وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ، مساء اليوم الأربعاء، إلى العاصمة السعودية الرياض في زيارة رسمية تستمر لثلاثة أيام، سيحضر خلالها ثلاثة قمم؛ قمة سعودية – صينية وخليجية – صينية، ثم قمة عربية – صينية، وسط حديث عن ملفات اقتصادية كبرى ستطرح على الطاولة في الرياض.
وتتوقع مشاركة أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية في القمة العربية – الصينية، فيما وصل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني مساء اليوم إلى مدينة جدة، رفقة وفد ضم خمسة وزراء وعدة مسؤولين سامين، على أن يحضر القمة العربية – الصينية.
وتحظى القمة السعودية – الصينية باهتمام كبير، إذ ستشهد التوقيع على أكثر من 20 اتفاقية أولية بين الجانبين، بقيمة تتجاوز 110 مليارات ريال (29 مليار دولار أمريكي).
كما سيوقع البلدان وثيقة تحملُ اسم “الشراكة الإستراتيجية”، مع خطة تهدفُ إلى المواءمة بين “رؤية المملكة 2030” التي تنفذها السعودية منذ سنوات للنهوض الاقتصادي، و”مبادرة الحزام وطريق الحرير”، التي أطلقتها الصين لتعزيز مكانتها الاقتصادية في العالم.
وفور وصوله إلى الرياض، قال الرئيس الصيني إنه سعيد بالعودة إلى السعودية “لحضور القمة الصينية العربية الأولى، والقمة الأولى للصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، تلبية للدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”.
وأضاف في تصريح مقتضب: “يطيب لي بهذه المناسبة أن أتقدم نيابة عن الصين حكومة وشعبًا، بأخلص التحيات وأطيب التمنيات للمملكة الصديقة حكومة وشعبًا”.
وقال إن الصين والسعودية تربطهما “علاقة وثيقة من الصداقة والشراكة والأخوة”، مشيرًا إلى أنه منذ بداية العلاقات الدبلوماسية قبل 32 عامًا “ظل الجانبان يتبادلان الفهم والدعم، وتترسخ الثقة الإستراتيجية المتبادلة بينهما بشكل مستمر”.
وخلص إلى التأكيد على أن “التعاون العملي بين البلدين حقق نتائج مثمرة في المجالات كافة، ويحافظ الجانبان على التواصل والتنسيق الوثيقين في الشؤون الدولية والإقليمية”، وفق تعبيره.
وختم بالقول: “أتطلع لحضور القمة الصينية العربية الأولى، والقمة الأولى للصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، للعمل مع قادة الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي على الارتقاء بالعلاقات الصينية العربية والعلاقات الصينية الخليجية إلى مستوى جديد”.
من جهة أخرى، ووصف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، العلاقات بين بلاده والصين بأنها “استراتيجية ووثيقة في ظل التطورات والتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية”.
وأضاف وزير الخارجية السعودي، في تصريح صحفي، أن استضافة الرياض للقمم الثلاث “تؤكد العزم المشترك نحو تطوير العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين بلداننا”، معرباً عن تطلع بلاده للعمل مع الصين والدول الخليجية والعربية على “تكثيف التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، بما يحقق المزيد من الأمن والاستقرار والنمو والازدهار للجميع”.
في غضون ذلك، قال السفير السعودي لدى الصين عبد الرحمن بن أحمد الحربي، في تصريح صحفي إنها “تاريخية وتكتسي أهمية كبيرة”، مشيرًا إلى أن “استضافة المملكة للقمة الخليجية الصينية، والقمة العربية الصينية تأتي تأكيداً لمكانة المملكة كونها دولة رائدة في المنطقتين الخليجية والعربية”.
وأضاف أن “القيادة الصينية كانت حرصت على أن تكون المملكة هي المستضيف الأول للقمتين الخليجية الصينية والعربية الصينية لمكانة المملكة وأهميتها في المحيطين الخليجي والعربي”، وفق تعبيره.
العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والصين تعود إلى عام 1990، ولكنها بدأت تشهدُ تطورا لافتا منذ 2016، حين زار الرئيس الصيني الرياض ضمن جولة في المنطقة، أعقبتها زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الصين عام 2017، ثم زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصين عامي 2016 و2019.
وتشير الأرقام إلى أن التبادل التجاري بين البلدين عام 1990 كان بقيمة 500 مليون دولار، ولكنه قفز عام 2000 ليصل إلى 3 مليارات دولار، وفي عام 2021 وصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 88 مليار دولار، وفي الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري (2022) تجاوز حجم التبادل التجاري 97 مليار دولار.
وتعد السعودية الشريك التجاري الأول للصين في المنطقة، وتحتل أيضا المرتبة الأولى للدول المصدرة للنفط للصين، فيما تُعد الصين الشريك التجاري الأول للمملكة منذ عدة سنوات، وأعلن السفير السعودي في الصين أن “المملكة هي الوجهة الأولى للاستثمارات الصينية الخارجية خلال النصف الأول من العام الجاري (2022)، بما قيمته 5,5 مليارات دولار، وهو ما يعادل 20 في المائة من إجمالي الاستثمارات الصينية الخارجية لتلك الفترة”.
وقال الدبلوماسي السعودي في حديثه الصحفي إن البلدين “يسعيان إلى تعميق التعاون الاقتصادي بينهما عبر نقاط الالتقاء بين (رؤية المملكة 2030) ومبادرة (الحزام والطريق) الصينية، حيث تستفيد المملكة من موقعها الإستراتيجي لوصل قارة آسيا بأفريقيا وأوروبا”.
وأوضح أن أول مشاريع التعاون السعودي الصيني في مبادرة “الحزام والطريق”، دشن عام 2019، وهو مشروع مصنع شركة “بان آسيا” الصينية للصناعات الأساسية والتحويلية بمدينة جيزان جنوب غربي المملكة، وبلغت قيمته حوالي 1.15 مليار دولار في مرحلته الأولى.
في غضون ذلك، يحاول البلدان تعزيز التعاون بينهما ليشمل التعليم والثقافة، إذ أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للصين (2019) إدراج اللغة الصينية ضمن مناهج التعليم في السعودية، كما أعلن مؤخرا نية السعودية ابتعاث عدد كبير من الطلاب للدراسة في الصين، كما أطلقت وزارة الثقافة السعودية عام 2019 “جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية وجمهورية الصين الشعبية”.