وأكد ولد أباه؛ خلال ندوة نظمها المعهد أمس الأحد، أن من أهم أهداف الجامعة نشر ثقافة الوسطية والاعتدال من خلال اعتماد مناهج تربوية وبرامج علمية تحصن الشباب وتفتح امامهم مجالات الحياة المختلفة.
من جهته أكد الامام الشيخ ولد اعلي الامين العام لوزارة الشؤون الاسلامية والتعليم الاصلي أن القطاع يرى أنه سيكون لهذه الجامعة بالغ الأثر في تنمية الإنسان الموريتاني والحفاظ على هويته وثقافته الاسلامية الأصلية “وهو ما من شأنه ان يدعم نظامنا التربوي ويساهم في ترشيد وتطوير البحث العلمي في مجالات الشريعة والعلوم الإنسانية”.
وأضاف ولد اعلي ان هذه الجامعة ستكون بإذن الله صمام أمان يحفظ بلادنا من مخاطر الغلو والتطرف وكل أنواع الانحراف وترسيخ قيم الاسلام السمحة في التعايش السلمي بين المجتمعات، إضافة الى كونها “ستشكل جسرا لحوار الحضارات واتصال الثقافات بين الجنوب والشمال وبين الشرق والغرب وهو ما سيعيد لأمتنا ثقافتها وحيويتها وتميزها الحضاري بين ثقافات الأمم والشعوب”.
وبدأت الندوة التي احتضنها المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بمحاضرة للدكتور محمد عبد الرحمن ولد سيدي محمد (حمان) بمحاضرة تحت عنوان “الجامعة الحقيقة الأفق والتحديات”، حيث قام بوضع الموضوع في سياقه من خلال ربط الماضي بالحاصر، وأسس ذلك على رباط المعلم الأول عبد الله بن ياسين، الذي شكل المنطلق الأول للمؤسسات التعليمية في موريتانيا، ثم أسترسل المحاضر في التأريخ لظهور التعليم الجامعي الذي أعتبر بدايته مرتبطة بالتعليم الديني عند المسيحيين لترسيخ المبادئ اللاهوتية.
وبين ولد سيدي محمد أن التعليم في العالم الإسلامي ارتبط إلى حد كبير بالمجالس العلمية التي كانت تعقد في المساجد وتدار من طرف كبار العلماء، وعدد نماذج من هذه الجامعات كالجامعة المستنصرية، وجامعة الأزهر الشريف، ثم الزيتونة وجامعة القرويين، وهي كلها جامعات مرتبطة بالمساجد.
وأكد المحاضر أن التقاليد العلمية الجامعية وجدت عند الشناقطة رغم عتو المجال الذي يعيشون في المؤسسات التعليمية التي كان الشناقطة ينهلون منها معارفهم، فهي جامعات متنقلة متنوعة الاختصاصات أنتجت جيل السفراء الشناقطة الأول، الذين أعطتهم موسوعيتهم الثقافية الصدارة أينما حلوا فهم أساتذة وقضاة ومرجعيات إفتائية في كل صقع من أصقاع العالم، وشاركوا فى إثراء المعارف البشرية فى العصر الحديث.
واعتبر محمد عبد الرحمن ولد سيدي محمد (حمان) أن قرار تحويل المعهد، بعد أن بلغ سن الرشد، إلى جامعة يشكل وعيا بالعمق الحضاري للبلد، واستجابة لتحديات المرحلة ومتطلبات التنمية البشرية ودور المؤسسات الحضارية للإسهام فيها وتعزيز عمقها الوطني، وصفق الحاضرون طويلا للمحاضر واعتبروا ما جاء به من استنتاجات علمية ومقترحات تعطي الوجه الأكاديمي الحقيقي لمشروع الجامعة.
من جهته طالب الدكتور أحمدو ولد المصطفى ولد السنهوري وزير التهذيب الوطني السابق، والمدير السابق للمعهد الأساتذة بالمساهمة فى تطبيق قرار رئيس الجمهورية بإعداد البحوث والمقالات وتنظيم الندوات لشرح أهداف الجامعة والمساهمة فى ترسيخ القيم الوطنية وتعزيز الوحدة.
وأشاد ولد السنهوري بالقرار واعتبره وطنيا بامتياز، وطالب أن تضم الجامعة كليات متعددة، و أقسام لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكذلك بناء سكن جامعي لإيواء الطلاب الوافدين وطالب بتفعيل دور المعاهد الإسلامية الجهوية، لتهيئة خريجيهم للإنتساب فى الجامعة.
وطالب بالمحافظة على المعهد ككيان تشريعي خاص بتدريس العلوم الشرعية والعربية ثم تبقى الشعب التخصصية بالموازاة معه.
أما وزير الشؤون الإسلامية السابق أحمد فال ولد صالح الأستاذ بالمعهد العالي فقد أشاد بقرار رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، معتبرا أن توقيته كان مناسبا بعد مرور خمسين سنة على استقلال البلد ولا توجد فيه إلا جامعة واحدة، مع وجود طفرة في التعليم العالي الحر .
وقال ولد صالح إن الوقت مناسب لإعلان جامعة وطنية ثانية، تعتبر توشيحا للمحظرة الموريتانية التي ساهم أبناؤها في تعزيز الاستقلال الوطني، وبنوا مؤسساته السيادية كالقضاء والتعليم، “فالقرار نوعي و بكل تجلياته و لا يمكن لأي موريتاني إلا أن يعتز به وإلا كان فى شنقيطته دخن” على حد قوله.
الأستاذ أمين ولد البشير أشاد ـ باسم أساتذة المعهد ـ بـ”القرار التاريخي” القاضي بتحويل هذا المعهد إلى جامعة وطنية، معبرا عن فخرهم واعتزازهم بهذا القرار الرائد الذي يدخل ضمن منظومة التغيير والإصلاح التي تشهدها موريتانيا.
وثمن عبد الله ولد محمد الأمين ، الأمين العام للاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا باسم الطلبة هذه القرار، مطالبا بالإسراع في تهيئة أرضية قابلة لاحتضان الجامعة وتحويل جهة الوصاية من وزارة الشؤون الإسلامية إلى وزارة التعليم الثانوي والعالي.