السعر الرمزي وتجاوز الممرات الضيقة والمرتفعات الصخرية.. عوامل جذب العربات
النعمه ـ الرجل بن عمر
لا تزال طوابير العربات التي تجرها الحمير، تحصد المزيد من الرواج في مجال النقل الحضري، الذي يستقله البسطاء ومتوسطي الدخل في كثير من أحياء مدينة النعمة؛ شرق موريتانيا.
وتعتبر العربات التي تجرها الحمير أداة النقل المثالية، مقارنة بمنافسة “سيارة الأجرة”، الوافد الجديد على المدنية، الذي يتطلب أسعارا لا تبدو مريحة في نظر السكان المحليين، نظرا لاعتيادهم على الحمولة الزائدة.
وبالرغم من التوسعة الجزئية الحاصلة في مجال شق شبكة الطرق الحضرية، إلا أن عربات الحمير يبقى لها الدور الريادي في ربط أحياء المدينة ببعضها البعض.
لعامل المرونة التي تتمتع بها العربات، وكذا المهارة التي اكتسبتها الحمير بحكم التعود على اجتياز الصخور والمضايق التي يستحيل وصول السيارات إليها، إضافة إلى الأسعار التنافسية للعربات التي تجرها الحمير؛ بحسب سيدي ولد أجه، أحد الناقلين العاملين في المجال منذ 20 سنة.
يقول سيدي، أنه عمل كناقل للأشخاص على العربة التي يجرها حماره، منذ عقدين، في مدينة لم تكن تتوفر على طرق أو أي شوارع مدعمة، مشيرا إلى أن العربات ساهمت في نقل كميات كبيرة من البضائع والتجهيزات إلى أماكن لا تصلها السيارات لحد الساعة؛ بحسب قوله.
وأضاف: “نحن ننقل الأشخاص بأسعار تتراوح ما بين 300 أوقية إلى 400 أوقية، ولا نزود السعر إلى في حال توفر الزبون على أمتعة أو بضائع ذات حمولة، حيث يكون التفاهم على السعر، الذي يزيد أحيانا على 500 أوقية، أي سعر سيارة الأجرة العصرية”.
ولا تقل تذكرة الفرد في سيارة “الأجرة” العصرية عن مبلغ 500 أوقية باتجاه أي من أحياء المدينة، ولا يهم إن كان الزبون فردا أو جماعة، أو على الطريق الرئيسي أو آخر متفرعا عنه، بحسب أمبارك ولد محمد، الناقل الجديد الذي وصل المدينة منذ 7 شهور فقط.
يعيد أمبارك، ذلك لارتفاع سعر المازوت، الذي يشتري لتره الواحد بـ 330 أوقية، وندرة الزبناء خلال الرحلة الواحدة، إضافة إلى الساعات الطويلة، التي يقضيها في انتظار الطابور بالمحطة الرئيسية، كما لا يخفي المنافسة الشديدة التي يمثلها أصحاب العربات؛ في نظره.
ويمثل مشهد العربات التقليدية وسط مدينة النعمة، جانبا آخر للتطور الكبير، الذي عرفته المدينة؛ بحسب المصطفى ولد أمبارك، وهو ناقل من جيل الثمانينات.
يضيف المصطفى، السواد الأعظم من سكان المدينة فقراء، ليس بمقدورهم دفع مبلغ 1000 أوقية في رحلتي الذهاب والإياب، حيث تبقى عربات الحمير الوسيلة الأكثر رواجا ومرونة بالنسبة لهؤلاء.
ورغم اعترافه بغلاء أسعار “التاكسي”، إلا أنه يؤكد حاجة السكان إليها، أثناء ساعات الليل، التي يعسر على العربات مزاولة النقل فيها إلى المستشفيات وعدد من الأحياء المعزولة، وفي حالات حرجة؛ بحسب تعبيره.
يسجل المصطفى نضال جيله ضد عدد من الضرائب والإتاوات التي كانت الشرطة تفرضها عليهم منذ 5 سنوات ماضية، أي مع عصر دخول سيارة الأجرة في ثقافة سكان المدينة، وهو ما عجز عنه أصحاب العربات، حيث يدفعون شهريا مبلغ 300 أوقية، كغرابة للسلطات البلدية، لكن ذلك لا يؤثر على مداخيلهم؛ بحسب قوله.
إقبال السكان على عربات الحمير يبقى ميزة النقل الحضري وسط مدنية النعمة، كما أن البدائية والخشونة المصاحبة لحركتها وسط الأحياء الجديدة، لا يبدو ملفتا لنظر غير الزوار من الوافدين؛ بحسب السكان.
فاطمة بنت عاشور، سيدة في منتصف العمر، تفضل اقتناء عربات الحمير، سواء للكوب أو لحمل البضائع والأغراض، اعتادت جلبها من السوق.
وتقول فاطمة إن سيارة الأجرة لا يمكنها الوصول إلى أماكن معينة في حي “لخويمة” حيث تسكن، وهي راضية عن أسعار العربات، خاصة أنهم أحيانا يقدمون لها ما تصفه بخدمات استثنائية كحمل البضاعة إلى داخل البيت.