“إنهم لفي ضلال مبين”.. هكذا صاح أعداء الإسلاميين غداة انتصار النهضة والنور والمصباح في أرض الكنانة و الياسمين وبلا د المغرب الأقصى ’’ في دينامكية جديدة تنذر بميلاد وطن عربي يتلون بألوان ربيع إسلامي يأبي أن يفارقه تحقيقا لمقولة الخليفة العادل والشخصية التي تركت أثرا في البشرية جمعاء عمر بن الخطاب “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله “.
كان هذا الفوز ثمرة سنوات من السجون والتعذيب و المطاردة من قبل الأنظمة -الزائلة- في مصر وتونس فكان صعود التيار إلى السلطة و أماكن صنع القرار -متوقعا- بعد أن كان مكانهم السجن في أحسن الحالات أو القبر في معظم الأوقات . إنه تيار الإسلامي – أو سونامي الإسلاميين- الذي اجتاح البلدان العربية بعد ربيع شعوبها و صيف حكامها , ,,,,,
حرق البوعزيزي نفسه فأعادت ناره الغنوشي والمرزوقي من منفاهما وحملت الجبالي إلى رئاسة الحكومة بعد سنوات طويلة من السجن والتعذيب ومكنت العريضي من مقاليد وزارة الداخلية بعد أن علق من قدميه فيها شهورا طويلة وألبس ثوب الإعدام شهرا كاملا في غرفها المظلمة وألقت با بن علي إلي أزقة جدة –متسكعا – و مبارك إلي ظلام سجن درة ، فسبحان مغير الأحوال.
مصائب قوم عند قوم فوائد ,,,,
لقد مثل صعود حزب الحرية والعدالة في مصر والعدالة والتنمية في المغرب والنهضة في تونس انتصارا غير مسبوق لفكر حركة الإخوان المسلمين ومؤسسها الراحل حسن البنا الذي كان يحلم بأن يحول
نظرته التربوية والاجتماعية إلي مشروع سياسي ناجح يتأقلم مع الوضع الدولي ويقدم مشروع الإخوان كمشروع معتدل يقوم علي مبدإ احترام حرية الآخر وتنشأة مجتمع إسلامي ناجح تسود فيه قيم التسامح والتكافل و التعاون ولكن البنا باغته الأجل قبل تحقيق ذلك فجاء إخوة الغنوشي وبنكيران حاملين معهم زبدة أفكاره مع تعديلات علي الشكل زادت من جمالية الصورة وجعلتها أكثر قابلية للحياة ويستمر المد والنجاح في بلدان عربية أخرى,,,,
نادى معارضو الإسلاميين بأن هذه التيارات ستكون ظلامية مهلكة للحرث والنسل وستقضي على باكورة الديمقراطية في عالم عربي لم يألف الدمقراطية و لم تألفه , ومع أن هذه الأحكام مسبقة إلا أن الإسلاميين –الجدد- لم يألوا جهدا في إرسال الرسائل االمطمئنة إلى الغرب خارجيا و المعارضة داخليا ,, ومن ذلك ما ذكره الغنوشي وبعده بنكيران أنهم لن يفرضوا الحجاب , و لن يتدخلوا في الحياة الخاصة التي اعتبروها” مقدسة ’’’ ولا دخل لهم فيها كساسة ,,,
اختفت الدولة -الإسلامية – من خطاب الأحزاب –الإسلامية -وظهرت مكانها الدولة المدنية التي أصبحت ديدن -الفاتحين الجدد-و أصبح النموذج التركي المعتدل –علمانيا – الأكثر قربا لبرامج هذه الأحزاب و الحركات التي حملها الربيع العربي من غياهب السجون ,, إلي أريكة القصور ,, وحملهم من مستضعفين في الأرض إلي مستأمنين عليها وأبدلهم بعد خوفهم أمنا.
في مصر وفي تونس كان سيناريوهانمتشابهان ، انتفاضة شعبية تطيح برأس النظام وتقذف به إلي السجن أو المنفي ثم انتخابات علي وقع ثورة لم تهد أ بعد و شباب يعرف ما يريد .. فكان صعود الإسلاميين متوقعا لأنهم كانوا -اختلفنا أو اتفقنا – معهم الأكثر قربا لوجدان هذه الشعوب فقد بحت حناجرهم وسلخت جلودهم دفاعا عن حقوق هذه الشعوب المسلوبة و المقهورة . لم يكونو ا وحدهم في هذا المضمار لكنهم نالوا نصيبا معتبرا أهلهم لأن يرثوا تركة الأنظمة المقبورة و أن يمثلوا التغيير المنشود والأمل الواعد للشعوب التي ملت زمن الحزب الواحد و القائد الواحد و انتهي زمن القائد الرمز . ,,
اليوم يمكن للبنا أن يرتاح في – مثواه – و- للكركر – أن ينعم في منفاه في باريس وغيرهم من جيل قادة الحركة بعد أن حصد أتباعهم ثمرة نضالهم الطويل من أجل أن يصل الإسلام “السياسي” إلي الحكم بنية الإصلاح ,,, فدفعوا في ذلك الغالي والنفيس ,,,
لعل أرض ابن تاشفين وبلاد القرويين أرادت أن تشكل استثناء في عالمها العربي وأن تصل إلي ما وصل إليه أشقاؤها لكن بالمحافظة علي الثوابت وأولها الملكية فانبري العاهل المغربي مبشرا بعهد جديد في البلاد مقلصا من صلاحياته –خطاب التاسع مارس – ,,, مفسحا المجال أمام الشعب ليقول كلمته ,,,,,
و كان للإسلاميين ما أرادوافي الربيع المغربي بعد نضال طويل بدأ بالشبيبة –الإسلامية – مرورا بحركة التجديد و الإصلاح و صولا إلي الحركة الشعبية و ختاما بالعدالة والتنمية . هكذا خط رفاق عبد الإله بنكيران و تلامذة عبد لكريم الخطيب –طيب الله ثراه- طريقهم نحو السلطة في المغرب .
لم يكن الأمر سهلا ولا الطريق مفروشة بالورود لكن عوامل عدة أدت إلي نجاح هذا التيار أبرزها كفاءات منتخبيه و سلاسة خطابه وصراحة قياديه وملامستهم لهموم الشعب وتطلعاته ,,,إضافة إلي العامل العربي المؤثر والذي يبدو نجم الإسلاميين فيه صاعدا ليضيء سماء تلبدت بظلمات القهر ولاستبداد سنين عددا … أو هكذا كان خيار الجماهير في مصر وتونس والمغرب .,,,,
غير بعيد عن هذا الربيع لإسلامي يوجد إسلاميو بلاد شنقيط ممثلين في حزب تواصل وقد حبسوا أنفاسهم في انتظار انتخابات قادمة يري الكثيرون أنهم سيجنون بعضا من ثمارها إذا ما نجحوا في عقد تحالف مع أطيا ف أخري من النسيج الإسلامي أبرزها الطرق الصوفية التي تمتلك رصيدا انتخابيا لا بأس به يسيل لعاب كل حزب أو حركة تخطط للوصول للحكم ,,, إضافة إلي نجاحهم في تقديم مبدأ الكفاءة في الترشيحات وتجاوز الخطاب لإسلامي التقليدي المنغلق علي نفسه و استبداله بخطاب منفتح متحرر و إعطاء المرأة حقها ,,, وهو ما بدأت مؤشراته تظهر مؤخرا في خطابات هذا التيار . كما أن التقارب مع التيار الصوفي -الغير مسيس – كانت جلية في مواقف متطابقة للمشايخ التيارين الذين يريد لهم بعض المتحمسين لتشتيت الأمة أن يبقوا في حالة تصادم لا تنتهي أبدا ,,,
في مناخ ثوري -عربي – هناك فرصة ذهبية للشباب الموريتاني – بكل أطيافه أن يصنع ثورته الهادئة إذا لم يقمعها النظام على رأي الرئيس الأمريكي الراحل جون كندي “لذين يجعلون الثورات الهادئة مستحيلة يجعلون الثورات الدموية حتمية” /
أما م الإسلاميين تحديات كبيرة وعليهم آمال كثيرة فإما النجاح في امتحان التنمية والديمقراطية والعزة والكرامة المهدرة منذ سنين ’ أو الرسوب وسيكون طمعه كالحنظل و لكنه قطعا لن يكون أسوأ من سنين عجاف من حكم ابن علي ومبارك ,,, و أشباهما من الحكام العرب ,,,
هل سينجح الربيع الإسلامي أم أنه سيتحول إلي” خريف ” وستعود حليمة إلي عادتها القديمة ,,,, هذا ما ستسفر عنه المرحلة القادمة ,,, وإن غدا لناظريه لقريب .
يتواصل …
ـــــــــــــــــــــــــ
Ahmedounahwi2009@gmail. Com
كاتب موريتاني مقيم في المغرب