قال إن النقاط التي قدمها “ليست مطروحة للتعجيز، ولا يمكن أن تكون ثمرة لحوار لاحق”
استعرض المكتب التنفيذي لحزب تكتل القوى الديمقراطية؛ أكبر أحزاب المعارضة في موريتانيا، مواقفه من أوضاع البلد الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما تدارس وضعية الحزب والمهام الأساسية المنوط به تنفيذها في المستقبل.
وبحسب الوثيقة التي حصلت عليها صحراء ميديا، فإن الحزب يرى في المجال الأمني بأن النظام الموريتاني “يخوض حربا بالوكالة خارج حدودنا، وبدون تنسيق حقيقي مع دول المنطقة، وبوسائل أقل بكثير مما يتطلب هذا النوع من العمليات”.
وأشارت الوثيقة إلى أن النظام “زج بجيشنا الوطني في مغامرات متتالية (تساليت، حاسي سيدي، غابة وقادو) معرضا قواتنا لأخطار جسيمة، مقابل نتائج غير ملموسة، وبثمن باهظ”.
وعلى الصعيد السياسي؛ قال الحزب المعارض إن “الوضعية بقيت كما هي، يطبعها الانسداد التام الذي أوصلها إليه الجنرال محمد ولد عبد العزيز، بانفراده بالسلطة، وتهميشه للطبقة السياسية ، وازدرائه بالشعب الموريتاني وبممثليه على وجه الخصوص”.
وأكد المكتب التنفيذي للحزب بأن “مثل هذه الممارسات غير مقبول في الأصل”، قائلا إن “استمرارها في هذا الوقت بالذات الذي تعصف فيه الثورات بالدكتاتوريات العاتية في المنطقة العربية، سيجعل من الحالة الموريتانية حالة شاذة مكشوفة للجميع”؛ بحسب تعبير الوثيقة.
وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي لاحظ الحزب “غياب سياسة وطنية طموحة لتوسيع الإنتاج، وخلق فرص العمل، والتوزيع العادل لثروات البلد”، مشيرا إلى أن هم النظام الحقيقي “ينحصر أساسا في السمسرة والرشوة والنهب الرهيب الذي تجاوز نهب الممتلكات العامة إلى نهب ثروات البلد المتجددة وغير المتجددة، إلى درجة استئصالها وتدميرها”.
واتهم التكتل ما وصفها بدعاية النظام ب”إخفاء هذه اللوحة القاتمة”، حيث سجل المكتب التنفيذي بارتياح “وعي الشعب الموريتاني المتنامي بهذه الحقيقة التي أصبحت جلية للجميع، ذلك الوعي المتجسد في امتعاضه المتزايد من سياسات النظام”.
كما عبر عن ارتياحه لما قال إنها نضالات الشعب الملموسة والشجاعة التي اتخذت أشكالا مختلفة (تظاهرات شباب 25 فبراير، إضرابات النقابات في معظم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، الاعتصامات المتعددة أمام المقرات العمومية وأمام القصر الرئاسي، فضلا عن التظاهرات الكبيرة الناجحة لبعض أحزاب المعارضة).
وأكد الحزب؛ الذي يرأسه زعيم المعارضة الديمقراطية أحمد ولد داداه، أنه نظرا لكل ما تقدم، فإن مكتبه التنفيذي:
“1) يعبر عن رفضه الحازم للحرب بالوكالة التي يخوضها النظام، ويقحم فيها جيشنا الوطني خارج حدودنا. وفي الوقت نفسه يعلن تضامنه القوي مع القوات المسلحة في مهمتها الحقيقية المتمثلة في الدفاع عن الحوزة الترابية وحماية البلد وأمن المواطنين، وصد أي اعتداء أو تهديد خارجي أيا كان مصدره، بما في ذلك التهديد الإرهابي.
2) يعتبر أن الوقت قد حان كي يطوي الشعب الموريتاني نهائيا صفحة النظام العسكري الذي ظل يحكم البلد لأكثر من ثلاثين سنة، والذي فشل فشلا ذريعا في تسيير الشأن العام، ولا تمثل فترة الجنرال محمد ولد عبد العزيز الحالية سوى أحد أردئ فصوله.
ومن أجل العمل على طي هذه الصفحة فإن المكتب التنفيذي يلزم الحزب بصياغة الشعارات المناسبة للمرحلة، وبخوض النضالات الضرورية التي يتطلبها التغيير المنشود، وذلك ضمن خطة عمل شاملة ومفصلة.
3) يؤكد المكتب التنفيذي تمسكه بالخط الثابت للحزب كإطار للوحدة الوطنية، وبناء دولة المؤسسات، ونشر الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وتساوي الفرص بين جميع الموريتانيين.
4) يجدد التزامه بالبقاء دائما قريبا من المواطنين وانشغالاتهم، وفي هذا الإطار فإن المكتب التنفيذي يستنكر بقوة موجة الغلاء الفاحش الجديدة للمحروقات التي تجاوزت بكثير ارتفاعها في الخارج، وكذلك للمواد الأساسية الاستهلاكية التي واكب ارتفاعها مستهل شهر رمضان المبارك، كما يستنكر المكتب تخلي الدولة عن مسؤولياتها في مواجهة أخطار المجاعة التي تهدد العديد من المناطق، والمأساة التي تحدق بالمنمين ومواشيهم نتيجة لتأخر الأمطار هذه السنة.
ويطالب المكتب التنفيذي بتوفير المعونات الغذائية والأعلاف بسرعة، وبالكميات الكافية في المناطق المحتاجة المنكوبة.
5) يعلن المكتب التنفيذي تضامنه القوي مع جميع أشكال النضالات الديمقراطية التي يخوضها الشعب الموريتاني (شبابا، ونقابات، ومجتمعا مدنيا، وفئات اجتماعية مختلفة). ويدين بقوة القمع الوحشي الذي تمت ممارسته أخيرا ضد مناضلي منظمة “المبادرة من أجل انبعاث الحركة الانعتاقية”.
6) يتمسك بمطالبة الحزب بتشكيل أربع لجان تحقيق في مجال الفساد (الموارد المعدنية والسمكية، صفقات التراضي، النفقات المشتركة لميزانية الدولة، الاقتطاعات الريفية) كما يؤكد تمسكه بطلب التحقيق في مصير هبة ال50 مليون دولار الممنوحة من المملكة العربية السعودية للشعب الموريتاني، وصفقة الصيد المشبوهة مع شركة “بولي هاندون ابلاجيك فيشري” الصينية
ويلزم المكتب التنفيذي الحزب بالاستمرار في التحري حول حالات الفساد الأخرى للنظام وفضحها أمام الرأي العام”.
وفي هذا الإطار يدين المكتب التنفيذي سياسة النظام التي تتخذ من الحرب على الفساد ذريعة لتصفية الحسابات، واعتقال الخصوم، والتدخل في القضاء.
7) يؤكد قرار اللجنة الدائمة للحزب بخصوص الحوار القاضي بضرورة تطبيق النظام للشروط الخمسة التالية قبل الشروع في أي حوار معه :
– اعتبار اتفاقية دكار أساسا لأي حوار
– الامتناع عن قمع المظاهرات السلمية
– فتح وسائل الإعلام أمام الفرقاء السياسيين، ومنظمات المجتمع المدني بصفة متفق عليها
– الامتناع عن توظيف الإدارة والقوات المسلحة وقوات الأمن لأغراض حزبية خاصة
– الامتناع عن خوض أي انتخابات دون الاتفاق مسبقا على نظام انتخابي مجمع عليه”.
وأوضح المكتب التنفيذي للحزب أن هذه النقاط ليست مطروحة للتعجيز، كما أنها لا يمكن أن تكون ثمرة لحوار لاحق، ملفتا النظر إلى أن النقطة الأولى “تتعلق باتفاقية دولية تم توقيعها بحضور ممثلي كل من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي… إلخ”، مطالبا باحترامها “فق”|.
وأضاف أن النقاط الأربع الأخرى “تتعلق بحقوق منصوص عليها في الدستور والقوانين الموريتانية”، متهما النظام بأنه ظل يدوسها، ومؤكدا أن هذه النقاط “يجب تطبيقها مسبقا كي يمكن للحوار أن يبدأ، ولا يمكن إدراجها فيه”.
أما مضمون الحوار فإن المكتب التنفيذي يرى أنه يجب أن ينصب على نقطة واحدة أساسية، وهي “كيف تخرج موريتانيا من الديكتاتورية العسكرية، والمحاولات المستمرة لتبييضها، وبناء دولة مؤسسات ديمقراطية مدنية؟”.
وختم المكتب التنفيذي لحزب تكتل القوى الديمقراطية وثيقته بالقول إن “هذا وحده هو الكفيل بإخراج البلد من الأزمة المستحكمة التي يعيشها في جميع المجالات منذ عدة عقود”.