أقل من ست ساعات فقط قضاها الان جواندييه في نواكشوط التى استقبلته بحرارة تفوق حرارة المناخ التى تعرفها المدينة هذه الايام، انه احد رجال المطبخ السياسي الفرنسي الاكثر اثارة للجدل في اوساط المعارضة الموريتانية منذ بعض الوقت،زار وطار مستئنفا رحلته على وجه السرعة،من المطار في رحلة القدوم انتقل مباشرة الى القصر الرئاسي وفي رحلة العودة اجرى مؤتمرا صحفيا من المطار واقفا لا جالسا ..يضن مسؤولو دول شمال المتوسط على دول ماوراء البحار بوقتهم فيتعاملون معهم بنظرة دونية ولا يمنحونهم من الوقت الكافي ما تقتضيه اللباقة.
يمر اجواندييه على نواكشوط كانما مر على نيس او مونبلييه او اي محافظة من محافظات بلاده تلك هي النظرة الدونية الاستعلائية التى لازالت تحكم تفكير الدول الكبرى ازاء غيرنا من شفوب العالم الثالث، ثم لا نستطيع غير الاصغاء والانحناء لهم رغم انه يفترض اننا خرجنا من بيت طاعتهم وصار بامكاننا ان نفكر لوحدنا بعيدا عن شياطينهم، لكننا والحالة هذه لا نغرق في التفاؤل الى درجة كبيرة خصوصا عندما يتعلق الامر بالتعاطي مع مواقف حكومة ساركوزي التى تثبت في كل مرة انها لا تقيم اي اعتبارلنا نحن في المنكب البرزخي. موريتانيا حظيت بزيارات عديدة لمسؤولين فرنسيين، وكان ثلاثة رؤساء قد ادوا زيارة لهذ البلد.
جاء ديكول وحظي بحفاوة الموريتانيين المعهودوة وجاء بومبيدو وكان محط استقبال رسمي لكن احد الكادحين عبر على طريقته عن امتعاضه من سياسيته ورماه ببيضة فوق صلعته ، كانت كافية للفت الانتباه الى تلك الطريقة الاحتجاجية الواعية حينها ، وكان اخر رئيس فرنسي يزور موريتانيا هو اخر الديكوليين في الحقبة المعاصرة جاك شيراك وقد استقبل استقبال الشجعان في نواكشوط واطار ، كل المسؤولين الفرنسيين ينظرون الينا على اننا مجرد رعايا من الدرجة الخامسة للجمهورية الخامسة وهو تصور قديم ارتبط بنشوء الديغولية كاتجاه سياسي معبر عن مصالح البرجوازية الوطنية الفرنسية، وعلى عكس الخرافة المنتشرة بشأن موقف الديغوليين من المستعمرات وخصوصا من العرب فان ديغول نفسه لم يكن يحمل في الحقيقة أي احترام لهؤلاء ؛ حيث كان يطلق عليهم ، حرفيا صفة ” الكراكيب ” Camelotes ، أي مجموعة سقط المتاع المنزلي الذي لا يصلح لشيء سوى .. الرمي في سلة النفايات ! فماذا تريد من الآخرين..