في الليلة الثالثة من فعاليات المهرجان السنوي التاسع للأدب الموريتاني، استمع الجمهور إلى ندوتين علميتين بعنوان “بيئة حاضنة وسفار إبداع”، شارك فيهما عشرة أساتذة وباحثين وتناولتا دور سفراء الثقافة الموريتانيين على مر العصور.
وتميزت الندوة الأولى، التي شارك فيها كل من: محمد الأمين ولد ملاي إبراهيم، ومحمد الحسن ولد محمد المصطفى، ومحمد ولد أحظانا، ومحمد ولد شيخنا، وأحمد ولد حبيب الله، بالتركيز على سفراء أساطين الثقافة الموريتانيين في الداخل، والذين كان لهم دور كبير في التأسيس لثقافة البلد ومميزاتها سواء في جانبها الأدبي أو الموسيقي، كما تطرقت الندوة لجانب البيئة في الأدب الموريتاني، وهو جانب ثري جدا ويكشف مدى علاقة الشاعر الموريتاني بموطنه الذي خلد بيئته بكل تشكيلاتها المادية والحية.
فيما ركزت الندوة الثانية، التي شارك فيها كل من : الشيخ ولد سيد عبد الله، ومحمد المامون ولد عبد الحميد، والنبهاني ولد محمد فال، ومحمد ولد اعلي، ومحمدن ولد ابي، على دور سفراء الإبداع في الخارج، حيث عرج المحاضرون على لقطات من حياة وإنتاج العلماء والشعراء الموريتانيين التاريخيين.
وشهدت الندوتان جدلا بين المحاضرين والجمهور، الذي تدخل عدة مرات خاصة في مجال النصوص التي تعزى لأكثر من شاعر، وهو مجال لا يزال من المسكوت عنه في النقد الموريتاني.
بعد الجانب العلمي لأمسية أمس، بدأت قافلة الشعر تتحرك.. وكانت البداية مع ناجي محمد الإمام، الملقب “متنبي موريتانيا” وهو رئيس المجلس الأعلى لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، حيث قدم بناء على طلب أعضاء من الاتحاد وبعض الشعراء الشباب، قصيدته “إلياذة جيل.. نقوش على ذاكرة الخمسين”. وهي قصيدة مشحونة بالرمز والإحالات وأطلق عليها بعض المتابعين “قصيدة النقاد.. أو قصيدة النخبة”.
وتعتبر هذه القصيدة سيرة ذاتية شعرية للشاعر ولأمته ونضالاتها وترسم مونولوغا حياتيا وشاعريا وسياسيا واجتماعيا على أرضية نصية مكثفة ترميزا وتصويرا.
بعد ذلك، أصر الجمهور على أن يستمع لبعض روائع الشاعر الكبير عبد الله السالم ولد المعلا، رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين.
ولد المعلا، الذي لم يكن مستعدا على ما يبدو للإلقاء، خضع أخيرا لإرادة الجمهور، وتلا ثلاث قصائد من روائعه، وقد تفاعل الجمهور بشكل لافت مع هذه القصائد التي يبدو أن الكثيرين يحفظونها عن ظهر قلب. كما قدم قصيدة للشاعر الراحل الطيب ولد ديدي لا يحفظها غير ولد المعلا. وكان نصها مميزا ومثيرا شعريا كما هي العادة في إبداع ذلك الراحل الكبير.
ثم أتيحت الفرصة للشعراء والقصاصين المبرمجين في الأمسية.. ورغم تفاعل الجمهور مع بعض القصائد، إلا أن النصوص السردية أخذت نصبيها من استحسان الجمهور.