ردا على المقال الذي نشرتموه في موقعكم المحترم تحت عنوان ” جمعهم السلاح .. وفرقتهم السياسة” بمناسبة مرور 7 سنوات على محاولة انقلاب 08/06/2003، والذي اختار كاتبه عدم ذكر اسمه بسبب ركونه فيما يبدو لتزوير الحقائق والتعدي على خصوصية أشخاص عبدوا طريق التغيير بتضحياتهم وعذاباتهم فجعلوه أمرا ممكنا بل وحتميا. ومهما يكن من أمر فإن تاريخ موريتانيا الحديث سوف يحفظ لألئك الرجال، الرجال، دورهم في صناعة التغيير والدفع باتجاه تحقيقه.
ولعل ثقافة “الگزره”والتعدي قد تسربت إلى ذهن صاحب المقال المبني على المجهول، إذ لم يكلف نفسه مشقة البحث ولا عناء سؤال من تحدث عنهم بأسمائهم؛ فلو أنه اتصل بالأشخاص الذين ذكرهم في مقاله، لكان ذلك أقرب للصواب وللإنصاف وللمهنية، وهي شروط ينبغي أن يتحلى بها كل من يسعى إلى استجلاء الحقيقة والتعامل مع أحداث التاريخ لا سيما إذا كانت لا تزال طرية ولم تنضج بعد، حتى يكون في الإمكان التطرق إليها بعيدا عن الذاتية، وبمعزل عن تأثير الأحداث المرتبطة بها والتي لا نزال نعيشها اليوم.
لقد سعى كاتب المقال إلى إبراز مدى أهلية وقدرة الرائد السابق صالح ولد حننا في مجال القيادة، ولأجل ذلك سرد عدة أحداث لا أساس لها من الصحة للتدليل على ما أراد:
فقد تحدث كاتب المقال عن اجتماع سري حصل في أواخر سبتمبر 1999 حضره كل من الرائد محمد الأمين ولد الواعر، النقيب أحمد ولد أحمد عبد، الرائد محمد ولد أحمد فال، النقيب محفوظ ولد بيب، الرائد صالح ولد حننا والرائد حبيب ولد أبو محمد، وأن المجتمعين عقدوا لواء القيادة للرائد صالح ولد حننا، وهذا كذب.
فجميع محاضر تحقيق الدرك والشرطة وقضاة التحقيق المنشورة في محاكمة واد الناقة لم يتطرق أي منها لذكر هذا الاجتماع. ولأن الأخ الرائد حبيب ولد أبو محمد لم يلتحق بالتنظيم إلا بعد 2003، فالرجل كان يعمل في قيادة الأركان أثناء المحاولة الانقلابية ولم يشارك فيها ولا يليق بمن في شجاعته والتزامه أن يتولى يوم الزحف، ولأن الرائد السابق صالح ولد حننا كان أقل أقدمية من أغلب الرواد الذين شملتهم المحاكمة. ثم إن الرائد صالح ولد حننا نفسه تحدث في برنامج “البيان رقم 1″، الذي بثته قناة الجزيرة، أن الفرسان كانوا يبحثون عن ضابط كبير برتبة عقيد ينضم إليهم ويكون واجهتهم التي تسهل لهم القبول من القوات المسلحة، وأشار في هذا الصدد إلى ميلهم إلى تفضيل العقيد المرحوم محمد الأمين ولد انديان. كل هذا لأن الفرسان لم يكونوا قد حسموا بعد مسألة من يقودهم.
ولعل إلقاء نظرة على أحداث 08/06/2003 سيكون مفيدا لتوضيح الصورة ومعرفة من يقود من؟
يوم 08/06/2003 كانت الثكنات التي تحرك منها الانقلابيون كالتالي:
كتيبة المدرعات: النقيب عبد الرحمن ولد ميني، قائد سرية مدرعات، النقيب المرحوم محمد ولد السالك، قائد سرية مدرعات، النقيب محفوظ ولد بيب، قائد سرية مدرعات، الملازم موسى ولد سالم، قائد رعيل دبابات، الرقيب أول كهربائي عبد الله ولد مسعود.
قيادة أركان الجيش: الرائد محمد ولد شيخنا، النقيب اعل ولد مغلاه، النقيب أحمد سالم ولد كعباش، النقيب الفراح ولد اشكونه، الملازم أول محمد ولد حم فزاز، الملازم أول سعدنا ولد حمادي.
المنطقة العسكرية السادسة: الرائد محمد ولد أحمد فال، والمساعد محمد ولد عابدين.
مديرية الطيران: النقيب أحمد ولد أحمد عبد، النقيب الطيار محمد ولد سعد بوه، النقيب محفوظ ولد سيدي محمد.
مديرية الهندسة العسكرية: الرائد محمد ولد عبدي، النقيب بده ولد سيدي، الملازم أول محمد ولد الشيباني.
مديرية البحرية: النقيب سيدي اعل ولد محمد فال والنقيب الطاهر ولد فروه.
المدرسة العسكرية بأطار: الرائد محمد الأمين ولد لقلال، الملازم أول ديدي ولد امحمد.
الحرس الوطني: النقيب سيدي محمد ولد انّ، النقيب حمود ولد باب.
فأي هذه التشكيلات يا ترى كانت تحت قيادة الرائد السابق صالح ولد حننا؟ فالرجل كان مدنيا يومها، ولا يتصور إمكانية قيادته لأية تشكيلة عسكرية، ثم إن كل المراقبين، العسكريين والمدنيين، مجمعون على أن سبب فشل الانقلاب كان في انعدام القيادة وغياب السيطرة وفقدان الاتصالات ؛ فعن أية قيادة يتحدث كاتب المقال الذي اختار التخفي.
وإذا كان الرائد السابق صالح ولد حننا لم يتمكن من قيادة التشكيلات العسكرية، فقد قيض الله له ماكينات إعلامية هائلة روجت اسمه منذ الساعات الأولى للانقلاب بل وتحدثت عنه باعتباره عقيدا من سلاح المدرعات ووصفته بكل الصفات الحميدة التي يتوفر عليها وهي كثيرة لا شك، وتلك التي لا يتوفر عليها كقيادة الانقلاب.
كما أعادت المحاولة المجهضة لسنة 2004 – التي اعتقل إثرها الرائد الركن محمد فال ولد هنضية، قائد كتيبة المدفعية الثانية المضادة للطيران، الرائد حبيب ولد أبو محمد من قيادة الأركان، والرائد محمد الأمين ولد الواعر، النقيب أحمدو ولد امبارك، والنقيب المصطفى ولد الشيباني، والملازم أول دحنّ ولد سيدي محمود، والمساعد أول ابهاه ولد الشيخ، والرقيب أول الشيخ ولد إبراهيم – إلى الأذهان مشهد 08/06/2003، وأقنعت حتى القيمين على النظام بانتهاء صلاحيته وأن التخلص منه أصبح لا مناص منه.
وساهم كذلك الإعلام الرسمي – عن غير قصد – في إضفاء هالة كبيرة على الرائد السابق صالح ولد حننا، إثر عودته المثيرة للجدل.
وبعد محاكمة واد الناقة التي لا تزال محاضرها موجودة لمن يريد الاطلاع عليها، وبعد أن خرج من خرج من السجن، وعاد من عاد من المنفى، وبعد أن أعلن الرائد محمد ولد شيخنا من منفاه حل تنظيم فرسان التغيير، بدأت الجماعة في التحرك من أجل إنشاء حزب سياسي؛ وقد رأت تشكيلته السياسية الأولى النور بعد مخاض عسير وبعد الكثير من لي الأذرع والنقاشات الحادة، وبعد أن تبين للفرسان أن الأخ صالح ولد حننا يتمتع بفتوى تنص صراحة على أنه هو وحده من تتوفر فيه صفات القيادة والريادة.
واعتمادا على تلك الفتوى – لا غير- أصبح السيد الرئيس صالح ولد حننا رئيسا لحزب حاتم بلا منازع، وانضم تحت قيادته الفرسان، لأول مرة، وغير الفرسان.
والذي يتبادر إلى الذهن الآن – وقد فات على صاحب المقال استحضاره – هو ثلاثة أسئلة هامة وجوهرية وذات صلة بالموضوع وهي:
1. بعد مرور أربع سنوات على ترؤس السيد الرئيس صالح ولد حننا لحزب حاتم، ما الذي بقي معه من الفروسية والفرسان؟ وماذا بقي من تلك الفتوى؟
2. لا تزال أحداث كبيرة غامضة نذكر منها: طريقة اعتقال الأخ الكريم الأستاذ المصطفى ولد سيد أحمد ولد محم، فارس القلم والسلاح. وكذلك كيفية اعتقال الرائد السابق صالح ولد حننا، والنقيب أحمدو ولد امبارك، في روصو فمن كان وراء الوشاية بهؤلاء؟ ثم إنه كان لاستشهاد السيد العقيد محمد الأمين ولد انديان بالغ التأثير على مجريات الأحداث وفي نفوس محبيه الكثيرين، فهل لصحافتنا الوطنية من سبيل إلى معرفة من قتله ولماذا؟
3. بعد مرور سبع سنوات على أحداث 08/06/2003 و08/08/2004 وبعد صدور مرسوم العفو الشامل، الكامل، التام والمطلق عن جميع المشمولين في ملفات محاكمة واد الناقة إثر نجاح انقلاب 03/08/2005، وبعد أن أجمعت غالبية الشعب الموريتاني على ضرورة التغيير، فهل أنصف دعاة التغيير وقادة موريتانيا الجديدة فرسان التغيير وردوا إليهم بعضا من حقوقهم وأعطوهم وظائف تكفل لهم حق العيش الكريم في وطنهم؟؟
الجواب طبعا لا، فكل فرسان التغيير عاطلون عن العمل ولا يجدون ما يطعمون به أبناءهم ويعيلون به أسرهم إلا من رحم ربك.