حاوره عبد الله أتفغ المختار
قال يحي ولد أحمد الوقف – رئس حزب عادل – إن ملف الأرز الفاسد يتعلق بـ”صفقة تموين عادية تم إبرامها بين مفوضية الأمن الغذائي ومورد تابع لأهل انويكظ، بموجبها يتم توفير 3400 طن من الأرز، لكن ما تم تسليمه منها لا يزيد عن 300 طن، وبدا أنها لا تستجيب للمواصفات”.
وأضاف أنه “كان من العادي أن تُلغى الصفقة، أو يوفر المورد أرزا وفق المواصفات” مضيفا في لقاء مع (صحراء ميديا) أن ” المصيبة أنه لم يجري التفاوض تجاريا من أجل إيجاد حل للقضية بسبب الانشغالات السياسية، إذ لم يهتموا آنذاك إلا بتوظيف الأمر سياسيا” بحسب تعبيره.
وأكد ولد أحمد الوقف أنه “مع أي ممول يجلب منفعة لموريتانيا وللشعب الموريتاني” وأعتبر رئيس حزب (عادل) أن “فقضية التمويلات والمانحين ليست قضية سياسية” :
وهذا نص اللقاء.
صحراء ميديا: يحي ولد أحمد أحمد الوقف ، لقد تم اعتقالكم سنة 2008، على خلفية ما بات يعرف بفضيحة الأرز الفاسد، واتهمتكم السلطات ساعتها بالتورط في عملية شراء كمية من الأرز الفاسد كان مقررا أن يتم توزيعها على السكان في إطار برنامج التدخل الخاص، قبل أن يتم الإفراج عنكم في 2009 بحرية مؤقتة، ضمن تسوية “سياسية” بنظركم لما تم استدعاؤكم من جديد للمثول أمام القضاء الآن؟
يحي ولد احمد أحمد الوقف: في الحقيقة ليست عندي أي معلومات عن دواعي تحريك الملف الآن بالذات، والقراءات والتأويلات متعددة، لكن ما أعرفه هو أن الملف ملفقُ ضدي، ولا أساس من الصحة للتهم المنسوبة لي فيه، وكان على صحافتنا الموقرة أن لا تكتفي برأيي شخصيا، ولا برأي جهة أخرى وحدها، بل أعتقد أن واجبها في إنارة الرأي العام يفرض فتح تحقيق في حيثيات الملف ومراحله وما آل إليه.. هذا من جهة، ومن جهة فإن تحريك الدعوى لم يحترم أبسط الإجراءات الشكلية إذ القضاء ليس صاحب الاختصاص في الملف، باعتبار أن الوقائع المنسوبة إلي في فترة كنت فيها في منصب الوزير الأول هي من اختصاص محكمة العدل السامية وليست من اختصاص القضاء العادي، والدستور الموريتاني واضح وصريح في هذا الموضوع، والمحكمة السامية أيضا موجودة ونصوصها تقضي بأن يحال أي ملف من هذا القبيل إليها، ومن الخروقات أيضا عدم احترام اللجنة البرلمانية التي شكلت ساعتها للتحقيق في الملف والتي كان من الضروري اعتماد تقريرها بشأن نتائج التحقيق، وإن كانت لم تصدر تقريرا حتى الساعة.. وفي جانب المضمون فإن مهام الوزير الأول معروفة، وبموجبها يتعين توقيعه على صفقات تصل رقما ماليا معينا، لكن هذا التوقيع لا يتم إلا بعد إكمال الصفقة لكل الإجراءات والفحص وبعد توقيع كل الإدارات المعنية بها بل بعد توقيع رئيس لجنة الصفقات، وبذالك يكون توقيع الوزير الأول بمثابة تأشير فقط، ولا تترتب عليه أي مسؤولية قانونية.
صحراء ميديا: ما هي تفاصيل هذه الصفقة، وما مصير الأرز الفاسد؟
يحي ولد أحمد الوقف: هي صفقة تموين عادية تم إبرامها بين مفوضية الأمن الغذائي ومورد تابع لأهل انويكظ، بموجبها يتم توفير 3400 طن من الأرز، لكن ما تم تسليمه منها لا يزيد عن 300 طن، وبدا أنها لا تستجيب للمواصفات، وكان من العادي أن تُلغى الصفقة، أو يوفر المورد أرزا وفق المواصفات أما عن مصير الأرز فبإمكانكم طرح السؤال على المورد أو الموَرد له.
صحراء ميديا: ما دام الأرز لم يستهلك وما دامت الصفقة قد ألغيت فلماذا يظل الملف مطروحا؟
يحيى ولد أحمد الوقف: المصيبة أنه لم يجري التفاوض تجاريا من أجل إيجاد حل للقضية بسبب الانشغالات السياسية إذ لم يهتموا آنذاك إلا بتوظيف الأمر سياسيا، لكني أعود فأقول إن مدونة الصفقات تعفيني نهائيا من أية مسؤولية، وإذا كانت هناك أدلة ضدي فليقدموها، ومن المؤسف أن الصحافة لم تتناول إلا وجهة نظر واحدة، في الوقت الذي كان بإمكانها جمع المعلومات والتدقيق في كل جوانب القضية، يجب أن لا تنشروا وجهة نظر واحدة. وأنا اعتبرته ملفا سياسيا منذ الوهلة الأولى ولازلت اعتبره سياسيا.
صحراء ميديا: بعيدا عن الملف، أجريتم عدة لقاءات سابقة مع النظام ممثلا في الرئيس محمد ولد عبد العزيز.. فأين نتائج تلك اللقاءات على المشهد السياسي؟
يحيى ولد أحمد الوقف: لقاءاتنا السابقة مع السلطة كانت سياسية بحتة، وهدفها تعميق الحوار، وكانت حوارات جادة وهادئة، لكن كان من المفيد أن تعم تلك اللقاءات باقي زعامات المعارضة، لذا لم يكن هناك تقدم.
صحراء ميديا: يلاحظ مراقبون للساحة السياسية أن خطاب (عادل) أكثر مرونة من باقي تشكيلات منسقية المعارضة.. هل مرد ذلك إلى ما يتحدث عنه البعض من تقارب بين الحزب والسلطة؟
يحيى ولد أحمد الوقف: المعارضة الديمقراطية موحدة في مواقفها، ومهمتها انتقاد الأوضاع المختلة، ونحن في عادل نتبنى رؤية المعارضة في الإطار العام لكن الفرق قد يكون في اللغة والأسلوب المعبر بهما.
صحراء ميديا: هل يعني هذا عدم رضاكم عن أسلوب مسعود ولد بولخير مثلا تحت قبة البرلمان وفي مهرجانكم الأخير، وأين أنتم من نداء إزاحة النظام؟
يحيى ولد أحمد الوقف: يجب أن يفهم الجميع أن مسعود ولد بولخير شخصية وطنية، ومواقفه تمثل مواقف المعارضة، وقد أوضح في خطاب افتتح به الدورة البرلمانية الحالية أنه كان قد وجه في السابق رسائل ايجابية إلى الأطراف السياسية لكن النظام لم يتعامل مع تلك الرسائل تعاملا ايجابيا، وبخصوص أساليبنا في تحقيق أهدافنا السياسية فهي الأساليب الديمقراطية المتاحة، فالمعارضة لا يمكنها العمل خارج الأساليب الديمقراطية المعهودة للعمل السياسي.
صحراء ميديا: ما أعنيه هو أننا لم نسمع منكم الآن ولا من أي مسؤول في (عادل) لفظ “إزاحة النظام” التي تتردد باستمرار على ألسنة باقي قادة المعارضة؟
يحيى ولد أحمد الوقف: لكم الحق في طرح ما شئتم من أسئلة ولي الحق في اختيار لغة إجاباتي، و باعتقادي فإن مسألة انتقاء الألفاظ لا يمكن أن تؤثر في الخطاب والتوجه الحزبي.
صحراء ميديا: يعتقد البعض أن الساحة السياسية تشهد طرحا ثالثا، يمثله حزب (تواصل) الذي دعا رئيسه محمد جميل منصور أول أمس قوى المعارضة إلى التخفيف من لهجتها، كما دعا النظام إلى مزيد من المرونة، سبيلا لحوار جاد ومسؤول أين أنتم من رؤية حزب تواصل هذه؟
يحيى ولد أحمد الوقف: حزب تواصل بنظري حزب معارض لكل ما يتعارض مع الصالح العام، ونحترم ونقدر رؤيته التي أثبتت التجربة تحريها لما فيه خدمة موريتانيا، ونحن في عادل نتقاسم مع حزب تواصل العديد من الرؤى والمقاربات، ونثمن دعوته كل الأطراف إلى الركون إلى الحوار.
صحراء ميديا: أخيرا ينتظر النظام من الممولين في بروكسل التدخل في الأيام القادمة بتمويلات كبيرة، فيما تُتهم المعارضة بالسعي لقطع الطريق أمام تلك التمويلات.. ما رأيكم؟
يحيى ولد أحمد الوقف: برأيي الشخصي نحن مع أي ممول يجلب منفعة لموريتانيا وللشعب الموريتاني، ولا يمكن بأي حال أن نكون ضد العيش الكريم لهذا الشعب، وإذا كانت مصلحة الشعب الموريتاني هي في حظوتها بتمويلات الآن فذالك ما نتمناه، وإذا كانت في التأجيل فنحن مع التأجيل، فقضية التمويلات والمانحين ليست قضية سياسية، بل هي فنية بالدرجة الأولى، ويجب أن تكون المشاريع المطلوب تميلها مدروسة وجاهزة، وأن يكون الممولون جاهزون.