المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة تعمل كجهاز تابع لمنظمة التعاون الإسلامي، تعنى بإبراز الصورة الصحيحة والسمحة للإسلام، وتعتمد في مهمتها على فريق من خبراء العالم الإسلامي يقوده د. عبد العزيز بفكر متقد ورؤية مستنيرة تشخص مكامن الخلل وتعمل على سده في مجالات التربية والثقافة والعلوم.
بكاريزمية المديرِ وثقافة المفكرِ، ونظرة المتفحص المدرك لإشكالات العالم الإسلامي، يأسرك بثقافته الموسوعية ولغته الرفيعة، ذلك ما يدركه المتابع لكتابات الدكتور التويجرى الذي سبق أن وصفه أحدهم بأنه “مهندس البناء الحضاري للعالم الإسلامي”؛ وصفٌ لا تجافيه الحقيقة حين نتابع كيف عالج الرجل أزمات العالم الإسلامي بعد أن شخّصها في عدم تطبيق المناهج والتدخل الخارجي في الفكر والسياسة وقابلية الاستجابة لمختلف الآفات.
عمِلَ الدكتور التويجري على تصحيح الصورة النمطية المتحاملة على الإسلام، فدعا لتجريم الإساءة للأديان والرموز الدينية، وأخذ على عاتقه دحض النظريات والأيديولوجيات التي تقول بحتمية صراع الحضارات، فأوضح بذلك قدرة الحضارة الإسلامية والمسلمين على المساهمة في بناء حضارة عالمية تقوم على مبادئ نظرية التدافع الحضاري القرآنية، وتستوعب قيم الحوار والتفاعل والتكامل والتحالف الحضاري بين المسلمين والغرب.
النظرة الشاملة لمستقبل الحضارة البشرية من منطلق إسلامي، لم يمنع الرجل المفكر من العمل في أمور أخرى، حيث استأثرت منظومة القيم التربوية بأهمية خاصة في مساره الفكري إذ اعتبرها قاطرة تنموية نحو بناء شامل للوجود البشري؛ كما اهتم بمضمون الهوية الثقافية الإسلامية التي يراها “ثقافة عربية في لغتها، إسلامية في جذورها، إنسانية في أهدافها، منفتحة على الثقافات الأخرى.
أبرز في مشاريعه الفكرية؛ التي أفردها في عشرات الكتب والدراسات الأكاديمية المعمقة؛ أهمية التفوق العلمي والتكنولوجي إذا تم استغلاله مع العلوم الشرعية للوصول إلى المعرفة الحقيقية، كما دعا إلى اتخاذ العلم والإبداع سبيلاً لمواجهة تحديات الأمة وامتطاء قطار المستقبل.
كتب الدكتور التويجري عن الحوار بين الحضارات والتعايش بين الثقافات وعن مقومات البناء الحضاري للعالم الإسلامي والقضايا المعاصرة التي تهم العالم الإسلامي، كما تناول بالبحث قضايا تحالف الحضارات والحوار مع الذات والتجديد والمستقبل والفكر والحضارة وتجديد الفكر الإسلامي.
كل ذلك يعطينا لمحة ولو ضئيلة عن حجم الضيف الذي تستقبله نواكشوط هذه الأيام، وهو يأتينا برؤيته الثاقبة النافثة إلى المستقبل، يحمل معه مشروعاً يمثل زهو المستقبل العلمي لهذا المنكب البرزخي، وهو ما تضمنته اتفاقية أمس التي وقعت مع وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتاني بخصوص مركز الإسيسكو التربوي الإقليمي لتطوير التعليم الأصلي في موريتانيا، نظرة جديدة للمحظرة التي تمثل زهو التاريخ العلمي الموريتاني، وبهذه الاتفاقية ستصبح -بإذن الله- ضماناً للمستقبل العلمي لأرض المنارة والرباط.