أجانب يخطفون أجانب في موريتانيا
يجري الحديث على نطاق واسع في موريتانيا ان تغييرات واسعة ستطال المؤسسة العسكرية اثر اختطاف رعايا اسبانيين على الطريق الرابط بين عاصمتي البلاد، وتمكن الخاطفين من عبور الاراضي الموريتانية الى معسكرات القاعدة شمال مالي.
ووفق مصادر مطلعة فقد استدعي قائد الاركان المساعد العقيد محمد ولد محمد ازناكي الموجود في السعودية لاداء فريضة الحج للدخول على جناح السرعة، ورجحت المصادر ان تسند له مهام امنية جديدة.
واقال الرئيس ولد عبد العزيز بشكل مفاجئ الجنرال احمد ولد بكرن قائد الدرك الوطني، وعين خلفا له الامين العام لوزارة الدفاع العقيد انجاك جينغ، فيما عين ضابط الاستخبارات العسكرية العقيد عبد الله ولد احمد عيش قائدا مساعدا للدرك.
وافادت الانباء ان الرئيس محمد ولد عبد العزيز عين العقيد احمدو بمب ولد باي واليا لولاية انشيري الشمالية التي يرجح ان المختطفين عبروا مسالكها الوعرة في طريقهم الى مالي.
وعقد ولد عبد العزيز اليوم اجتماعا مع العقيد مسقاروا ولد اغويزي رئيس هيئة امن الطرق ومكافحة الهجرة التي استحدثت مؤخرا، حيث وضعت الأنباء الواردة عن تحديد هوية خاطفي الرهائن الإسبان، وكونهم من جنسيات إفريقية، تحديا جديدا أمام السياسة الموريتانية المتبعة إزاء الهجرة من طرف مواطني دول غرب إفريقيا إلى موريتانيا.
فهذه الهجرة تتمثل في نوعين هم “الوافدون المقيمون” والوافدون في انتظار الهجرة إلى أوروبا.
وحسب بعض الإحصائيات فإن هناك في موريتانيا الآن يما يناهز 1.5 مليون نسمة من مواطني إفريقيا الغربية من بينهم أكثر من نصف مليون نسمة من دول مجاورة.
ويطرح هذا العدد تحديا أمنيا كبيرا خاصة وأن أغلب المقيمين على الأراضي الموريتاني لا يتمتعون بأوراق الإقامة اللازمة وحتى أحيانا لا يتمتعون بهويات تثبت انتماءهم لبلدانهم الأصلية.
وتؤكد كافة التقارير الأمنية والإعلامية أن أغلب المهاجرين المقيمين في موريتانيا يسيطرون بشكل كبير على سوق اليد العاملة، وتسعى الأغلبية منهم للحصول على وثائق الحالة المدنية الموريتانية، مستفيدين من البلبلة التي سادت قطاع الحالة المدنية منذ استقلال الدولة وإلى اليوم.
أما الوافدون الذين يتحينون الفرصة للهجرة إلى أوروبا فيلاحظ تواجدهم بالخصوص في المنطقة الساحلية من البلاد (نواكشوط – روصو – انواذيبو) ويشكلون المصدر الأساسي لدخل شبكات تهريب المهاجرين السريين.
وقد تمكن عشرات الآلاف من المهاجرين السريين من دخول البلاد والإقامة فيها بشكل غير قانوني خلال السنوات الأخيرة مستفيدين من التساهل عند نقاط العبور وخاصة نقطة عبور روصو، فيما تبقى حدود البلاد الشاسعة فرصة لهؤلاء.
أما التحدي الذي تطرحه الهجرة إلى موريتانيا فقد تجاوز قضايا التجنيس والجريمة، ومضايقة اليد العاملة الوطنية، وطرح تحد اقتصادي وصحي في بلد لا توفر مؤسساته ثلث حاجة مواطنيه، ليأخذ منحى آخر في ظل التسريبات المتواترة عن سعي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لتجنيد مواطنين من غرب إفريقيا يسهل تحركهم في الأراضي الموريتانية، ولا يتمتع الأمن الموريتاني بأي معلومات أمنية عن خلفياتهم الفكرية والسياسية. الأمر سيثقل ولا شك من حمولة عاتق صانع القرار الأمني في موريتانيا.
وكانت محاضر التحقيق مع سجناء القاعدة في نواكشوط قد كشفت سنوا 2007 و2008 و2009 عن ورود عدة أسماء من جنسيات أجنبية مختلفة عملت على تكوين ومساعدة الشباب السلفي الموريتاني في تنفيذه عمليات مسلحة داخل البلاد، كما شكلت أحيانا عيون رقابة لتنظيم القاعدة على عناصر فرعه الموريتاني، فضلا عن الدور اللوجستي لهذه العناصر.
ويقول أحد المحللين السياسيين إن السلطات الأمنية الموريتانية بحاجة لإجراءات استعجالية لمعالجة هذا الملف قبل استفحاله في ظل الصورة الجديدة التي لا تترك مجالا للشك في أن الأجانب يمارسون لعبتهم المفضلة فوق التراب الموريتاني.. لعبة من فصولها “أجانب يخطفون أجانب”.