قال إن تنفيذ نتائج الحوار في موريتانيا “تم احتكاره على مستويات معينة”
أكد يحي ولد أحمد الوقف، رئيس حزب عادل المنضوي تحت الموالاة في موريتانيا، أن انتماء حزبه إلى الأغلبية “شهد فتوراً كبيراً” نتيجة لعدم تنفيذ الاتفاق السياسي الذي أبرم ما بين الطرفين والذي بموجبه غادر عادل صفوف المعارضة؛ بحسب تعبيره.
وأضاف ولد أحمد الوقف؛ في مقابلة خاصة مع صحراء ميديا، أن “الأغلبية غير منظمة في الوقت الحالي، لديها نواقص كبيرة “؛ على حد وصفه.
وقال رئيس حزب عادل إن العملية السياسية “تحتاج إلى أغلبية حقيقية منظمة وبينها نوع من التجانس، ومعارضة متجانسة هي الأخرى وتعمل على الرقابة ونقد الواقع واقتراح البدائل”.
وفي رد على تساؤل حول غياب عادل من التشكيلة الحكومية، قال ولد الوقف إن “الاتفاق مع الأغلبية لم يكن اتفاق حكومة، ولم يكن بموجبه يجب أن نشارك في الحكومة”، مؤكدا أنه كان “اتفاقا سياسيا حول إصلاحات سياسية”.
أما عن الحوار فقال رئيس حزب عادل إنهم كانوا أول حزب طرح قناعته بأن التغيير الإيجابي في البلد يمكن أن يحدث فقط بالحوار، مؤكداً أن ما تم الاتفاق عليه في الحوار يعتبر “تقدما كبيراً” في بناء المجتمع الديمقراطي، على حد تعبيره.
واعتبر ولد الوقف أن التركيز في الحوار كان بالأساس على المنظومة الانتخابية التي قال إنها شهدت إصلاحات أسياسية تمثلت في إنشاء لجنة مستقلة ودائمة ومسؤولة عن العملية الانتخابية بجميع عناصرها، والنسبية في الانتخابات التشريعية، والقضاء على اللوائح المستقلة والقضاء على الترحال السياسي، واحتفاظ البرلماني بمنصبه بعد إعفائه من المهام الإدارية الموكلة إليه.
وقال ولد الوقف إنه “إذا كانت نتائج الحوار مهمة ومفيدة فإن آلية الحوار والطريقة التي تمت بها إدارته كان فيها الكثير من النواقص”، معتبرا أن المراحل الأولى منه كانت تمتاز بالانفتاح والحرية، ومضيفا بأن الحوار كان في مراحله الأخيرة “ذا طابع ضيق” وحدث نوع من “احتكار التنفيذ وآليته على مستويات معينة”.
نص المقابلة:
صحراء ميديا: ينظر الكثير من المراقبين إلى حزبكم على أنه لم يأخذ حتى الآن مكانه في الأغلبية؛ نريد توضيح مكان حزبكم الحقيقي، هل هو حزب وسط ما بين المعارضة والأغلبية أم أنه جزء من الأغلبية؟
يحي ولد أحمد الواقف: شكرا.. بطبيعة الحال حزب عادل ينتمي للأغلبية، وانتماؤه لها جاء نتيجة لاتفاق كانت محاوره الأساسية هي نفس المحاور التي تبناها الحوار اليوم والتي أخذت فيها مواقف بتدعيم الديمقراطية، وفتح حوار بين المعارضة والأغلبية.
طبعا هذا الانتماء شهد فتوراً كبيراً نتيجة لعدم تنفيذ الاتفاق، مما نتج عنه غياب عادل كفاعل على مستوى الأغلبية، وبرر طرح مثل هذا التساؤل، لذا فنحن حزب من الأغلبية ولكن نتيجة لغياب آلية تنفيذ الاتفاق كان دورنا دون الدور الذي كان يجب أن نقوم به.
عندما أجري الحوار وتم النقاش والتوافق على النقاط الموجودة في اتفاقنا مع الأغلبية، اعتبرنا أن الاتفاق تم من خلال الحوار.
وبالتالي حزب عادل حزب في الأغلبية يسعى من أجل تعميق الديمقراطية في موريتانيا، وكان فاعلاً في الحوار، ونرجو أن يستمر بذل الجهد من أجل تنفيذ محتوى الحوار، وبالتالي دفع العملية الديمقراطية إلى المزيد من الانفتاح ومزيد من خلق مناخ ديمقراطي حقيقي في موريتانيا.
صحراء ميديا: هناك أحزاب في الأغلبية تشارك في تشكيلة حكومة مولاي ولد محمد لغظف بمقاعد وزارية، وأنتم من يوم خرجتم من المعارضة والتحقتم بركب الأغلبية لم تحصلوا على حقيبة وزارية، هل أنتم راضون عن هذه الوضعية، ومتى ستدخلون الحكومة؟
يحي ولد أحمد الواقف: كما تعرفون فنحن كنا حزباً معارضاً ومن الطبيعي أن لا نكون في تشكيلة الحكومة، والاتفاق الذي وقعناه مع الأغلبية لم يكن اتفاق حكومة، ولم يتضمن مشاركتنا في الحكومة، لقد كان اتفاقا سياسيا حول إصلاحات سياسية، وبالتالي مكانتنا في الأغلبية ليست مرتبطة بحضورنا في الحكومة وإنما ترتبط بالإصلاحات السياسية، وبالتالي فإن اهتماماتنا اليوم تنصب بالدرجة الأولى على تحقيق هذه الإصلاحات السياسية.
صحراء ميديا: بعد قراركم الخروج من المعارضة قررت شخصيات توصف بالمهمة الاستقالة من الحزب، وتشكيل إطارات سياسية جديدة لملء الفراغ الذي تركه قراركم في المعارضة.. كيف ترون ذلك؟
يحي ولد أحمد الواقف: هذه مسألة طبيعية.. نحن في عادل بدأنا حوارا مع الأغلبية حول إصلاحات سياسية نحن متفقون عليها جميعا لكونها ضرورية بالنسبة للبلد، وعندما وصلنا لمرحلة معينة اتفقنا فيها مع الأغلبية، رأت بعض قيادات الحزب، وهي شخصيات مهمة، أن الاتفاق كان غير كاف من أجل تحقيق الإصلاحات المطلوبة، وبالتالي وبكل قناعة وهدوء قرروا عدم الالتزام بالاتفاق وأنشأوا تشكيلات جديدة ليتابعوا مسيرتهم في المعارضة.
ونحن نعتبر هذا مسألة طبيعية، وعلاقتنا بهم علاقة طبيعية حيث نعتبرهم شخصيات مهمة ويساهمون في بناء البلد من الموقع الذي يرون أنه مناسب لهم، ونحن أيضا نرجو أن نساهم في بناء البلد من الموقع الذي نرى أنه مناسب لنا.
صحراء ميديا: شارك حزبكم في الحوار الذي تم مؤخراً بين الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة، فما هو تقييمكم لنتائج الحوار وهل أنتم راضون بالفعل عما تم الاتفاق عليه خاصة ما يتعلق باللجنة الوطنية للانتخابات والتعديلات الدستورية؟
يحي ولد أحمد الواقف: كما ذكرت لكم نحن كنا أول حزب طرح قناعته بأن التغيير الإيجابي في البلد يمكن أن يحدث فقط بالحوار، وهو الآلية الوحيدة التي يمكنها أن توصل إلى بناء المجتمع الديمقراطي الذي نطمح إليه جميعا كأحزاب، والعريضة التي تقدمنا بها كانت تتمحور حول هذه النقاط الأساسية التي تم الحوار حولها، وبالتالي فنحن سعداء لإجراء الحوار، طبعا كان بودنا أن يشارك جميع شركاء العملية الديمقراطية في الحوار، وكان بودنا أيضاً أن يتم تنظيم هذا الحوار قبل هذا التاريخ لأننا كنا نطالب به منذ 2010، ونعتبر أن المعارضة والأغلبية كل من جانبه قصر في المجهود الضروري من أجل إجراء الحوار.
ولكن عندما اقتنع بعض المعارضة والأغلبية بضرورة الحوار وتم تنظيمه كنا سعداء به كما كنا شركاء فيه، ونعتبر أنه من المهم أن يتخذ شركاء العملية السياسية قرارا بمحض إرادتهم بالالتقاء ونقاش أمورهم، وهي عملية كانت في غاية الأهمية.
كما قلت لكم فإنه كان من الأحسن أن يكون الطيف السياسي كله حاضرا، فنحن بحاجة إلى القناعة بأن الحوار هو الأداة الوحيدة التي يمكن أن توصل الناس للتفاهم، وبالتالي فإن فتح الحوار بين المعارضة والأغلبية، حتى ولو كانت المعارضة غير مشاركة بجميع أحزابها، في حد ذاته مهم على الرغم من أنه كان ناقص نتيجة لهذا الغياب.
أما بالنسبة للمواضيع التي تم نقاشها فهي نفس المواضيع التي كنا نسعى إلى نقاشها وهي في الحقيقة الباب لبناء مجتمع ديمقراطي، طبعا عندما يحدث نقاش وحوار مثل هذا لا يمكن أن يوصل إلى جميع الأهداف التي تسعى لها عناصر الطيف السياسي كلها، إلا أن الأهداف التي تحققت من خلال هذا الحوار، بالنسبة لنا في عادل، كانت على مستوى كبير من الأهمية، لأنها حققت تقدماً للعملية الديمقراطية.
فالديمقراطية التي نسعى إليها يمكن أن تبنى فقط بالتدرج ولا يمكنها أن تأتي بين عشية وضحاها، لأن الديمقراطية عملية ممارسة وعملية سياسية واجتماعية، وبالتالي لا بد من أن يكون لدينا سعة لأن نبنيها بتدرج.
نعتبر أن ما تم الاتفاق عليه في الحوار تقدم كبير في بناء هذا المجتمع الديمقراطي الذي نسعى إليه، وبطبيعة الحال توجد به بعض النواقص ولكنه في بعض الحالات فاق التوقعات وهو ما يتجسد في المنظومة الانتخابية، التي شهدت إصلاحات أساسية منها إنشاء لجنة مستقلة ودائمة ومسؤولة عن العملية الانتخابية بجميع عناصرها، وهذا في الحقيقة كان مطلباً لجميع الفاعلين السياسيين تحقق من خلال الحوار.
لجنة مستقلة دائمة مكلفة بالعملية الانتخابية ويتم اختيارها بطريقة توافقية ما بين المعارضة والأغلبية، وهي من أكبر مكاسب العملية الانتخابية التي تحتاج إلى الشفافية بشكل عام والحرية، فاللجنة هي المسؤولة عن تنظيم الانتخابات وعن إعلان النتائج وعن اقتناء الأدوات التي سيتم بها الانتخاب، أي أنها مسؤولة عن كل شيء.
المحور الثاني الذي حدثت فيه إصلاحات بعضها لم يكن متوقعا هو مكان النسبية على مستوى الانتخابات التشريعية، فقد كنا في نظام عدد المقاعد النسبية في حدود 36 إلى 38 مقعد تقريباً، أما اليوم فقد أصبحت لدينا جمعية وطنية ينتخب أكثر من 50% منها بالنسبية، وهذه عملية مهمة لتعدد الألوان والآراء داخل الجمعية الوطنية والتي هي مسألة مهمة في بناء وترسيخ الديمقراطية.
هذا بالإضافة إلى أنه أصبح لدينا اليوم نظاما عادلا على مستوى توزيع الدوائر الانتخابية، وأصبحت تلك الدوائر الانتاخبية الكبيرة لديها عدد مناسب من البرلمانيين وبالتالي تجاوزنا تلك المرحلة التي كان عدد النواب ما بين واحد واثنين وأقصاه ثلاثة، فاليوم أصبح ما يقارب 10 دوائر انتخابية يزيد تمثيلها على نائبين، وهذا ينضاف للوائح الوطنية العامة ونسبة النساء ولائحة نواكشوط التي تمت زيادتها، وبالتالي فإن هذه العملية كانت مهمة حيث تضمن أن البرلمان القادم ييكون متعدد الألوان والأطياف.
النقطة الأخرى التي يشكك في دستوريتها رغم أهميتها لبناء الديمقراطية وترسيخها هي القضاء على اللوائح المستقلة، فالتجربة أظهرت أن اللوائح المستقلة نافذة يقوم الحزب الموجود في السلطة من خلالها بتحصيل المقاعد التي لم يتمكن من تحصيلها باسمه في الانتخابات، وبالتالي يعتبر القضاء على اللوائح المستقلة تقدم مهم في بناء الديمقراطية لأن الأدوات الديمقراطية بالأساس هي الأحزاب السياسية والوسيلة الوحيدة لمساعدتها على الوجود هي أن نغلق الباب أمام المستقلين، وهذا ينضاف له القضاء على الترحال السياسي الذي بدون شك سيفرض على أي منتخب مر بلون حزب سياسي البقاء في ذلك الحزب أو فقدان منصبه وهو أمر في غاية الأهمية.
هنالك أيضا الإصلاح الخاص باحتفاظ البرلماني بمنصبه بعد إعفاءه من المهام الإدارية الموكلة إليه كأن يكون وزيراً على سبيل المثال، وهو أمر مهم لأنه يجعل البرلماني شريكاً من موقعه كوزير وإذا رجع لمنصبه كبرلماني يظل دوما شريكاً؛ وكل هذه نقاط توضح أن نتائج الحوار كانت مهمة في هذا المجال.
أما التغييرات الدستورية فقد حدث فيها بعض الإصلاحات المهمة إلا أن الأساسي كان هو المنظومة الانتخابية واللجنة الانتخابية المرتبطة بها حيث أجريت إصلاحات حقيقية، ونحن على مستوى حزب عادل نرى أن الانتخابات القادمة إذا تم تنظيمها في إطار هذه الإصلاحات المبرمجة فإنها ستغير المنهج الديمقراطي وطريقة التعامل مع الديمقراطية وبالتالي يكون عندنا برلمان متعدد، وسنبدأ حقيقة في الدخول في عمليات مهمة.
الحوار أيضا بذل جهداً على مستوى حرية العملية الانتخابية حيث تعرض لعلاقة الدولة بالعملية الانتخابية وتعارض بعض الوظائف مع السياسية، وذلك من أجل عدم توظيف الدولة كأداة في العملية الانتخابية، بدون شك هذا الشق لن يحدث مرة واحدة بل لا بد أن يحدث بالتدرج، كما نعتبر أن الحوار طرح لبنة أساسية من خلال النصوص التي يتم العمل عليها والتي نرجو أن يتم اعتمادها في الأيام والأسابيع القادمة، إذا على العموم فنحن في عادل نعتبر أن نتائج الحوار كانت مفيدة ومهمة ونتمنى أن تنفذ بشكل فعلي وسريع من أجل تنظيم انتخابات تشريعية وبلدية في أسرع وقت ممكن.
صحراء ميديا: يقال إن الحوار المذكور إنما كان حوارا بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومسعود ولد بلخير وبيجل ولد حميد، فيما كانت باقي التشكيلات السياسية المشاركة مجرد شاهد على ما حدث.. كيف تردون ؟
يحي ولد أحمد الواقف: بالفعل إذا كانت نتائج الحوار مهمة ومفيدة فإن آلية الحوار والطريقة التي تمت بها إدارته كان فيها الكثير من النواقص، فخلال المرحلة الأولى كانت هنالك نقاشات وحوار حقيقي على مستوى قصر المؤتمرات تميزت بالصراحة والانفتاح، وساهمت فيها جميع الأحزاب السياسية كل من جهته بغض النظر عن معارضتها أو أغلبيتها، وفي هذا الجانب كانت الأمور جيدة.
بعد تلك الأيام كانت متابعة النقاشات ذات طابع ضيق مما جعل بعض الأحزاب تشعر أنه كان يجب أن تشارك أكثر في آلية الوفاق النهائي، وهذا بدون شك فيه الكثير من الملاحظات ونفس الملاحظات موجودة بالنسبة لإدارة ومتابعة تنفيذ الاتفاق على مستوى اللجان والآليات التي وضعت، فالآلية كانت ناقصة وكانت مشاركة الأحزاب فيها ناقصة حيث كان هنالك نوع من احتكار التنفيذ وآليته على مستويات معينة.
إلا أن هذا لا ينقص من النتائج ولا من أهميتها لأنه بدون شك يمكن لأي أحد أن يشعر أنه لم يساهم نفس المساهمة التي يبحث عنها، ولكن عندما يحصل على النتيجة التي يبحث عنها فذلك يعوض النقص، ونحن نعتبر أن النتائج كانت مهمة ونرجو تنفيذها، وبالتالي يمكننا القول إن العملية شابتها هذه الجوانب غير أن نتائجها كانت أهم من أن ينقصها الجانب الشكلي.
صحراء ميديا: الحزب الحاكم على لسان أمينه العام قال إنهم ينوون الاستئثار بنصيب الأسد في الانتخابات القادمة، وهو ما يعني أن أحزاب الأغلبية ستكون المتضرر الأول من هذا القرار، ما هي الآلية التي سيعتمدها حزبكم من أجل استقطاب الناخبين؟ وهل أنتم واثقون من الفوز بمقاعد مريحة في الانتخابات المقبلة؟
يحي ولد أحمد الواقف: من الطبيعي في أي عملية انتخابية أن يبذل كل حزب الجهد من أجل تحقيق أكبر نصيب في العملية سواء كان نصيب أسد أو غيره..
إنه أمر طبيعي ونحن على مستوى عادل نعمل من أجل المشاركة في الانتخابات القادمة وسنبذل قصارى جهدنا من أجل تحقيق المكانة التي نرى أنه يجب علينا تحقيقها، في أي عملية من هذا الشكل يكون التنبؤ بنتائجها أمر صعب، غير أن لدينا الأمل الكبير في تحقيق أكبر تمثيل ممكن لنا كما سنبذل أكبر مجهود من أجل تحقيقه، وهذا ما يمكننا أن نتحدث عنه اليوم.
صحراء ميديا: الرئيس الدوري الجديد لمنسقية المعارضة الديمقراطية قال إن الحزب الحاكم وأغلبيته مجرد شبح لا يرى بالعين المجردة، والسبب في نظره هو أن محمد ولد عبد العزيز لا يعير أهمية لأحد لا من حزبه ولا من أغلبيته.. ما هو ردكم على هذا الكلام وكيف ينظر حزبكم إلى وضع أحزاب الأغلبية وعلاقتها بالرئيس؟
يحي ولد أحمد الواقف: نظرتنا ومنهجنا في التعامل السياسي هو الكف عن التصريحات الجارحة لأي جانب أيٍ كان، وأحزاب الأغلبية أحزاب سياسية كالمعارضة لديها قيادات سياسية وقواعد سياسية يحترم بعضها البعض وهذا هو الأخلاقي والمقبول.
وبالنسبة لي لا أرى أن هنالك رئيس حزب سياسي يمكنه أن يصرح بما يمس أو يجرح بعض الأحزاب الأخرى سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة، وبالتالي فإن رأيي الشخصي هو أن الأحزاب جميعها ذات منهج وطريقة وأسلوب من الواجب أن يكون مبنيا على الاحترام المشترك، وهذه هي القاعدة الديمقراطية التي يجب أن تكون منهج المعارضة ومنهج الأغلبية، والحوار يجب أن يكون حوارا ناضجا حضريا هادئا، ومبنياً على الأفكار وتقييم الواقع.
أما بالنسبة للأغلبية فنحن في عادل -كما ذكرت لكم قبل قليل- انضممنا للأغلبية في إطار اتفاق سياسي ولم ندخل في الائتلاف لأننا رأينا أن دخولنا الفعلي والعملي على مستوى الأغلبية مرتبط بتنفيذ هذا الاتفاق، وعندما حدث الحوار وأعلنت نتائجه اعتبرنا أن تلك العقبة تم تجاوزها، ونعمل الآن على أداء الدور الذي يجب أن نقوم به من أجل بناء أغلبية حقيقية نشارك فيها.
طبعاً كملاحظين نعتبر أن الأغلبية فيها نواقص كبيرة وأنها غير منظمة في الوقت الحالي، وأن العملية السياسية تحتاج إلى أغلبية حقيقية منظمة وبينها نوع من التجانس، تعمل على تنفيذ برنامج وتحافظ على أغلبيتها؛ وفي نفس الوقت تحتاج العملية السياسية إلى معارضة متجانسة تعمل على الرقابة ونقد الواقع واقتراح البدائل، وتعمل على الاستئثار بالأغلبية في الانتخابات القادمة، وهذا المشهد غير موجود اليوم مخلفا نقصا كبيراً؛ هنالك نواقص كبيرة فينا نحن الأغلبية كما توجد نواقص أيضا لدى المعارضة، ولكننا نرى أن هذا كله سيتم التغلب عليه في حالة وجود قطبين متجانسين لكل منهما نظرته وبرنامجه وينسق كل منهما فيما بينه، ونحن ندرك أن الإدارة المنفردة لم تعد موجودة وغير ممكنة، وهذا الإصلاح الذي نعمل عليها سيوطد ضرورة وجود أغلبية حقيقية ومعارضة حقيقية، وكما قلت فإن العملية الديمقراطية لا يمكن أن تحدث دفعة واحدة بل لا بد فيها من التدرج، ونحن في بداية الطريق ونرجو أن نتقدم فيها.
صحراء ميديا: أحزاب المعارضة طالبت بولوج كوادر الأحزاب السياسية إلى الوظيفة العمومية وترى هذه الأحزاب أن التعيينات ما تزال، حتى اليوم، مقتصرة على الحزب الحاكم.. فهل تؤيدون هذا الطرح؟
يحي ولد أحمد الواقف: طبعا.. طبعا نؤيد أن تكون الوظيفة العمومية مفتوحة لجميع الأطر الموريتانيين سواء كانوا في المعارضة أو الأغلبية، طبعاً هنالك المناصب السياسية التي يمكن أن تستأثر بها الأغلبية، ولكن هنالك المناصب الفنية، وهي الأكثر، والتي يجب أن تكون حسب الكفاءة والخبرة، وبالتالي نؤيد أي موقف يطالب بأن الإدارة تكون مفتوحة لجميع الناس، ونرى أيضا أنه يجب أن يشمل جميع الأطياف لأنه لا يمكن أن تمنع موريتانياً من وظيفة على أساس رأيه.
صحراء ميديا: تمر موريتانيا بموجة جفاف حادة، وهو ما جعل الحكومة تعلن خطة لمواجهة الظاهرة ابتداء من يناير المقبل، هل تعتبرون أن المبلغ الذي رصد لذلك كاف؟ وما هو رأيكم في تنفيذ الخطة؟
يحي ولد أحمد الواقف: صحيح.. موريتانيا عرفت هذا العام سنة صعبة سواء على مستوى المحاصيل الزراعية أو المراعي، وهذه الوضعية لا سيما فيما يتعلق بالمراعي تتطلب تدخلا فعليا من الدولة من أجل مساعدة المزارعين والمنمين على تجاوز هذه المرحلة.
أنا شخصيا أعتبر أن الموارد المخصصة للبرنامج معتبرة، وأنها إذا وجهت توجيهات موفقة كفيلة بأنها تخلق مناخ يساعد المزارعين والمنمين، أما بالنسبة للآليات، التي لم يعلن عنها حتى الآن، فهنالك آليات متعددة معروفة كتوفير مواد غذائية على جميع مناحي التراب الوطني وبأسعار محددة ومدعومة، وهذه عملية يظهر لي أن موريتانيا تملك فيها تجربة مهمة وهي سهلة.
أما فيما يتعلق بعمليات الخصوصية تجاه شرائح الشعب الأكثر تضررا وفقرا، على مستوى التوزيع المجاني، فنعتبر أيضا أنه من خلال المسح، الذي تعمل عليها الحكومة، سيتم تحديد المناطق التي يجب فيها التدخل.
هنالك أيضا النقطة الأخيرة المتعلقة بقضية الحيوانات والعلف والتي تبدأ بتحديد مستوى دعم معين والعمل من خلاله على توفير العلف على مستوى التراب الوطني.
صحراء ميديا: أحزاب المعارضة ما زالت مصرة على مواقفها من الحكومة والحوار.. وستبدأ بإجراءات تصعيدية أعلنت عنها مؤخرا، أنتم كحزب خارج من رحم المعارضة، ما هو موقفكم مما تقوله المعارضة وما تعتزم القيام به؟
يحي ولد أحمد الواقف: نحن كحزب سياسي موقفنا واضح وهو أن الوسيلة الوحيدة لبناء الديمقراطية في موريتانيا هي الحوار ما بين المعارضة والأغلبية، وهي التي من خلالها يمكننا أن نتقدم ونستفيد، كما نرى أن المعارضة لديها الحق في أن تعبر عن رأيها بطريقة سلمية وفي أي وقت وهو نفس الشيء بالنسبة للأغلبية، وما دام في إطار التعبير السلمي عن الرأي فالقوانين تكفله، وأي تجاوز للتعبير السلمي عن الرأي فنحن نعتبره غير مقبول ونتائجه غير محمودة بالنسبة للبلد.
صحراء ميديا: يقوم الجيش الموريتاني منذ سنة بحرب ضد ما يسمى بالإرهاب، ولقي هذا القرار العديد من الانتقادات من طرف النخبة السياسية المعارضة.. أنتم كحزب سياسي هل تؤيدون هذه الحرب، ولماذا؟
يحي ولد أحمد الواقف: رأينا في الإرهاب معروف، فنحن نعتبر أنه ظاهرة خطيرة تهدد أمن واستقرار بلدنا الذي عانى من عمليات تضرر منها جيشنا ومواطنونا، كما نرى أن المجهود الموريتاني يجب أن يكون موجه وموحد من أجل محاربة الإرهاب الذي أصبح اليوم ظاهرة دولية تهدد أمن العالم كله.
طبعا تتباين الآراء حول الطريقة والمنهج، وأنا لا أعتقد أن هنالك خلافا على أن الإرهاب يجب العمل على محاربته بجميع الوسائل ويجب العمل على تجهيز الجيش الموريتاني من أجل أن يكون له القدرة على المواجهة، ونحن نرى أن عملية محاربة الإرهاب تتجاوز البلد وبالتالي يجب أن تكون عملية في إطار تنسيق جهوي ما بين الدول المعنية؛ أي موريتانيا، الجزائر، مالي، النيجر وحتى السنغال والمغرب نتيجة للاهتمامات المشتركة، وأي عملية في هذا الإطار يجب أن تكون منسقة ومدروسة ومعقولة ومرتبطة ومراعية لقدراتنا وإمكانياتنا على متابعتها، لأن أي عملية ليست لدينا الموارد الكافية لاستمرارها تكون استثماراً غير رابح.
كما يجب أن يوضع في الاعتبار أن الإرهاب ظاهرة غير عابرة وإنما يجب أن تحارب على مدى 10 و15 سنة، وبالتالي يجب لمن يتصدى لها أن تكون لديه رؤية شاملة.
أجرى المقابلة: الشيخ ولد محمد حرمه