السكان المجاورون يغيرون نمط حياتهم بعد سيطرة أنصار الدين
تينبكتو ـ عثمان آغ محمد عثمان
مطار تينبكتو الذي طالما ظل يحمل حلماً سياحياً للمدينة التاريخية ينام في سبات، ويخيم عليه الهدوء بعد ساعات من انسحاب الحركة الوطنية لتحرير أزواد، لكن هدوء المطار الذي لا يستقبل الرحلات الجوية لم يدم طويلا.
المطار الذي بدا خاويا على عروشه، وصلته سيارتان تابعتان لحركة أنصار الدين.. بداية السيطرة الفعلية للحركة على المكان الاستراتيجي الذي احتفظت به الحركة الوطنية منذ دخولها تينبكتو مطلع شهر ابريل الماضي.
في “كابرا” مخزون السنة من المحروقات للولاية وهو شبه فارغ، وبالقرب منها توجد منطقة “كوريامي” المطلة على النهر وكلها مناطق مأهولة بالسكان، أما “كوريامي” فبها الميناء المطل على النهر، حيث عبارات النقل.
سكان منطقة “كابرا” المجاورة للمطار (على بعد 4 كيلومترات) بدأوا الاستعدادات للتعامل مع المرحلة الجديدة، مرحلة سيطرة الحركة الإسلامية على مجريات الأمور..
فتاة سمراء تبحث عن غطاء لرأسها لكي تستجيب لدعوات عناصر الحركة بأسلمة الملابس والمظاهر العامة والالتزام بمنظومة القيم التي تفرضها الحركة على بقية المناطق التي توجد تحت سيطرتها.
أحد مقاتلي أنصار الدين بدا منشغلا في إحراق العلم الذي طالما رفعته الحركة الوطنية لتحرير أزواد بوصفه رمزا لدولة أزواد التي أعلنت عنها في السادس من ابريل الماضي، في غضون دقائق كانت ألوان العلم : الأخضر والأحمر والأسود والأصفر تتناثر رمادا في وجه رياح لم تترك له أثرا. مفسحاً المجال لعلم أنصار الدين بلونه الأسود وحروفه البيضاء.
الصوفية..والتدخين والغزل !
كنا وسيلة الإعلام الوحيدة التي وصلت مطار تينبكتو بعيد إخلاء الحركة الوطنية له وقبل دخول عناصر حركة أنصار الدين.. بدت مخازنه فارغة إلا من الألواح التي تحمي المخزون من الرطوبة، وقد بدأ الأطفال بنهبها، لكنهم سرعان ما فروا مذعورين معتقدين أننا عناصر من حركة أنصار الدين.
فتيات الحي يتلقين خبر مغادرة الحركة الوطنية و قدوم أنصار الدين بصدمة يملؤها الترقب والخوف، دخلن إلى بيوتهن وأحضرن ما يغطي رؤوسهن، وقفت بعض الفتيات يراقبن ما يجري…واختفت أغلبهن وراء الجدران.
في الناحية الأخرى من الطريق كان أحد رجال الحي يقف يتأمل بحذر…مرت بجانبه سيدة فألقت عليه كلمات تحمل شحنات غزلية، فرد عليها بالقول : “هذا الكلام والحديث بين النساء والرجال، ومجلسنا اليومي في الشارع سوف يصبح ممنوعا اعتبارا من الليلة بعد وصول أنصار الدين”.
رجل آخر كان يدخن بشراهة، وحين علم أن أنصار الدين يحرمون التدخين، ذعر وأدى ارتباكه إلى تجمهر مجموعة من الناس من بينهم شيخ لطريقة صوفية بسبحته، كان أحد الشباب من أبناء المنطقة يشرح لهم بأن عناصر أنصار الدين “لا يظلمون أحدا، وهم فقط لا يتسامحون بالجهر بالمعاصي”.
ردت فتاة كانت حاضرة بالقول : “سمعنا أنهم ضربوا رجلا مسنا بسبب أنه يدخن في داخل تينبكتو.. وكل شيء عندهم حرام ..إننا نخاف منهم”.
كان كل الحاضرين يسأل والشاب يتطوع بالإجابات.. في النهاية شكروه بحرارة على الخدمة التي قدم لهم؛ ذلك لأنه هدأ من روعهم، ونبههم إلى ما تحرمه أنصار الدين وتمنعه
الشيخ المتصوف لم يستسغ الخبر الذي أبلغه الشاب، موقف أنصار الدين من الطرق الصوفية، حيث لا يحبذون السبحة التي يحملها الشيخ، والذي رد بالقول إنه يدخل تينبكتو ومعه سبحته أمام أعين عناصر أنصار الدين، ولم يتلق أي تحذير.
من جهته كان “المدخن” متذمراً، وقال إنهم لم يرو أي مكروه خلال فترة وجود الحركة الوطنية، “أما أنصار الدين الذين يضربون رجلا حتى يتبول فنحن خائفون منهم” حسب تعبيره.
موضحا أن ترك التدخين فجأة يؤثر على الصحة، كما يؤثر التدخين على الصحة، لكن الشاب أخبره بأن الرجل الذي عوقب بالضرب على التدخين في تينبكتو تحدى قرار أنصار الدين بمنع التدخين في الشارع؛ و قام بسب العنصر الذي طلب منه عدم التدخين.
و سأل أحدهم هل صحيح أنهم يمنعون التلفزيون فرد عليه الشاب أبنهم لا يدخلون بيوت الناس والتلفزيون يشغل في مئات المنازل في تينبكتو، ولم يتعرضوا له.
من أيام الله..
سند ولد بو عمامة التنبكتي المسؤل الإعلامي لجماعة أنصار الدين قال لصحراء ميديا إن هذا “يوم من أيام الله ، الله سبحانه وتعالى، أعز المسلمين ورفع شأنهم”.
وأضاف في تصريحه :”..نحن بالنسبة لنا ينبغي أن يكون يوم تواضع وانحناء لله سبحانه وتعالى” مضيفا أن الفئة الضالة الذين رفضوا اللذين رفضوا شرع الله سبحانه وتعالى( يقصد الحركة الوطنية لتحرير ازواد) “اختاروا العزة بغير الإسلام فأذلهم الله”.
وأقال في لغة واثقة :”ها نحن في منطقة كابرا بعد أن تجاوزنا المطار بأربع كيلومترات، وسنواصل الطريق ان شاء الله الى منطقة الميناء مكان وجود العبارات”.
من جهته أكد عمار ولد حماها القائد الميداني في أنصار الدين إن عناصر الحركة وصلوا بعون الله إلى مطار تينبكتو “ولم يبق أي أثر لعناصر الحركة الوطنية لتحرير أزواد.. لقد فروا من المطار تماما” حسب قوله. وأضاف إن عناصر أنصار الدين يسيطرون اليوم بفضل الله على كامل تينبكتو.