موسم الخريف بات موعدا سنويا لتعطيل أجزاء واسعة من شبكة اتصالات الولاية
النعمة ـ الرجل ولد عمر
وفق قطاع كبير من مشتركي شبكات الاتصال في ولاية الحوض الشرقي، لا تكمن المعضلة في كم المصاريف اليومية في قطاع الاتصال، خاصة من ذوي الدخول البسيطة، بل السؤال: هل هناك انسجام بين تلك المصاريف ونوعية الخدمات؟.
لكن من المهم الإشارة؛ بحسب البعض، إلى أن شبكات الاتصال في ولاية الحوض الشرقي تبقى سلعة مهمة، وهي عصب الاقتصاد في الولاية، حيث يتوقف على توفرها وقوة أدائها الكثير من مستلزمات الحياة.
فهي تلعب دورا أساسيا في مجال الاستيراد لتموين السوق أو لتشغيل أنظمة خاصة لسير العمل في البنوك أو بالمستشفى الجهوي للولاية(TELEMEDSAIN). كما غدت السلعة مؤخرا جزءا من السيادة، حيث جاء ربط مقاطعة “أظهر” بشكة اتصالات الولاية ( وإن بثلاثة مشتركين فقط)، وأصبح بمقدورها اليوم بفضل تلك التقنية أن تشق طريقها نحو التنمية الحضرية، على غرار عدد من مقاطعات الولاية.
وعلى الرغم من وعورة أجزاء غير يسيرة من خارطة التضاريس في ولاية الحوض الشرقي، إلا أن مستوى تغطية شبكات الاتصال تتراوح ما بين 20% إلى 90% بحسب مختصين في مجال الاتصالات، وتتصدر شركة موريتل ذات الطابع شبه العمومي تلك التغطية، حيث يعود وجودها في الولاية إلى العام 2002، كما تستحوذ على أغلب المشتركين، وتأتي شركة شنقيتل السودانية وماتال التونسية في الترتيبين الثاني والثالث على التوالي.
ورغم الطفرة النوعية في مجال الاتصالات، التي شهدتها البلاد مؤخرا سواء في خدمات الجيلين الثاني والثالث تبقى ولاية الحوض الشرقي شبه مقتصرة على خدمات الجيل الثاني كالجوال والثابت، مع ندرة في خدمات الجيل الثالث، التي يتركز أداؤها أساسا في العاصمة نواكشوط بفعل تكلفة أجهزة بثBTS في اغلب الولايات الداخلية وعلى رأسها ولاية الحوض الشرقي؛ بحسب مختصين.
كما تنقسم شبكات الاتصال في موريتانيا إلى “شبكةCDMA” وهي صناعة صينية تستخدمها شركة موريتل في مجال خدمات الثابت والجيل الثالث من الإنترنت، حيث تتوفر الشركة في ولاية الحوض الشرقي على قدرة اشتراك أكثر من 2800 زبون ولا يوجد منها حاليا أكثر من 13 زبون، ونفس الشبكة تستخدمها شركة شنقيتل في مجال الاتصالات كالجوالGSM والثابتFIX FILIEUR وهي بسعة انترنت من 128 كيلوبايت إلى 63 كيلوبايت، بحسب طلبات الزبون.
كما أن هناك “شبكةSMC” وتستخدمها كذلك شركة موريتل لاتصالات الجوال والثابت وهي بتكلفة أقل من الأولى، وتقتنيها أيضا شركة ماتال الموريتانية ـ التونسية ذات الانتشار الأقل مقارنة بالشركات الأخرى، نتيجة تغطية أجهزة بثهاBTS لمقاطعات وبلديات الولاية.
ويتناسب أداء كل من موريتل وشنقيتل في مجال خدمات الجيل الثالث من الإنترنت وإن أحدثL’ADSL ما يصفه البعض بالقفزة النوعية بالنسبة لموريتل والقرص القابل للإزالة بالنسبة لشنقيتل، وغياب تلك الخدمة على مستوى ماتال، هذا مع الإشارة إلى قرب المشاريع الطموحة في مجال توفير خدمة الجيل الثالث بالنسبة لموريتل؛ بحسب خبير الاتصالات في الشركة، محمد تيكورا، الذي تحدث لصحراء ميديا عن قدرة الشركة على توفير شبكة الإنترنت لأكثر من 2800 مشترك من خلال ربطهم بالكابل المباشر، مع إمكانية زيادة ذلك الرقم بحسب الطلب.
ويفسر عزوف المستخدمين عن ذلك النوع من الربط وشكوى البعض من فاعليته، قائلا”يرجع ذلك إلى عدم وعي الزبناء بالمزايا الحقيقية للخدمة وسرعة توفر معطياتها الرقمية، كما أن جودتها وسرعة أدائها يرتبطان بنوعية وقوة الربط الذي يقتنيه الزبون”؛ بحسب قوله.
تحديات
في الآونة الأخيرة برزت شكاوي عدد من مواطني ولاية الحوض الشرقي من أمثال، عيشة بنت إبراهيم، في قرية “سهل البقاع” 12 كلم شمال غربي مدينة النعمة، التي تقول إنها مشتركة منذ 3 سنوات وتعاني من ضعف الشبكة، كما هي الحال نفسها بالنسبة لغيرها من ساكنة القرية.
ونفس الاستياء يعرب عنه المواطن، يسلم ولد الحضرمي، 30 كلم غربي النعمة، مؤكدا أن شبكات الاتصال تشهد خدماتها كثيرا من التذبذب والانعدام في أحيان كثيرة، خاصة شبكتا شنقيتل وماتال الأقل انتشارا؛ بحسب تعبيره.
وفي محاولة لمعرفة السبب، يشرح مصدر متابع لنشاط تلك الشركات قائلا”تمثل فترة الخريف استثناء في توفر الشبكة من جهة ومستوى جودتها من جهة ثانية، ذلك أن قوة الأمطار وكثافة التيارات الهوائية والصواعق الرعدية المصاحبة لها تضعف الشبكة عموما، كما تسبب اختلالات متتالية في جهاز البثBTS وهوائي الإرسال وهو ما ينعكس سلبا على المواطنين؛ بحسب قوله.
ولا تتوقف شكاوي المواطنين عند هذا الحد، خاصة طائفة الخدمات المتوقفة على توفر الإنترنت، وهو ما سبب كثيرا من اللغط بين أوساط كبيرة من أصحاب الحسابات في البنوك أو مبرمجي عمليات علاجية في مستشفى الولاية.
ففي الوقت الذي حمل البعض شركات الاتصال المسؤولية في عدم توفير خدمة الإنترنت لتسيير تلك المرافق، يؤكد محمد تيكورا قوله “إن ما يحصل من حين لآخر من شكاوي في تلك المرافق لا صلة له بخدمات الإنترنت التي توفرها شركته موريتل، ويشرح قائلا “نحن نعمل على ربط هذه المرافق بأنظمتها الرئيسية في نواكشوط، لكن إذا كان هناك تعطل في تلك الأنظمة (سرفير) على مستوى مركزي فإن ذلك لا صلة له بخدماتنا على الإطلاق”.