الأرقام تتحدث عن كون أكثر من 60%من تلاميذ البلد مدخنون..!
نواكشوط ـ محمد ناجي ولد أحمدو
لا يكاد يخلو بيت موريتاني من ظاهرة التدخين، وقد شهدت السنوات الأخيرة تناميا للظاهرة بفعل كثرة شركات السجائر الموردة للمادة في البلاد، وسهولة الحصول على السجائر لرخص ثمنها وتوفرها في كل مكان.
وشهدت الظاهرة منعطفا أخيرا حيث أصبحت شريحة الشباب والنساء اللتان كانتا بعيدتين من استهلاك هذه المادة هما الأكثر استهلاكا لها.
وكشفت دراسة حديثة قامت بها جمعية طبية مهتمة بالموضوع أن أكثر من %60 من تلاميذ وطلبة موريتانيا يدخنون، وهو ما ينذر بعواقب سيئة.
ويعتبر الباحثون أن دخول مواد التبغ بكثرة وبسهولة إلى السوق الموريتاني يهدد مستقبل الجيل الناشئ، باعتبار أن جلسات تدخين المراهقين والتلاميذ التي يتبادلون فيها السجائر، ويتعاطون التدخين أصبحت شائعة.
في حين يصف بعض المهتمين بالصحة التعاطي الرسمي مع الموضوع بأنه “دون المستوى”، فلم تتخذ الإجراءات الضرورية لمنع المراهقين والصبية من التدخين، حيث يسمح المعلم والأستاذ للتلميذ والطالب بالخروج من الدرس للتدخين الذي يستنزف مصروفهما اليومي، بينما يلاحظ ناشطون ضد التدخين، ان السلطات تتقاعس عن التوعية بالآثار السلبية لهذه الآفة، ولم تسن بعد قرارات من قبيل منع التدخين والترويج له في الأماكن العامة، وحظر بيع التبغ داخل المؤسسات التعليمية وأمام دور الشباب.
ويستدعي الأمر، يطالب الكاتب الصحفي، والناشط في حملات مكافحة التدخين حبيب الله ولد أحمدو، من السلطات اتخاذ الإجراءات اللازمة لقطع الطريق أمام التنامي المفرط لتجارة التبغ في البلاد.
وتقول مصالح الجمارك الموريتانية في إحصائياتها لعام 2008 إن حجم واردات السجائر في موريتانيا (3 مليون نسمة) يبلغ حوالي 175 مليون سيجار سنويا، وهو ما يساوي حجم واردات الجزائر التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة.
ونوه الباحث الاقتصادي محمد ولد المصطفى بأن عدم دفع الضرائب المترتبة على حاويات السجائر وتدنيها تتسبب في خسارة للخزينة قدرت بـ 5،4 مليار أوقية وسهولة وصول مادة التبغ إلى البلاد.
وقد رفضت غالبية نواب البرلمان الموريتاني في جلسة عاصفة، طلب بعض النواب بمضاعفة الضرائب على السجائر، بدعوى أن موريتانيا تشكل معبرا لتجارة السجائر، وأن كمية الواردات من المادة ليست كلها للاستهلاك المحلي.
تختلف أسباب إدمان الموريتانيين على الدخان، فآمنة التاجرة في سوق العاصمة، وهي متزوجة في عقدها الرابع، تقول إن التدخين جلبته لها بعض الصديقات في أوقات تجمعهن المسائية، وهن اللواتي كن يؤكدن لها قبل زواجها أن الشابة التي لا تدخن ينقصها بعض الذوق والموضة بالنسبة للجنس الرجالي وصدقتهن ومازالت تدخن حتى الآن.
وتشير دراسة أعدتها منظمة “ضد التدخين”، ونشرتها على موقعها على الانترنت، إلى أن النساء لا يدخن كثيرا مقارنة بالرجال لعدة عوامل؛ فالمجتمع ينظر بالريبة للمدخنة خاصة، إذا كانت فتاة صغيرة السن، كما أن الفتيات لسن أحرارا مثل الرجال ليدخن وقتما أردن، وليست لديهن المصاريف المادية الدائمة للتدخين إذا كن مازلن في رعاية آبائهن، كما أن الكثير من الرجال لا يحبذ الزواج بالمدخنات.
وبحسب الدراسة، تحتل المؤسسات التعليمية الرقم الأول في عدد المدخنين في موريتانيا، إضافة إلى المكاتب الحكومية والمنازل، كما أن المدن الكبرى تحوي اكبر عدد من المدخنين مقارنة بالوسط الريفي، كما يلاحظ احتضان الشريط الساحلي الموريتاني نسبة كبيرة من المدخنين نتيجة لظروف المناخ التي تميل إلى البرودة.
ويعزو كثيرون من الشباب سبب تدخينهم إلى أن المجتمع كان يكرس هذه الظاهرة حيث كان التدخين من علامات النضج والرقي الاجتماعي، في حين ازداد الوعي مؤخرا بضرورة الإقلاع عن التدخين لدى الكثيرين، غير إن الإرادة غالبا ما تنكسر على صخرة توق الدم إلى مادة النيكوتين.