نواكشوط – المختار السالم:
مريم بنت السباعي شابة موريتانية من الصحراء اختارت مهنة المتاعب وسريعا ما تمكنت من النجاح لتصبح أشهر محررة اجتماعية في بلدها، تميزت بالجرأة في الكتابة وبتناول العديد من القضايا “المسكوت عنها”، ومن خلال تجربتها في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع تسعى بنت السباعي، لتكون صحافية تجاهد لتصبح مسموعة الكلمة.
“الخليج” التقتها في العاصمة الموريتانية نواكشوط فكان هذا الحوار:
كيف تقدمين تجربتك الصحافية للقارئ، وماذا عن طموحك وأحلامك؟
– هي تجربة فتاة عربية حاول المجتمع أن يضعها في قالب جاف ومصمم لقمع مواهبها وطموحاتها وأرادها موظفة بدوام يومي وبشروط حددها سلفا… فهي إذن تجربة خاصة في ظروف خاصة وفي مجتمع خاص. أما عن أحلامي فهي أن أقدم بصمة واضحة في المجال الذي اخترته.
لماذا اخترت الجانب الاجتماعي في تحقيقاتك الصحافية؟
– الجانب الاجتماعي هو كل شيء في المجتمع، واعتبره المجال الصادق الوحيد من بين المجالات التي يتناولها الصحافي.. بعيدا عن التصفيق للسياسيين، وزيف المواقف، بالإضافة إلى غياب الصحافيين المتخصصين في هذا الجانب المهم، الذي يحتاج إلى الكثير من البحث والاستطلاع مما جعلني أوليه كامل اهتمامي.
كان اللافت في كتاباتك تناولك لأمور اجتماعية كانت تعتبر من المحظورات.. من أين لك هذه الجرأة؟
– المجتمع الموريتاني يفضل الصمت في كل الأمور.. بالإضافة إلى ممارسة الوصاية في الماضي على الكتابة الصحافية، مما جعل المحظورات كثيرة وفي تزايد مستمر وأعتقد أن الجرأة تتطلب بعض الشجاعة والإيمان بالرسالة، ومحاولة التميز والسعي إلى السبق سمتان للصحافي الناجح مما دفعني إلى تناول بعض المواضيع التي رأى البعض أنها جريئة ورأيتها تحتاج إلى نفض الغبار عنها.
يدعي البعض أن تناول الصحافي لأمور حساسة اجتماعيا نوع من البحث عن الشهرة. ما ردك؟
– إذا كانت الأمور تخدش الحياء أو تزيف الواقع فهي كذلك أما إذا كانت تكشف الحقائق وتحاول إيجاد الحلول لمواضيع تضر المجتمع فهي على العكس.. ومهما قيل فلا بد من دفع الضرائب جراء طرق تلك المواضيع.
تمت مهاجمتك في المواقع الإلكترونية الموريتانية على خلفية خروجك عن “القيم الكتابية”، ما تأثير ذلك فيك؟
– كنت أتوقع الهجوم، وتسلحت بالشجاعة وتقبل ذلك بكل روح رياضية ولكل شيء ثمنه، إلا أني في المقابل سررت بالذين رأوا في تلك المواضيع ضرورة كما اعتبر أني قد أوصلت بعضا من رسالتي الإعلامية الموجهة للمجتمع.
كالكل هنا في موريتانيا أنت من قبيلة و”القبيلة تحمي بناتها” من “لعنة الحرية الصحافية”.. فهل تعرضت لمضايقات من الأهل أو العشيرة؟
– تعرضت بالفعل لبعض اللوم والضغوط إلا أنهم ومع مرور الوقت اعتادوا الأمر الواقع.
فيمَ تفكرين حين تكتبين. الموضوع، أم الرقيب الاجتماعي، أم ماذا؟
– كل ما أفكر فيه هو كشف الأخطاء والأخطار التي تنجم عن الظاهرة المعينة ومحاولة توجيه المجتمع.
كيف تنظرين لوضع المرأة الموريتانية في قطاع الإعلام؟
– حالتها في الإعلام سيئة، فالناشرات على الورق فقط بالكاد تصدر لهن منشورات، ويكتفين ببعض المساعدات المادية من الحين إلى الآخر، أما الصحافيات فينقسمن إلى قسمين: قسم في الصحافة الرسمية ويكتفين بالأدوار الثانوية المسندة إليهن والتي تجعل منهن موظفات أكثر من صحافيات بينما يتميز الرجال في تلك المؤسسات. ونلاحظ ذلك جليا في التلفزيون الذي نجد به مقدمة برامج واحدة وهو الأمر الغريب والنادر إذا ما نظرنا إلى القنوات الفضائية الأخرى، أما الصحافة المكتوبة المستقلة فبالكاد تجد محررة لأسباب متعددة منها نأي المرأة عن مهنة المتاعب وضغوط الأهل والمجتمع وغياب المؤسسة الإعلامية التي تحمي حقوق الصحافي بصفة عامة بالإضافة إلى مشاكل أخرى متعددة، أما الكاتبات فقليلات جداً بالكاد تجد سيدة بين صفوف الكتاب في الصحافة اليومية ولا حتى الالكترونية، بينما نجد بعض المؤلفات التي تصدر من حين إلى آخر لباحثات موريتانيات رغم ما يمارس على منتوجهن من الازدراء وعدم التشجيع.
تم مؤخراً تعيين ست وزيرات في الحكومة الموريتانية بينهن أول وزيرة خارجية عربية. هل تعتبرين الأمر مجرد ديكور سياسي، أم نتيجة نضال ممنهج ومدروس؟
– الأمر مزيج بين ذاك وذاك، إلا أننا اعتدنا المرأة الوزيرة في الحكومات المتتالية رغم أن طريقة الاختيار تطرح بعض علامات الاستفهام.
البعض يعتبر لجوء المرأة للكتابة هو نوع من البطالة الأنثوية.. ماذا تقولين؟
– بالعكس إذا انطلقت من تجربتي الذاتية فأنا أمارس الكتابة منذ الثانوية ومارستها في ظل انشغالي بكل مسؤولياتي الاجتماعية والتعليمية وحتى الوظيفية، ولا زلت أعمل في التدريس وفي التقديم الإذاعي وأخيرا التلفزيوني.. وأعتبر الكتابة الأساس بالنسبة لي رغم كل الصعاب.
كيف تشعرين وأنت بين زملائك الرجال؟
– بما أنني اخترت وبمحض إرادتي أصعب المهن فقد اخترت أن أتواجد مع الرجال ولا أخفيك أني أشعر بالتميز بينهم.
تعاني المرأة الكثير من المشاكل.. كيف ترين سبيل التحرر النسوي في عالمنا العربي؟
– التحرر يبدأ من الداخل، فإذا انطلقت المرأة العربية من ذاتها فستصل إلى الآخرين.
كيف تنظرين لمستقبل الإعلام الموريتاني، خاصة الإعلام الذي تقوده المرأة؟
– الإعلام متجه إلى المزيد من التحرر والكثير من التنافس خاصة إذا صودق على القانون الجديد المنظم للسمعيات البصرية والمرأة ستواكب هذا التطور.
من تعجبك من الكاتبات العربيات؟
– أغلب من يعجبونني من الكتاب هم رجال وليسوا نساء.