المعلومة غنت للرفض طيلة عشرين عاما.. قبل أن تقرر التفرغ لهيئتها المهتمة بالتراث الموسيقي
نواكشوط ـ محمد ناجي ولد أحمدو
في مهرجان المعارضة الغائبة عن الحوار مع النظام أمس الأربعاء، كان أبرز الغائبين الفنانة عضو مجلس الشيوخ الموريتاني المعلومة بنت الميداح، التي تعودت جماهير المعارضة على أغانيها الثائرة، وعلى الخصوص مناضلي تكتل القوى الديمقراطية، في طبعته الحالية، وفي طبعته الأولى باسم اتحاد القوى الديمقراطية، قبل حظره عام 2000.
المعلومة تعقد زوال اليوم الخميس مؤتمرا صحفيا، تقطع فيه الشك باليقين، حول ما نسب إليها، من أنها قررت طلاق العمل السياسي، والتفرغ للعمل الفني والثقافي، ومن شبه المؤكد أن بنت الميداح قررت أن تنحاز إلى الفن.
مقربون من الفنانة يؤكدون أن “لا علاقة لقرار اعتزالها للسياسة بأي خلاف مع حزبها”، وإنما الأمر يعود إلى أن لها برامجها الفنية، “التي تتطلب منها التفرغ”.
انضمت المعلومة بنت الميداح إلى المعارضة الموريتانية في فجر التعددية السياسية، قبل عشرين عاما، وغنت في حملة المرشح المستقل، حينها، أحمد ولد داداه الأغنية الشهيرة “حبيب الشعب”، التي وصفت فيها الوضعية العامة للبلد بأنها “لا تطرب”.
غير أن صوت بنت الميداح أطرب معارضي الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع على مدى عقد ونصف، وكانت المعلومة إحدى أيقونات المعارضة ورموزها في البلد.
دفعت المعلومة ثمن معارضتها تجاهلا وحصارا إعلاميا رسميا، استمر لمدة تنوف على عشر سنوات، قبل أن يرفع عن أغانيها غير السياسية قبيل أفول شمس نظام ولد الطايع.
بعيد الانقلاب على ولد الطايع، دخلت المعلومة بوابة مجلس الشيوخ الموريتاني عن طريق حزب التكتل، شيخة عن العاصمة نواكشوط.
المعلومة واصلت زواج السياسة بالفن طيلة سنوات مأموريتها البرلمانية الخمس، دون أن تغضب إحدى الضرتين بإيثار الأخرى، يعلق أحد الصحافيين.
كما عارضت المعلومة نظام الرئيس ولد الطايع، لم تؤيد نظام الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، حيث غنت ضد ما أسمته “الاجندة الأحادية”، وتعني بها انتخابات 6 /6/2009، التي لم تجد طريقها إلى النور.
حصلت المعلومة على شهرة عالمية واسعة، وغنت في عشرات المناسبات العربية والدولية، واعتبر الفن الموريتاني لدى العديدين مرتبطا بصوت واسم بنت الميداح.
وكان من آخر التكريمات الدولية التي حصلت عليها، حصولها على وسام فارس في نظام الاستحقاق الفرنسي في 16 يونيو 2011 ، حيث نظمت السفارة الفرنسية حفلا تكريميا لها “تقديرا لإسهاماتها في تطوير الموسيقى الموريتانية والعالمية”.
وقلد السفير الفرنسي بموريتانيا فاندر بوتر الفنانة المعلومة بوسام فارس، عرفانا لها بالجميل خلال مشوارها الموسيقي الذي بدأته منذ أكثر من ثلاثين عاما .
وأكد السفير الفرنسي أن بنت الميداح “استطاعت تطوير الفن الموريتاني مع الحفاظ على الموروث الموسيقى التقليدي لبلادها” مشيرا إلى أنهم قرروا نيابة عن الرئيس ساركوزي منحها وسام فارس، وهو من أهم الأوسمة التقديرية لدى الجمهورية الفرنسية .
وتطرق السفير لمشوار الفنانة الموريتانية الموسيقي والسياسي وأثنى على تاريخ عائلة أهل الميداح الموسيقي مشيرا إلى أنها أخذت عن والديها الدروس الأولى في الغناء والعزف على الآلات الموسيقية الموريتانية ، وأشاد بقدرة المعلومة على إدخال آلات حديثة للموسيقى الموريتانية.
ويقع نظام فارس متقدما في نظام الاستحقاق بالجمهورية الفرنسية ،وتسبقه رتبة ضابط، وتعقبه رتبة كوماندور، ويعتبر هذا أول تكريم من الحكومة الفرنسية بهذه المرتبة لفنان موريتاني.
وأحيت المعلومة سهرة غنائية ضمنتها أحدث أغاني ألبومها الجديد مع عازف وموسيقار هولندي مشهور .
وأطلقت المعلومة بنت الميداح في الأول من فبراير الماضي هيئة تحمل اسمها لصيانة وحفظ التراث الموسيقي، وقالت إن “هدفها الشخصي من هذه المبادرة هو المساهمة في الجهود المبذولة للمحافظة على التراث من الاندثار والتلاشي في وجه حملات التسويق التي تنظمها الفضائيات خصوصا والإعلام عموما للثقافات الأخرى”.
وأوضحت بنت الميداح أن الهيئة ستوفر فرصا لتدريس الشباب الموريتاني وتعريفه بموروثه الفني والموسيقي وربط حاضره ومستقبله بماضيه مع العمل على تطوير الفن الموريتاني ونقله إلى العالمية والتميز.
وقالت إن هيئتها ستقوم بجملة من “الإجراءات العملية التي تصب في اتجاه تحقيق أهدافها، وفي مقدمتها جمع التراث الموسيقي والآلات الفنية والموسيقية وأدوات زينة وحلي النساء المحلي الذي كان يستخدم في الماضي ووضعها في متحف خاص بها”.
وأشارت إلى أن هيئتها ستنظم مهرجانا سنويا ينظم بالتناوب بين الولايات للتعريف بفن الولاية الحاضنة للمهرجان، باعتباره جزءا من الفن الموريتاني، على أن يشارك في المهرجان فنانون من خارج البلاد لاطلاعهم على ثراء الموسيقي والفن الموريتانيين.
واستعرضت الفنانة أمام الحضور آلتي “آردين” الفنية و”لحمالة”التجميلية مذكرة بجملة من خصائص الآلتين والحكايات التي كانت تحكى حولهما في الماضي.