مات بن لادن، قتل بن لادن، أستشهد بن لادن…….. كلمات و عبارات ستتردد على مسامعنا كثيرا خلال الأشهر و السنوات القادمة…….
لقد مات بن لادن….قتله الأمريكيون انتقاما على عصيانه لما تمليه قوتهم و إرادتهم. انظروا كيف كان مصيره …اعتبروا أيها الطامحون في الدفاع عن حق مهما كانت شرعيته.. لقد استشهد بن لادن مرفوع الرأس و هو يدافع عن قضايا الأمة مقدما نفسه و ماله في سبيل ذلك. لقد استشهد من أجلكم و من أجل قضاياكم. إنه رمز الحق و الدفاع عنه.
آراء متباينة و لها طبعا مرجعيات مختلفة تبرر ذلك التباين. فقاموس آمريكا و الدول الغربية تختلف مفرداته و الحبر الذي كتب به و الورق الذي كتب عليه عن مفردات قاموس المسلمين و حبرهم و ورقهم …
.
لقد اختفى بن لادن عن الأنظار مدة طويلة – عشر سنوات- ظل العالم يترقب قتله و ظلت أمريكا تأمل أن تأثر لنفسها منه و ظل هو ينتظر الشهادة دون أن يستسلم. لقد حصل كل على ما يريده…..قتلته أمريكا، فاستشهد هو ، فبثت الفضائيات و وكالات الأنباء النبأ في جميع أرجاء العالم.
فماذا إذن بعد بن لادن؟ سؤال جوابه يحتمل فرضيات كثيرة … قال الأمريكيون إن بقتله أصيبت القاعدة بنكسة كبيرة، و هل من نكسة أكبر على القاعدة من احتلال أفغانستان ؟ هل من تحد أعظم من مصارعة أقوى مخابرات في العالم و أشرس جيش على الإطلاق؟ هل الحرب على الإرهاب جلبت الأمن و الاستقرار إلى أمريكا و الدول الغربية ؟ هل بوادر السلم بادية في الأفق؟
لقد أنفق الكثير من المال على محاربة الإرهاب و جندت جيوش جرارة و احتلت دول عدة و تفشى البطش و الظلم… فهل مكن ذلك كله من استتباب الأمن في المحطات و المطارات و الشوارع والصحاري و أعماق المحيطات؟ واقع الحال يجيب بالنفي رغم ما يردد هنا و هناك للاستهلاك المحلي و الدعايات السياسية.
إن العالم اليوم أقل أمنا و استقرارا و يتوقع أن يظل كذلك لفترة طويلة ما لم تفهم أمريكا و الدول الداعمة لها في مكافحة ما يسمى بالإرهاب أنها ضلت الطريق في سبيل هذه المحاربة .
فمحاربة هذه الظاهرة تستدعي العمل على محورين أساسيين: المحور الداخلي و محور العلاقات الدولية.
- المحور الداخلي ، و يتطلب دعم الديمقراطيات الناشئة و مسايرة متطلبات الثورات في الدول العربية والإسلامية و مساعدة هذه الدول على نهج حكامة رشيدة تضمن توزيعا عادلا للثروات
و توفر الخدمات الأساسية بما فيها تعليم ناجع يبعث الأمل في نفوس الأجيال الصاعدة و يوفر فرص العمل المشرف.
- محور العلاقات الدولية، و يكتسي هذا المجال أهمية كبيرة ، ذلك أن طبيعة العلاقات الدولية و سيطرة الدول العظمى على إرادة الدول الضعيفة و تجاهل القضايا المصيرية للشعوب و الغبن ولد بغض الشعوب المغلوبة على أمرها لهذه الدول وسياساتها . و قد تمكنت المنظمات الجهادية من امتطاء هذا الغضب لتحارب جيوش أمريكا و حلفائها الذين احتلوا بدورهم العراق و أفغانستان و تمركزوا في بعض الدول العربية و الإسلامية الأخرى و دعموا إسرائيل ضد الحق العربي الفلسطيني على أرض الدين و الأجداد . فغلب اليأس الأمل و أصبحت الحياة جحيما و الموت شهادة. فانتشر السلاح و عمت البلوى.
إن محاربة ما يسمى بالإرهاب لا تحتاج إلى طائرات و لا إلى دبابات و لا إلى خطابات حربية ملحمية و إنما تحتاج إلى إعادة النظر في التعامل مع الإنسان بوصفه بشرا و مع الدول بوصفها كيانات مستقلة لها كرامة و سيادة. …..
فلنقتل الظلم و الاستبداد و الغطرسة و الغبن و لننشر العدالة و المحبة و التآخي بين الشعوب لنحقق الأمن و الاستقرار .