بوتلميت ـ صحراء ميديا
للمدرسة رقم 1 في بوتمليت تاريخ طويل في مسيرة التعليم، فمنذ أكثر من ثمانين سنة وهي تخرج أجيالا من أبناء المدينة وغيرهم من مختلف مناطق موريتانيا، ضمنهم عدد كبير من الأطر الأوائل في حكومة الاستقلال، فأول رئيس لموريتانيا، المختار ولد داداه، درس فيها وتخرج منها قبل أن يواصل رحلته لاكمال دراسته في مدرسة Blanchot بسان لويس السنغالية، ومنها إلى فرنسا ومن ثم الصعود إلى قمة السلطة في الدولة الوليدة حينها.
بدأ ولد داداه تعليمه في هذه المدرسة ديسمبر 1934، وتخرج منها فى العام 1939، واليوم وبعد 71 عاما مرت على مغادرته لازالت وثائق المدرسة تحتفظ بالسجل الذي تب فيه اسم الرئيس السابق يوم دخوله للمدرسة، وهو حال عدد ممن يوصفون بـ”الرواد”، رغم أن الفصول الطينية التي درس فيها هؤلاء بدأت تتهاوى تباعا مفسحة المجال لأخرى من الاسمنت المسلح بنيت حديثا.
عشرات الأطفال خلدوا الذكرى الخمسينية للاستقلال الوطني بزي ونشيد موحد قادمين من مختلف المدارس الابتدائية التي أصبحت تنتشر في كل زاوية من المدينة، و كانت الذكرى كذلك فرصة لساكنة بوتلميت وبعض من مثقفيها وناشطيها الشباب لاستذكار تاريخ المدرسة التي لعبت دورا بارزا في بدايات التعليم الأساسي في موريتانيا، حيث لم يكن أغلب الموريتانيين مقتنعين بإمكانية ولوج “مدراس الكفار” التي أخذت الاسم تحت تأثير الاستعمار الفرنسي.
كاد أن يكون المختار ولد داداه واحدا من أبناء المنطقة الذين منعتهم أسرهم المحافظة من دخول “مدرسة الكفار”، لكنه كان محظوظا على ما يبدو، حيث يؤكد أن والده فهم مبكرا أهمية المدرسة العصرية، بل وضرورتها، “بحكم ما كان يتمتع به من تفتح ذهني غريب على عصره وتكوينه ووسطه الديني” حسب تعبير الرئيس الراحل في مذكراته، مضيفا أن والده محمدن كان يرد بالأدلة الشرعية الواضحة على الطاعنين من وسطه الديني فى جواز الجمع بين ارتياد هذه المدرسة والانتماء إلى الإسلام، بأنه لا يوجد من المنظور الشرعي أي مانع يمنع ذلك.
أنشئت أول المدارس فى مقاطعة المذرذرة جنوب موريتانيا فى نهاية العشرينيات ثم حولت إلى بوتلميت فى بداية الثلاثينيات حيث ازداد تألقها، وارتادها تلاميذ قادمون من مختلف الجهات. وقد تخرجت منها أغلب المجموعات الأولى من الأطر.
لم تكن مدرسة بوتلميت الوحيدة، لكنها كانت الأولى، فقد افتتح في العام 1937 مدرسة أخرى بمدينة أطار، لتلحق بها مدرسة كيفه فى حدود عام 1940، ليتوالى بعد ذلك افتتاح مدارس أخرى.
تعاون وتعاضد
نادي حملة الشهادات في بوتلميت نظم أمسية بمناسبة خمسينية استقلال موريتانيا، كانت فرصة لاستذكار جزء من تاريخ المختار ولد داداه..الرجل الذي أصبح اسمه ملازما لذكرى الاستقلال.
تضمن الحفل عددا كبيرا من الفعاليات الثقافية حول الاستقلال، مع التركيز على علاقة مدينة بوتلميت بحدث الاستقلال من خلال التأثير والتأثر.
وطالب ناشطو النادي سكان المدينة وأطرها بالمزيد من التعاون والتكاتف و التعاضد لأجل مستقبل أفضل لبوتلميت، المدينة العلمية والتاريخية المعروفة.
وخلال الأمسية التي نظمها حاكم المدينة إسلم ولد سيدي قدم نادي حملة الشهادات أيضا عرضا تعريفيا بالرئيس المؤسس الراحل المختار ولد داداه، من إنجاز “مؤسسة المختار ولد اداده”، وعرضا عن مدرسة البنات في بوتلميت، التي استقطبت أولى السيدات اللاتي ولجن التعليم.
الاحتفالات التي شهدتها المدينة بمناسبة خمسينية الاستقلال شهدت حضورا رسميا تمثل في السلطات الادراية والأمنية والمنتخبين المحليين، وشاركت في انعاش الاحتفالات جمعيات ونواد ثقافية من مختلف المشارب بالثقافية والتيارات.
واشرفت على احتفالات الاستقلال لجان مختصة، هي لجنة شؤون التنظيم، واللجنة الثقافية، واللجنة المكلفة بالاشراف على مسيرات التلاميذ ولجنة للشؤون المالية وأخرى للشؤون الأمنية.