علمت “صحراء ميديا” من مصادر مطلعة ان المجلس الدستوري تحفظ علي 10 مواد من قانون الارهاب واعتبرها غير دستورية، ويثير القانون الذي اقرته الحكومة الموريتانية مؤخرا وصادق عليه البرلمان جدلا سياسيا كبيرا في البلاد.
وكانت المعارضة الموريتانية قد اعتبرت ان القانون الجديد يمثل نكسة للحريات العامة في البلاد، ويتعارض في عدد من مواده مع الشريعة الإسلامية والقيم والأخلاق الموريتانية ومبادئ الحرية الديمقراطية حسب تعبيرها.
ويقول مقربون من السلطة أن “الرافضين لقانون مكافحة الإرهاب لا يدركون حجم الخسائر التي قد تنجم عن أي عمل يرتكبه متطرفون لا يعرفون للدماء ولا للأعراض حرمة”
ويسمح القانون الجديد بالتنصت على هواتف واتصالات ومراسلات المشتبه بهم، كما يسمح بمداهمة البيوت والمنازل في أي وقت، ويعطي أيضا حصانة لمحاضر الشرطة، ويمنع الطعن فيها في أي مرحلة من مراحل التقاضي، كما يسمح أيضا باعتقال وملاحقة القاصرين ومحاكمتهم، ويعفى “المتعاونون” أثناء التحقيق من المتابعة الجنائية.
وفي مايلي نص البيان:
قرار رقم: 001/ 2019 م . د
ان المجلس الدستوري.
بعد الاطلاع علي القانون رقم: 058/09 الذي يلغي ويحل محل القانون رقم 047/ 2005 الصادر بتاريخ: 26 يوليو2005 المتعلق بمكافحة الارهاب.
وبعد الاطلاع علي الطلب المقدم الي المجلس الدستوري بتاريخ: 03 / 02/2010 من طرف اثنين وثلاثين من نواب الجمعية الوطنية والرامي الي التصريح بعدم دستورية القانون رقم: 058/09 المتعلق بمكافحة الارهاب.
وبعد الاطلاع علي الدستور.
وبعد الاطلاع علي الامر القانوني رقم: 004/ 92 الصادر بتاريخ 18 فبراير 1992 المتضمن القاون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري.
وبعد الاطلاع علي تقرير لجنة العدل والداخلية والدفاع بالجمعية الوطنية حول مشروع القانون المذكور
وبعد الاستماع الي تقرير المستشار المقرر.
وحيث ان مجموعة النواب التي تقدمت بطلب التصريح بعدم دستورية القانون المذكور، تساوي ثلث (3/1) نواب الجمعية الوطنية، الامر الذي يجعل طلبها مستوفيا للشكل القانوني اللازم، حسب نص المادة: 86 من الدستور.
وحيث انه وبعد قراءة شاملة ومتانية للقانون المطلوب التصريح بعد دستوريته تبين مايلي:
حي ان المواد: 3 و 4 و 5 من القانون المذكور وردت فيها عبارة “بدون ان يكون التصنيف حصريا” وذلك في سياق تعداد الافعال التي تشكل جريمة ارهابية.
وحيث ان هذه العبارة تتعارض مع مبدأ اساسي معتمد في قوانين الجمهورية الاسلامية الموريتانية الا وهو مبدأ “ان لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني سابق علي ارتكابها” وهو ما يجعل هذه العبارة غير دستورية طبقا لمقتضيات البند الاول من الام التنظيمي رقم: 001/92 الصادر بتاريخ : 18 يونيو 1992 المتعلق برقابة المجلس الدستوري.
وحيث ان المادة 22 من نفس القانون نصت علي ما يلي: “خروجا علي احكام القانون المتعلق بالحماية الجمائية للقصر، تطبق العقوبات الواردة في هذا القانون في حق القصر المرتكبين لاعمال ارهابية، ومع امكان تقليص مدة الحراسة النظرية والسماح بالاستفادة من الظروف المخففة خلال المحاكمة”.
وحيث ان ترتيبات هذه المادة تتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية التي هي المصدر الوحيد للقانون، حسب نص الدستور في ديباجته، والتي تفرق بين الاجراءات والعقوبات المطبقة في حق القصر، وتلك المطبقة في حق البالغين في الة ارتكابهم لافعال مجرمة.
وحيث ان المادة: 28 من القانون المذكور، جاء فيها: “يمكن وضع المشتبه فيهم بارتكاب الجرائم الارهابية تحت الحراسة الظرية لمدة 15 يوما من ايام العمل، تحسب طبقا لاحكام المسطرة الجنائية يمكن تمديد هذه الفترة مرتين، بنفس المدة، بعد الحصول علي ترخيص مكتوب من وكيل الجمهورية. لا يتجاوز الحبس الاحتياطي اربع سنوات””.
وحيث ان هذه المادة تسوغ ان تبلغ فترة الحراسة النظرية ازيد من شهرين وان يستمر الحبس الاحتياطي ـ وبدون محاكمة طبعاـ لغاية اربع سنوات
وحيث ان المادة 31 من القانون المنوه عنه اعلاه نصت علي ما يلي: “لمتطلبات التحقيق يسمح لضباط الشرطة القضائية بموجب امر من وكيل الجمهورية او قاضي التحقيق خلال تصرفهم بانابة قضائية، القيام بتفتيش المنازل في حالة الشك بوجود أدلة لها علاقة بمجموعة ارهابية. يمكن القيام بهذه التفتيشات في كل وقت طبقا لاحكام المسطرة الجنائية
وجاء في المادة : 33 منه “لايمكن الطعن في محاضر الشرطة القضائية المتعلقة بقضايا الارهاب، الا في حالة تزوير المحررات”.
وحيث ان ترتيبات هذه المواد تتناقص مع ضمانات الحريات العمومية والفردية والحقوق الاساسية للانسان المنصوص عليها في ديباجة الدستور والمادتين 10 و13 منه
وحيث ان المادة: 38 من القانون المذكور نصت علي ما يلي “يمكن لوكيل الجمهورية لدي محكمة ولاية نواكشوط ان يحيل بوثيقةايداع الي السجن المدني كل متهم رفضقاضي التحقيق ايداعه، علي الرغم من من طلبات النيابة العامة، في انتظار ان تبت غرفة الاتهام في الاستئناف المقدم من طرف النيابة العامة ضد امر رفض الايداع وتطبق الاوامر القانونية اعلاه في حالة التبرئة، او الحكم المخف، او الادانة مع وقف التنفيذ”.
وحيث ان ترتيبات هذه المادة تتعارض مع نص المادة 13 من الدستور التي تنص علي ان كل شخص يعتبر بريئا حتي تثبت ادانته من قبل هيئة قضائية شرعية، بل انها تعكس الامر فتعتبر كل شخص مدانا حتي تثبت برائته بالاضافة الي ما اشتملت عليه من استخفاف بالقرارات القضائية والمس من استقلاليتها وهيبتها المقررتين بالمادتين: 89 و90 من الدستور.
وحيث ان المادة: 39 من القانون المذكور نصت علي ما يلي:
“تصادر كل المواد والمعدات واللوازم والتجهيزات والممتلكات مهما كانت طبيعتها التي تم ضبطها بمناسبة التحضير او ارتكاب الجريمة الارهابية لصالح الهيئات المكلفة بمعاقبة الارهاب ستحدد الرق العلمية الكفيلة لتوزيع المواد المصادرة بمرسوم”.
وحيث ان مصادرة الممتلكات بدون حكم قضائي حائز علي قوة الشيء المقضي به يعتبر انتهاكا لحق الملكية المحمي والمصون بنص ديباجة الدستور والمادة: 15 منه
وحيث ان هذه المعطيات تبرز بجلاء عدم دستورية هذه الترتيبات المذكورة في المواد اعلاه
وحيث ان شرط اجماع المحكمة علي منح الحرية المؤقتة يعتبر من الناحية العملية بمثابة منع للحرية المؤقتة، كما ان الاجماع لا يشترط في قرارات المحكمة الجنائية الباتة في الاصل فمن باب احري ان يشترط في قرارات منح الحرية المؤقتة، لذلك فان التحفظ علي هذه المادة أمر وارد.
لهذه الاسباب، وتاسيسا علي ما تقدم، وبعد المداولة طبقا للقانون فان المجلس الدستوري
يقرر
المادة: الاولي: اعلان عدم دستورية الترتيبات المذكورة اعلاه، الواردة في القانون رقم: 058 / 09 المتعلق بمكافحة الارهاب وهي:
عبارة: “بدون ان يكون التصنيف حصريا”، الواردة في المواد: 3 و 4 و5 والمادة: 22 والمادة: 28 والفقرتين الاولي والثانية من المادة: 31، والمادة: 32 والمادة، 33، والمادة: 38 والمادة: 39 من القانون المذكور
المادة الثانية: التحفظ علي الفقرة الثانية من المادة: 26 من نفس القانون.
المادة الثالثة: سيبلغ هذا القرار لم يهمه الامر، وسينشر في الجريدة الرسمية للمهورية الاسلامية الموريتانية
وهكذا تمت مداولة هذا القرار م طرف المجلس الدستوري فس جلستة 03/03/2010 التي حضرها السادة: عبد الله اعلي سالم رئيسا والاعضاء: انكام ليروان، الشيباني ولد محمد السن، الشيخ ولد حندي، ومحمد يحي ولد عمر