ما الذي يحدث حولنا بالضبط؟! ولم لا يمكن للبعض استيعاب ما يحصل اليوم في منطقتنا؟! ولمَ يلفّ الضباب عقولنا كلما حاولنا استيعاب ما يحصل ليزداد تشويشاً؟!
أسئلة ربما تكون عفوية.. لكن البحث عن أجوبتها يستوجب تحليلاً عميقاً يجرّدنا مما عشّش في أذهاننا من أوهام وتراكمات رسختها بعض القنوات الإعلامية.. لنستبدل تلك الأوهام بقناعة مؤدّاها أن كل هذه الفوضى والحروب التي يدور رحاها في منطقتنا العربية، إن هي إلا الرأس الصغير الظاهر لجبل الجليد الضخم لعدّة أسباب لا نراها.. لأن أعيننا شاخصة إلى الرأس الطافي من هذا الجبل الضخم.. بينما باختصار: لا بصائر لدينا.. وبالتالي فحتى ضمائرنا قد فقدت حياتها وحيويتها..
من ينكر أن رأس المال دوماً هو المحرّك والمقترن بهكذا أمور؟.. فمن يملك – في زمننا هذا – رأس المال يملك الإعلام، وبه يشتري النفوس والضمائر والأقلام.. لذلك لا يسعنا أن نتعامى عن ذلك المثال المنحطّ للغاية التي تضربه لنا بعض القنوات الإعلامية في أغلب تدخلاتها وممارساتها السياسة والغير سياسية في شؤون الدول وتحديداً دول المنطقة العربية والإسلامية، مستميتةً في صبّ الزيت على النار وإلهاب كل ما هو قابل للإلتهاب.
بِتنا ونحن على ثقة أن أغلب وسائل الإعلام أضحت بعيدة كل البعد عن المصداقية بعدما كانت تلك الوسائل والقنوات مثالاً سامياً يعكس الأخلاقيات والمثل العليا التي كانت تمثلها مهنة الصحافة.. فبينما نرى بأم أعيننا هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية.. نرى في المقابل تقلّص المساحات التي تحتوي ذوي الأقلام الشريفة.. وتناقص عدد المنابر التي يعتليها أصحاب الآراء الواعية والمتيقّظة.. في تغييب مكشوف للحقيقة والاتجاه نحو ترسيخ السياسة الفرعونية التي ذكرها القرآن الكريم: “لا أريكم إلا ما أرى”..
وقد اشار المفكر الفرنسي المعاصر “لاتُش” إلى هذا الصدد، إذ قال فيما معناه أن أغلب الايديولوجيات المتصارعة (الدينية منها والعرقية واليسارية واليمينية والأصولية..إلخ) قد وجدت ضالتها في الثورة الهائلة للإعلام الرقمي مستفيدة من التطوّر الهائل لتكنولوجيا المعلومات.. فقد وجدت هذه الأيديولوجيات مجالاً مربحاً للاستثمار المادي والمعنوي.. فهي تعمل وبشتى الطرق على قلب الحقائق بحيث لا تُري مشاهديها ومتابعيها إلا ما تبثّ من خطابات.. فبقدر ما تُشِيعه من عنف وتبثّ انفرادها في الرؤية لمُتلقّيها؛ بقدر ما مهّد لها خلق هكذا أجواء مضطربة ومشحونة وبالغة التعقيد.. بحيث لم يسلم من شرها حتى دعاة الاعتدال.. فلجأت إلى التعمّق أكثر في مستنقعات التزييف والتضليل..
إن أبلغ دليل يمكنني الاستدلال به هو القناعة التامة لدى كل فرقة بحربها “المقدّسة” التي تمارس فيها القتل تحت راية “لا إله إلا الله” بحيث لا ترى سوى الحروب كحلّ ومخرج لها.. فلا وجود لمفهوم الحوار لديهم إلا لضرورة أو فقط كنوع من أنواع المناورة بهدف إعادة ترتيب الصفوف والعودة إلى الحرب مجدداً.. أهذا ما يريده الإسلام منا؟.. ولعل أهم سبب من أسباب هذا التردّي والتهاوي لواقعنا المرير هو الأخلاق التي يكاد لا يلتفت إليها أحد في عصرنا هذا..
ساعدت في ذلك كله تلك الفئات المؤدلجة والتابعة لتلك الطوائف التي تسعى دون وعي إلى نسف القيم وتدمير الأخلاق في النفوس وصولاً إلى صهر الهوية الوطنية لتذوب قسراً وتتلاشى.. ولعل أغلب الصراعات التي تحصل في دول عدّة كسوريا واليمن وليبيا تبرهن أنها تسعى أولا وأخيراً إلى ذلك.. فبقدر ما يتّضح لنا من فضاعتها؛ بقدر ما يتبيّن أنها تعمل على تفتيت انتماء المواطنين لأوطانهم وتحطيم القيم الراسخة والقائمة على التلاحم الوطني لصالح تلك الأيديولوجيات..
في الختام.. فإننا نخلُص إلى أن مشكلتنا هي أخلاقية.. أخلاقية بحتة.. لا أقول انحطاط أخلاقي ولكنه حتماً يرقى إلى كونه مشكلة يجب الوقوف عليها.. فما انبثق عنها من أخطاء وتجاوزات ساقت إلى التعصّب الفكري والتطرف السلوكي.. إن لم يكن لنا يد في حصولها فبالتأكيد أن وقوفنا مكتوفي الأيدي أمامها وأمام العواقب الوخيمة أعطاها الزخم وأضفى عليها الشرعية لتواصل مشروع هدمنا.. فقد أصبح العالم من حولنا مليئاً بما لا رغبة لنا به.. من دمار وحروب وفرقة.. لينتهي بنا الأمر إلى العودة إلى حالة التشاؤم التي نعيشها.. ولا نعلم متى ستنتهي.. ولا إلى أين ستتجه بنا..
أسئلة ربما تكون عفوية.. لكن البحث عن أجوبتها يستوجب تحليلاً عميقاً يجرّدنا مما عشّش في أذهاننا من أوهام وتراكمات رسختها بعض القنوات الإعلامية.. لنستبدل تلك الأوهام بقناعة مؤدّاها أن كل هذه الفوضى والحروب التي يدور رحاها في منطقتنا العربية، إن هي إلا الرأس الصغير الظاهر لجبل الجليد الضخم لعدّة أسباب لا نراها.. لأن أعيننا شاخصة إلى الرأس الطافي من هذا الجبل الضخم.. بينما باختصار: لا بصائر لدينا.. وبالتالي فحتى ضمائرنا قد فقدت حياتها وحيويتها..
من ينكر أن رأس المال دوماً هو المحرّك والمقترن بهكذا أمور؟.. فمن يملك – في زمننا هذا – رأس المال يملك الإعلام، وبه يشتري النفوس والضمائر والأقلام.. لذلك لا يسعنا أن نتعامى عن ذلك المثال المنحطّ للغاية التي تضربه لنا بعض القنوات الإعلامية في أغلب تدخلاتها وممارساتها السياسة والغير سياسية في شؤون الدول وتحديداً دول المنطقة العربية والإسلامية، مستميتةً في صبّ الزيت على النار وإلهاب كل ما هو قابل للإلتهاب.
بِتنا ونحن على ثقة أن أغلب وسائل الإعلام أضحت بعيدة كل البعد عن المصداقية بعدما كانت تلك الوسائل والقنوات مثالاً سامياً يعكس الأخلاقيات والمثل العليا التي كانت تمثلها مهنة الصحافة.. فبينما نرى بأم أعيننا هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية.. نرى في المقابل تقلّص المساحات التي تحتوي ذوي الأقلام الشريفة.. وتناقص عدد المنابر التي يعتليها أصحاب الآراء الواعية والمتيقّظة.. في تغييب مكشوف للحقيقة والاتجاه نحو ترسيخ السياسة الفرعونية التي ذكرها القرآن الكريم: “لا أريكم إلا ما أرى”..
وقد اشار المفكر الفرنسي المعاصر “لاتُش” إلى هذا الصدد، إذ قال فيما معناه أن أغلب الايديولوجيات المتصارعة (الدينية منها والعرقية واليسارية واليمينية والأصولية..إلخ) قد وجدت ضالتها في الثورة الهائلة للإعلام الرقمي مستفيدة من التطوّر الهائل لتكنولوجيا المعلومات.. فقد وجدت هذه الأيديولوجيات مجالاً مربحاً للاستثمار المادي والمعنوي.. فهي تعمل وبشتى الطرق على قلب الحقائق بحيث لا تُري مشاهديها ومتابعيها إلا ما تبثّ من خطابات.. فبقدر ما تُشِيعه من عنف وتبثّ انفرادها في الرؤية لمُتلقّيها؛ بقدر ما مهّد لها خلق هكذا أجواء مضطربة ومشحونة وبالغة التعقيد.. بحيث لم يسلم من شرها حتى دعاة الاعتدال.. فلجأت إلى التعمّق أكثر في مستنقعات التزييف والتضليل..
إن أبلغ دليل يمكنني الاستدلال به هو القناعة التامة لدى كل فرقة بحربها “المقدّسة” التي تمارس فيها القتل تحت راية “لا إله إلا الله” بحيث لا ترى سوى الحروب كحلّ ومخرج لها.. فلا وجود لمفهوم الحوار لديهم إلا لضرورة أو فقط كنوع من أنواع المناورة بهدف إعادة ترتيب الصفوف والعودة إلى الحرب مجدداً.. أهذا ما يريده الإسلام منا؟.. ولعل أهم سبب من أسباب هذا التردّي والتهاوي لواقعنا المرير هو الأخلاق التي يكاد لا يلتفت إليها أحد في عصرنا هذا..
ساعدت في ذلك كله تلك الفئات المؤدلجة والتابعة لتلك الطوائف التي تسعى دون وعي إلى نسف القيم وتدمير الأخلاق في النفوس وصولاً إلى صهر الهوية الوطنية لتذوب قسراً وتتلاشى.. ولعل أغلب الصراعات التي تحصل في دول عدّة كسوريا واليمن وليبيا تبرهن أنها تسعى أولا وأخيراً إلى ذلك.. فبقدر ما يتّضح لنا من فضاعتها؛ بقدر ما يتبيّن أنها تعمل على تفتيت انتماء المواطنين لأوطانهم وتحطيم القيم الراسخة والقائمة على التلاحم الوطني لصالح تلك الأيديولوجيات..
في الختام.. فإننا نخلُص إلى أن مشكلتنا هي أخلاقية.. أخلاقية بحتة.. لا أقول انحطاط أخلاقي ولكنه حتماً يرقى إلى كونه مشكلة يجب الوقوف عليها.. فما انبثق عنها من أخطاء وتجاوزات ساقت إلى التعصّب الفكري والتطرف السلوكي.. إن لم يكن لنا يد في حصولها فبالتأكيد أن وقوفنا مكتوفي الأيدي أمامها وأمام العواقب الوخيمة أعطاها الزخم وأضفى عليها الشرعية لتواصل مشروع هدمنا.. فقد أصبح العالم من حولنا مليئاً بما لا رغبة لنا به.. من دمار وحروب وفرقة.. لينتهي بنا الأمر إلى العودة إلى حالة التشاؤم التي نعيشها.. ولا نعلم متى ستنتهي.. ولا إلى أين ستتجه بنا..
عبدالله العجمي / كاتب من سلطنة عمان
[email protected]