تبدوا الحركة في السوق غير تلك التي ألفها منذ مدة، لا يقدرها حق قدرها إلا أصحاب المحلات أنفسهم، أو عمال إصلاح السيارات، إذ لا حديث هنا إلا عن “قانون السير الجديد”، وأنواع المصابيح وزجاجها العاكس للأضواء، وأنواع السيارات الراغب ملاكها في تركيب المصابيح، وأسعارها.
الجميع هنا يعبرون عن سعادتهم بتطبيق القانون الجديد، لأنه عاد بالفائدة الملموسة على محلاتهم، رغم امتعاض أصحاب السيارات، وخاصة سائقي سيارات الأجرة.
قانون “الربح المضمون”
“لم يتخذ ولد عبد العزيز قرارا منذ توليه الحكم أفضل من قرار إجبار ملاك السيارات على إصلاح مصابيح التوقف الخاصة بهم”، يقول أحد العاملين في محل لبيع قطع غيار السيارات في مقاطعة لكصر.
ويضيف العامل في حديث مع موفد “صحراء ميديا”: “في هذا المحل ظلت بعض المصابيح تراوح مكانها منذ أول يوم وصلت فيه قبل عدة أشهر، ويبدوا أن هذا القرار عوض ذلك الركود، بل زاد على التعويض ربحا”.
يتحدث “أحمدو” العامل في مجال الميكانيكا منذ قرابة العقدين عن مشاهداته خلال الأسبوع الأخير، لأنواع من السيارات القديمة لم يكن يظن أنها ما تزال موجودة في موريتانيا، بعضها متهالك لدرجة لا يجب تطبيق القانون عليها، يبحث أصحابها عن مصابيح يمكن أن تتلاءم معها، نظرا إلى أن قطع غيارها لم تعد موجودة في السوق.
لا يخفي “أحمدو” سعادته بالربح الذي حققه من إقبال ملاك السيارات عليه بفعل “قانون السير الجديد”، لكنه كان يتمنى لو لم يكن عيد العمال بعد نهاية عطلة الأسبوع مباشرة، فعطلة ثلاثة أيام حرمته من ربح أكثر، قبل أن يستدرك “الأيام المقبلة ستشهد إقبالا قد يعوضنا”.
العذر لمن جهل القانون
حين تسأل العمال المشرفين على تركيب مصابيح السيارات، عن بقية مواد “قانون السير الجديد”، لا أحد يعطيك جوابا صحيحا، هي فقط جزئية وحيدة يعرفها الكل هنا، “مصابيح السيارة الأمامية والخلفية يجب أن تعمل كلها”، يقول أحدهم: “إن أفضل ما في القانون الجديد هو المصابيح” ثم يتساءل ما هي بقية مواد القانون.
لكل نوع من السيارات مصابيح خاصة به وسعرها غير محدد؛ لا اتفاق على سعر محدد هنا سواء لقطع الغيار، أو لليد العاملة، لا أحد يخفي سعيه للربح ولو بمضاعفة السعر أكثر من مرة.
بعض السيارات كان سعر مصباح واحد من مصابيحها لا يتجاوز مبلغ ألفي أوقية قبل عدة أسابيع، وها هو اليوم يقارب سبعة آلاف أوقية.
بعض السيارات لجأ أصحابها إلى إحداث توسعة في الأماكن المخصصة للمصابيح، لكي تتلاءم مع أخرى هي في الأصل لنوع آخر من السيارات، بل لمصنع مختلف بالمرة.
التقارب في الربح
يعاقب قانون السير الجديد بغرامة تبلغ ستة آلاف أوقية، أي سيارة لا تعمل أضواء الإنارة لديها، أو أضواء التوقف الخلفية الخاصة بها.
الملامح في سوق قطع غيار السيارات تتباين بشكل كبير، والنقاش محتدم بين مشتر ممتعض لارتفاع أسعار القطع التي يفرض القانون الجديد “سلامتها”، وبائع لتلك القطع لا يهمه في القانون إلا أنه يدر ربحا، ومن حقه استغلال الفرصة، وطرف ثالث هو اليد العاملة في أماكن إصلاح السيارات، وهم أقرب إلى التضامن مع أصحاب السيارات، لكنهم في السعي للربح هم أقرب لمحلات بيع قطع الغيار.
كانت السلطات قد أعلنت عن قانون جديد يتضمن فرض غرامات على بعض المخالفات تتراوح ما بين 6 آلاف أوقية و20 ألف، وبدأت منذ شهر التعبئة للقانون الجديد على أنه سيدخل حيز التطبيق فاتح الشهر الجاري، وقد أشعل هذا القانون احتجاجات عنيفة وأعمال تخريب في عدة أحياء من نواكشوط، ولكنه في المقابل عاد بالربح على سوق بيع قطع الغيار.