قال مكتب الأمم المتحدة لرعاية الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الصراع الذي تفجر في مالي في الآونة الأخيرة قد تسبب في تدهور العلاقات الاجتماعية، مما أدى إلى مخاوف من اندلاع أعمال انتقامية بين بعض النازحين وشكل عقبات كبرى تعوق المصالحة.
وقال تقرير صادر أمس الخميس عن (أوتشا) في شبكتها (ارين)، إن التوترات العرقية نشأت في مالي منذ وقت طويل، واندلع العنف الطائفي في الماضي، ولكن الدراسة التي أصدرتها منظمة أوكسفام في شهر أكتوبر الجاري كشفت أن الصراع الذي نشب في عامي 2012 و2013 قوض العلاقات الاجتماعية بشكل أكثر عمقاً من أي أعمال عنف سابقة.
وقال أكد ستيف كوكبرن، مدير سياسات وحملات أوكسفام في غرب افريقيا، أن “هناك شعوراً عاماً بأن تدهوراً كبيراً قد أصاب العلاقات الاجتماعية. وهناك شعور بالخوف الشديد من العودة إلى الديار”.
وأضاف كوكبرن خلال حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) التابعة لـ(أوتشا) أن بعض النازحين واللاجئين “يخشون من أن تحدث توترات وصراعات داخل المجتمع، وأن لا يتحقق سلام دائم، وأنهم قد يضطرون لمغادرة ديارهم مرة أخرى في المستقبل القريب”.
وأشار المكتب إلى أنه يبدو انهيار التماسك الاجتماعي واضحاً في الميل إلى تعميم اللوم. فقد ألقى 60 بالمائة من المشاركين في استطلاع الرأي، الذين يعتقدون أن العلاقات الاجتماعية ساءت، باللوم كله على الجماعات العرقية، وليس الأفراد، بحسب تقرير منظمة أوكسفام، الذي أشار أيضاً إلى أن التهديدات والعنف والوصم بالعار ساهموا في توتر العلاقات.
“تم نهب منازل العرب والطوارق الذين يشتبه في أنهم تواطؤوا مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد (MNLA) التابعة للطوارق والحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا (MUJAO). وفي بعض الأحيان، لم يكن هناك أي تمييز أو محاولة لمعرفة ما إذا كانوا قد تعاونوا مع المتمردين أم لا. فطالما أن لديك بشرة فاتحة اللون، فأنت مستهدف،” كما أوضح يوسف تراوري، وهو مساعد تنفيذ مشاريع في المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في غاو.
وفي السياق نفسه، تصاعد انعدام الثقة إلى أعلى مستوياته بين النازحين، الذين تعرضوا لمعاناة الفرار والعيش في ملاجئ. وقال كوكبرن من أوكسفام أنه بالنسبة لبعضهم، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم إجبارهم فيها على ترك بيوتهم.
وقال بعض اللاجئين الذين شملهم الاستطلاع في دراسة أوكسفام، لاسيما من مجموعة الطوارق العرقية، أنهم لا يرغبون في العودة إلى ديارهم، كما أوضح كوكبرن، مضيفاً أن “هذا يشكل تحدياً واضحاً من حيث إيجاد حلول لمشاكل النازحين”.
وقد عاد الآلاف من النازحين إلى ديارهم منذ طرد الإسلاميين من المدن الشمالية الرئيسية، وهي تمبكتو وغاو وكيدال. كما كان لتشجيع الحكومة المالية دور في هذا، وأعدت الحكومة مخططاً لدفع رسوم النقل وإعادة توطين موظفي الخدمة المدنية الذين يستأنفون عملهم في الشمال.
وخلال الفترة من يناير إلى سبتمبر، عاد حوالي 65,000 شخص إلى موبتي وغاو وكيدال وتمبكتو، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، ولكن 40,000 آخرين انتقلوا إلى المدن الجنوبية من الشمال، على الأرجح بسبب عدم وجود فرص اقتصادية وصعوبة الحصول على الخدمات الأساسية.
كما تعطلت الحياة الاقتصادية بعد رحيل العديد من الطوارق والعرب الذين كانوا من كبار التجار في الشمال. وأوضح “مايغا” عضو جمعية المستشارين الزراعيين في الساحل أن أسعار السلع الأساسية – مثل الشاي والتمر والسكر والزيت والدقيق – قد ارتفعت.
أما ستيف كوكبرن مدير سياسات وحملات أوكسفام في غرب أفريقيا، فحذر من أن”الثقة بين المجموعات المختلفة تقلصت، ولذلك انخفض مستوى التجارة فيما بين الناس”.