كاتب هذا التعليق ليس ممثلا لسكان “أغلمبيت” ولا ناطقا باسمهم ، ولكنه أحد أبناء هذه البلدة وله في المسألة رأي يتمنى أن يكون له من الوجاهة نصيب.
قرار الإدارة الجهوية للتعليم الأساسي في “تكانت ” بتحويل مركز الامتحان من “أغلمبيت ” إلى ” انبط” أثار أفعالا وردود أفعال لم يكن أي منها في مصلحة الإدارة ولا الأهالي ولا والتلاميذ.. ويعني هذا بداهة أن هناك أخطاء لم يوفق أي من الأطراف في تصحيح ما ارتكبه منها.
ملخص القصة في تسلسلها أو ترتيبها الزمني أن سمع الأهالي بأن هناك نية لتحويل المركز من مكانه الأصلي في مدرسة “أغلمبيت ” إلى مدرسة “انبط ” فبادر ممثلو رابطة الآباء بالاتصال بالإد ارة التي نفت حينها شائعة التحويل ووعدت بإبقاء المركز في مكانه ، وحصل اقتناع الأهالي بذلك إلى أن فاجأهم قرار التحويل مثبتا في لوائح مراكز الامتحانات في الولاية.. وبعودة ممثلي الرابطة إلى الادارة تبين لهم اصرارها على تنفيذ القرار الذي قابله الأهالي باعتراض قاطع مدفوع بتأثير المفاجأة ، والشعور بأن فيه استخفافا أو تجاهلا لما تمثله حاضرتهم من ثقل اجتماعي وديموغرافي مع ما لمدرستهم من تفوق في الأقدمية والحجم ، رغم اعتبارهم لما تمثله في ذات الوقت حاضرة ” انبط ” التي حول اليها المركز من أهمية بالمقاييس الآنفة الذكر، والتي لايبدو أن أيا من سكانها كان له مسعى في قرار التحويل، ولا من سكان حاضرة “لعوينات ” التي تقرر امتحان تلاميذها في”انبط” الأقرب اليها بقليل بعد ماكان امتحان الجميع يجرى دائما في مدرسة “أغلمبيت” في إطار ما يتبادله سكان الحواضر الثلاث من اعتبار لما بينهم من روابط الجيرة والقربى.
طالب منتخبو ووجهاء المنطقة بتراجع الإدارة عن قرارها ، ولكن يبدو أنها أقنعتهم بتعذر التراجع لأنه أصبح يقتضي العودة إلى نقطة الصفر في عملية الاعداد ليوم الامتحان ، وقالت إن قرار التحويل يندرج في تطبيق سياسة تجميع مراكز الامتحانات التي أقرتها الوزارة في عموم التراب الوطني .
لقيت هذه التبريرات تفهما لدى المنتخبين والوجهاء بينما بقيت مرفوضة من الأهالي بحجة أن مدرستهم قائمة منذ العام 1975 م وكانت تجري بها كل الامتحانات سنويا دون إشكال.
بقي التدابر قائما ، بل ومتزايدا بين الإدارة وأهالي التلاميذ إلى أن جاء اليوم الموعود ليشهد حرمان حوالي (40) تلميذا في “أغلمبيت ” أكملوا دروسهم الابتدائية على مدى السنوات الست الماضية من حقهم في المشاركة في الامتحان، وخسرت الدولة والتلاميذ وأولياؤهم مجهود سنة من التعليم إن لم تكن الخسارة أكبر من ذلك بما قديكون للمسألة من انعكاسات سلبية على نفسيات التلاميذ الحالمين بتجاوز المرحلة الإبتدائية إلى الإعدادية ، وما في ذلك من أثر سلبي على المفاهيم والأهداف التربوية في عمومها.
وبصرف النظر عن الأفعال وردود الأفعال المعتبرة خطأ من وجهة نظر طرف واحد ، كخطأ قرار التحويل من وجهة نظر الأهالي ، وخطأ الاعتراض عليه من وجهة نظر الادارة ، أعرض لأمثلة لما أراه خطأ بالمفهوم الحيادي العام:
1 – صدور قرار التحويل بدون شفافية وبصورة مفاجئة في غياب الوقت والشرح اللازمين للاستعداد النفسي والعملي لتنفيذ القرار إن كان له في النهاية أسباب موضوعية تبرره أو تدعو إليه.
2 – تصريح الإدارة في وسائل الإعلام بأن ما يتحدث عنه الأهالي في “أغلمبيت” من “أهمية أو أكثرية أصبح من الماضي.. إذ الواقع المشهود صادح بأن حاضرة ” أغلمبيت ” التي مضى على تأسيسها أزيد من قرن من الزمن كانت متميزة في نشاطها الاقتصادي والاجتماعي ولاتزال بحمد الله تعالى تشهد تزايدا وتطورا في مقوماتها وأنشطتها وأدوارها القيمة في المنطقة.
3 – ما أقدم عليه أولياء التلاميذ من مقاطعة الامتحان لم يكن بدافع التروي وتقدير الأمور بقدر ما كان بدوافع الاستياء واستعظام مشقة التنقل والخشية من تكرار الأمر مستقبلا وكلها أمور تقل فرص تفهمها أمام اعتبارين اثنين :
أولهما أن فوات فرصة التجاوز إلى المرحلة الإعدادية يعد ثمنا باهظا لخيار المقاطعة ، وثانيهما ضرورة الانضباط تحت طائلة السلطات الرسمية التي هي في النهاية ملزمة بتصحيح ما يحدث منها من أخطاء تجاه مواطنيها أيا كانوا فالعهد عهد ذلك ، وكل الحقوق مكفولة بالدستور والقانون والإرادة السياسية الجديدة ، والأجدى للإدارة وللأهالي أخذ العبرة مما حدث لصالح المستقبل .. فمسيرة البناء الوطني تحتاج تفاهم وتعاون الجميع .