الطبيب الرئيس: “النتائج لم تظهر أية أوبئة خطيرة، واحتمال الإصابة بمرض حيواني يسمى “DLM” يبقى قائما”
بوتلميت – محمد ولد زين
بقسم الأمراض الباطنية بمستشفى حمد بن خليفة في أبي تلميت؛ تبيت “زينب منت أحمد” ليلتها وحيدة، بعد أن أمر طبيب المداومة بإخراج رفاقها في المحنة بعد يومين من العلاج والمراقبة الصحية الصارمة.
بابتسامة تفوح منها رائحة الألم البادي على قسمات هذه السيدة الأربعينية، وهي تحاول تقريب صورة معاناتها وسبعة من أبناء بلدة “البلغان”، 15 كلمترا إلى الجنوب الغربي من أبي تلميت، رحبت بفريق “صحراء ميديا” ـ رغم تأخر الوقت نسبيا العاشرة والنصف ليلاـ قائلة: “أنا هنا بعد إصابتي بحمى شديدة وآلام في الرأس والعظام، وخاصة عمودي الفقري”.
زينب؛ أكدت أن الحمى انتابت 4 نساء و3 شبان من سكان قريتها في آن واحد وبنفس الأعراض، “ليس هناك تسمم، وأرجح أن تكون حمى الملاريا، لآن قريتنا يكثر فيها الباعوض بشكل مفزع”، تضيف هذه السيدة، وهي تحاول استحضار البدايات الأولى لوعكتها “بداية شعرت بالحمى ثم آلام مزمنة في الرأس، مصحوبة بتشنجات في الظهر، وغليان في العظام.. وأحيانا أصاب بالدوخان”.
سألناها؛ ما السبب في إصابة هذا العدد من ساكنة قريتها؟ لا اعرف.. تجيب زينب؛ تستدرك والدتها الموقف وهي الجالسة في مصلاها، “قبل 5 أيام من وعكة ابنتي تناول سكان “البلغان” لحم ناقتنا التي أصيبت بكسر في الرقبة، عندما كانت “تتشتل” بقرية “القام” المجاورة، وهي العطشى.. وعندما لاحظنا انه من الصعب شفاؤها قمنا بنحرها ووزعنا لحومها على الساكنة، وبعده بأيام عمت الحمى أطراف الحي”، هذا قد يكون السبب، تضيف الوالدة.
“الغريب أن أخي رفض تناول لحم الناقة، ومع ذلك أصيب بنفس المرض قبلي”، تقول زينب؛ وهي تحاول تبرير بقائها في الحجز بقسم الأمراض الباطنية وحيدة بعيدة عن أبنائها، وتؤكد أن ثمة عوامل أخرى قد تكون فاقمت مرضها ومنها “إصابتي بفقر الدم، نتيجة صراعي المرير مع أمراض الغدد”، حسب تعبيرها.
الأطباء المداومون؛ قللوا من خطورة هذه الحالات، معتبرين أن أغلب المصابين غادروا المستشفى بعد يومين من العلاج، مستبعدين فرضيات التسمم.. ارتياح الطاقم الطبي توازيه حسرة وقلق لدى زينب منت أحمد، من أن تكون حالتها أخطر مما سواها، وهي التي تحاول التجمل بالصبر في انتظاري أن ينجلي ليلها الطويل مؤذنا بأنها اجتازت مرحلة الخطر.
الدكتور محمد سالم ولد باب:
“المرض تم حصره، و6 من المصابين استجابوا للعلاج بشكل جيد”
الدكتور الجراح محمد سالم ولد باب؛ الطبيب الرئيس بمستشفى حمد بن خليفة في ابي تلميت ؛ أكد في تصريح خاص لصحراء ميديا، أنه في يوم الثلاثاء وصلت إلى هذا المستشفى “3 حالات تتشابه في الأعراض والموصفات، ومن نفس القرية، والمصابون يعانون من حمى وأوجاع الرأس وآلام العظام”.
وأضاف ولد باب؛ أن تشابه حالات الإصابة، لفت انتباههم إلى ضرورة إجراء فحوصات سريعة للمصابين، وإيفاد بعثة طبية لمعاينة القرية، خاصة بعد أن “رشحنا إصابة المجموعة بالحمى النزيفية”.
وقال الطبيب الرئيس بمستشفى حمد؛ إن الأعراض البادية على المصابين، “تتطابق مع أعراض مرض حيواني ينتقل من الحيوان إلى الإنسان عن طريق الألبان واللحوم، لكنه لا ينتقل من الإنسان إلى الإنسان”، مضيفا أن هذه الفرضية عززها “نفوق بعض الحيوانات في المنطقة التي قدمت منها حالات الإصابة”، وفق تعبيره.
وأشار الدكتور؛ إلى أنه تم إيفاد بعثة طبية تتكون من طبيب عام وممرض، و قد اكتشفوا أربع إصابات جديدة، وبعد حصر المرضى أجرينا الفحوصات ونقلت على وجه السرعة إلى انواكشوط، ولم “تظهر النتائج أية أوبئة خطيرة، وإن لم تستبعد إصابة بعضهم بمرض حيواني يسمى “مالادي د لم”،والذي ينتقل من الحيوان إلى الإنسان.
وخلص محمد سالم ولد باب؛ إلى القول إن 6 من المصابين استجابوا للعلاج بشكل جيد، وان المرض تم حصره، مشيرا الى أن الشرائح التي استخدمت في الفحوصات سيتم زرعها بغية إجراء دراسة معمقة لمحاصرة مرض “مالادي د لم” والذي سبق وان سجلت منه سابقا حالتان في كل من مكطع لحجار وبوتلميت.