : الإتحاد السوفيتي والصين في جانب، وأمريكا والدول الأوربية في جانب آخر.
إذا استطاعت بعثة المراقبين أن تجمع في تقريرها “تركيبا” بين ” أطروحة ” النظام و ” نقيض ” المعارضة ، فستكون بذلك قد ساهمت في حل جزء كبير من الغموض الذي يكتنف الأزمة السورية. وقدمت لرئاسة الجامعة وللرأي العام العربي تنويرا هو أقرب إلي الواقع الحقيقي المعيش بدل الواقع الإفتراضي المشاهد. في سوريا هناك انتفاضة شعبية منذ عشرة أشهر لكنها لم تسقط النظام ، وفي سوريا هناك قمع مستمر منذ عشرة أشهر لكنه لم يقمع الثورة وهذا سيطيل من عمر الأزمة وسيعقدها خصوصا إذا كانت العوامل الخارجية في تأجيج الأزمة أو حلها أقوي من العوامل الداخلية التي أصبحت في الوقت الحاضر عوامل ثانوية..
أمريكا..جريمة أبوغريب ثانية ..تطال الأموات
تعود الجرائم النوعية التي يقترفها الجيش الأمريكي إلي واجهة الصحف بعد نشر مواقع الأنترنت والقنوات التلفزيونية شريط فيديو يظهر ثلاثة أمريكيين يتبلون علي جثث مقاتلين أفغان . إنها جريمة أبو غريب جديدة يقترفها الجيش الأمريكي هذه المرة في حق الأموات وتتزامن هذه الجريمة مع الذكري السابعة لــ مجزرة حديثة التي تمت في العراق سنة 2005 والتي لم يعاقب أحد من مقترفيها ، ويتزامن كل ذلك الإجرام مع الذكري العاشرة لإفتتاح سجن جوانتانامو الذي بلغ عدد سجنائه ذات يوم 779 سجينا ، ولا يزال يقبع اليوم فيه 171 سجينا دون محاكمة . ويشكل سجن اجوانتنامو فضيحة أخلاقية وسياسية وقانونية للنظام الأمريكي . كما يشكل إغلاقه معضلة مستعصية علي الحل كما تشرح ذلك صحيفة لموند في الملف الذي خصصته لهذه الذكري المشؤومة.
قنابل فقهية :
في السعودية الإختلاط أصبح مباحا
في السودان : الحجاب ليس واجبا .. والمرأة يجب أن تصلي بجنب الرجل لا خلفه
فاجأ الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ الذي عينه خادم الحرمين الشريفين رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بداية هذا الشهر بتفجير قنبلة من العيار الثقيل عندما أصدر فتوي بجواز الإختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة، وفرق الشيخ عبد اللطيف في فتواه بين ” الإختلاط الشرعي ” الذي هو جائز ، وبين ” الخلوة ” والتي هي محرمة . واستدل في فتواه بالقرآن والحديث و”عمل أهل الرياض” . وقد أثارت هذه الفتوي استهجانا من التيار السلفي المحافظ ، و تلقفها الليبراليون بالإستحسان ، أما الحركة النسوية السعودية فقد تفاءلت بها خيرا واعتبرتها مكسبا للمرأة .. وخطوة للإنتصار في معركة سياقة السيارات .
ودائما في موضوع المرأة الأكثر حساسية عند الفقهاء، أفتى زعيم حزب الأمة القومي، إمام طائفة الأنصار- الصادق المهدي، بجواز ” حضور النساء لمناسبات عقد الزواج شاهدات، وتشييع الموتى مشيعات ابتغاء للثواب.”
واعتبر اصطفاف النساء خلف الرجال في الصلاة مجرد عادة، قائلاً إن “الصواب أن يقفن محاذيات للرجال كما في الحرم المكي” .
أما النقاب فقال إنه يغير شخصية المرأة ، وأنه يوفر الوسيلة لممارسة الإجرام في المجتمعات المتقدمة ، وقال إن المرأة ليست مطالبة شرعا بارتداء الحجاب ولكن المطلوب هو الزي المحتشم، وأثارت هذه الفتاوي ردودا متنوعة لدي الفقهاء وقادة الحركات الإسلامية .