تمشيا مع السلم التراتبي للرد على التساؤلات حسب أدبيات المحظرة الشنقيطية، فإن التساؤلات الواردة في مقال فضيلة الشيخ الدكتور عائض القرني قد صنفت حسب المضمون والشكل ليكون الرد عليها من نصيبنا نحن العامة، فنشكر علمائنا الأجلاء على إنصافنا وعدم الرد على أسئلة هم في الحقيقة غير معنيون بها، والرد عليها يزيدها إشكالا.
في مقال له نشرته جريدة الشرق الأوسط تحت عنوان “مهزلة حفظ المتون”، تحامل فضيلة الشيخ د. عائض القرني على حفظة المتون وخص بالذكر الشناقطة واصفا إياهم ب (عوج في الرأي وغبش في البصيرة وقدح في الإدراك) وذهب فضيلته إلى أبعد من ذلك، حيث وصفهم بآلات التسجيل ،،، والجراد الأصفر ،،،.
لا أحد يشك في حسن نية الشيخ وصدقها، وسلامة البصيرة ونقائها، ورزانة الشخصية واتزانها ـ لكن ما لم يكن متوقعا من شخص بحجمه ـ سواء عن قصد أو غير قصد ـ هو محاولته لتحجيم وانتقاص الدور الذي لعبته المحظرة الشنقيطية في إثراء الساحة الثقافية الإسلامية الكونية، ومجانبته للصواب في وصف الشناقطة بأنهم أناس يجترون متونا لا تقدم ولا تأخر ، يجيدون حفظها دون فهم لمعناها، ناسيا أو متناسيا أن هذه المتون هي عصارة خالصة لا شائبة فيها أفرزتها طاحونة فكرية لعلماء أجلا تبحروا وأبحروا في مختلف العلوم الشرعية متخذين من القرآن والحديث والسنة النبوية الشريفة مرتعا ومرجعا، ومن ظهور العيس مدرسة:
أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا ((ونحن ركب من الأشراف منتظم
بها نبـين دين الله تبيـانا)) قد اتخذنا ظهور العيس مدرسـة
فشرحوا وألفوا وقربوا لنا نحن العامة ما لم نستطع فهمه من الأحكام الشرعية بالاستنباط والاجتهادات النيرة، التي يحتاج العامي إلى تبسيطها والنزول بها إلى مستوى فهمه وإدراكه،،،،فما العيب إذا ؟؟؟ فضيلة الشيخ: المحظرة الشنقيطة: رغم إكراهات الطبيعة وقساوتها وشح المصادر وندرتها، لم تكن إلا جامعة متنقلة كما الرمال الصحراوية، تدرس فيها علوم القرآن والحديث واللغة، والأنساب وغيرهم كثير…..كما ظلت قلعة حصينة وشمعة ساطعة لم تطلها سهام المد الاستعماري الثقافي، ولم تعكر صفاء سمائها رياح الغرب المحملة بسموم التبشير ، ظلت تقارع ثقافة المستعمر إبان عصر الانحطاط الثقافي وهيمنة المستعمر، حيث جابهت ماكينة المستعمر الثقافية وهزمتها رغم تفوقها العسكري والاقتصادي والتقني في تلك الفترة، فحافظت على التقاليد الإسلامية العربية في ثوبها الأصلي، كما ظلت في حلها وترحالها إشعاعا علميا ساطعا يجتذب طالبي العلم من مختلف بقاع العالم، رافعة راية الإسلام في مختلف ربوع القارة السمراء، مشكلة بذلك همزة وصل بين العالم الإسلامي وإفريقيا…هذه باختصار هي المحظرة الشنقيطية…؟؟
فضيلة الشيخ: إننا في هذا العصر الذي ذابت فيه الحدود الثقافية وانتشرت فيه الفضاءات الألكترونية وسهل التدوين والنشر على كل من هب ودب وعمت فوضوية العولمة الثقافية بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بالقرآن والحديث والسنة النبوية الشريفة وما ورد عن أكابر السلف الصالح من العلماء الأجلاء من اجتهادات وقياسات سواء كانت منظومة أو منثورة وما العيب في ذلك؟؟؟ فضيلة الشيخ لقد آثر علماؤنا الصمت وعدم الرد على بعض التساؤلات التي تفضلت بها في مقالكم وذلك لعدة أسباب نذكر منها:
– أن الأوصاف والنعوت جانبت الصواب و الحقائق التاريخية….
– أن هذه الأسئلة موجهة لنا نحن العامة.
فضيلة الشيخ تفضلوا بقبول ما يليق بمقامكم الرفيع من التحيات والتقدير،،، أدام الله نوركم وعلمكم ونفع به الأمة الإسلامية،،، ونيابة عن الكل ندعوكم لزيارة الجامعة الصحراوية في عرينها ،،، للوقوف على الحقائق عن قرب ولتتداركوا جسامة الخطأ المطبعي الذي وقعتم فيه.