بعضهم اعتبرها “سلفا بالزيادة”.. والمجلسي قال إنها دعاية سياسية
نواكشوط ـ الربيع ولد ادوم
مع اقتراب نهاية شهر رمضان الكريم وضعت اللمسات الأخيرة على 36 مشروعا صغيرا ينفذها سجناء سلفيون سابقون في إطار خطة حكومية لإعادة إدماجهم في الحياة النشطة.
فقد أنفقت الحكومة الموريتانية عبر الصناديق الشعبية للادخار والقرض ووكالة تشغيل الشباب 107 مليون أوقية لإعادة دمج السلفيين، بعد حوار أطلقته نواكشوط يناير 2010 داخل السجن المدني بين السلفيين الشباب ونخبة من العلماء نتج عنه إطلاق سراح من أعلنوا نبذهم للعنف.
المبلغ المخصص لإعادة دمج السلفيين “التائبين” بلغ 131 مليون أوقية، لكن رفض مجموعة منهم استلام القروض بحجج مختلفة ترك 24 مليونا في حالة تربص، حيث اعتبر البعض ذلك بمثابة ضربة موجعة لمشروع إعادة الدمج
أبرز عناصر هذه المجموعة هو محمد سالم المجلسي؛ السلفي الشاب المناهض لما يعتبره “خطط الحكومة لاستهلاك السلفيين في الدعاية السياسية”.
محمد سالم ولد محمد الأمين الملقب “المجلسي” كان اسمه على لائحة المستفيدين من القروض، لكنه رفض استلام أي مبلغ مؤكدا في تصريحات لصحراء ميديا أنه “من حيث المبدأ فإن الدولة لم تمنح القروض على أساس حاجة الشخص إليها او عدم حاجته”، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى من خلال هذه القروض “لإبرازنا كأشخاص تائبين عن ذنوب ارتكبناها”.
وأضاف أن ذلك سيؤدي إلى الاعتقاد بأن تلك القروض جاءت في إطار برنامج “نجحت الدولة من خلاله في إعادتنا إلى رشدنا ودمجنا في الحياة النشطة، وهذا ليس صحيحا”؛ وقال: “نحن نعتقد أننا دعاة إلى الله، وأننا نطالب بتحكيم شرع الله وتطبيقه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لم نرتكب ما نتوب عنه ونستلم مقابل تركه أموالا”.
وأكد المجلسي أنه من الأجدر أن تعتذر الحكومة عما مارسته بحق السجناء السلفيين من التعذيب، وتوقيفهم دون ذنب؛ بحسب تعبيره، لافتا النظر إلى ذلك “أكثر واقعية وقربا من الحقيقة”، ومطالبا بنيل السلفيين المفرج حقوقهم كاملة “فأنا مثلا أتحرك دون أوراق ثبوتية.. لا بطاقة تعريف لا جواز سفر، فاليمنحوا الناس حقوقهم قبل أن تتصدق عليهم بالمال”.
وفي حين تعتقد المجموعة المستفيدة من السلفيين أن أمامها “فرصة نادرة لإثبات رفضها للعنف” و”المساهة في بناء الوطن من خلال المشاريع الصغيرة”؛ بحسب عبد الله ولد سيديا، الناطق باسم المجموعة، تعتبر مجموعة أخرى ان هذه القروض “لا تخلوا من ربا” وانها “سلف بالزيادة” وان استلامها يعني التواطؤ مع انتهاك أوامر الله، مؤكدين انه “إذا استلم جميع الناس هذه القروض، يجب أن لا يستلمها أبناء الحركة السلفية، لأن موقفهم من القروض والمصارف الربوية واضح”؛ بحسب تعبير سلفي فضل عدم الكشف عن هويته.
هذه الفتوى لم يوافق عليها السجين السلفي السابق محمد الشيخ ولد محمد الملقب شياخ، الذي قرر الاستفادة من تلك القروض لأنه لا يرى تعارضها مع شرع الله والدعوة إليه لكونها مباحة للمسلمين، مؤكدا أنه “حان الوقت لنثبت للناس أننا قادرون عن الحفاظ على بناء بلادنا والنهوض بها والمشاركة في تنميتها”.
كلمات لا تمنع السلفي الغاضب من الخطة الحكومية من القول: “فاليشيدوا مشاريعهم في الدنيا.. نحن نشيد مشاريعنا في الآخرة.. القروض حرام”.