اصطبغت هامة الشعب الموريتاني بصبغة الإسلام البهية عبر الأيام والعصور الذهبية، حتى أصبحت علامة فارقة يعرف بها على مناكب المعمورة، ذلك أن الرعيل الأول من الآباء والأجداد الشناقطة – طيب الله ثراهم- لم تطأ أقدامهم نقطة من نقاط خارطة عالمنا الإسلامي الفسيحة إلآ واستقبلتهم ساكنتها بهالة من التبجيل والتقدير والاحترام،
نظرا لمكانتهم العلمية السامقة وعلو كعبهم في علوم الشريعة والحديث والسيرة النبوية المطهرة، واللغة العربية وآدابها، وغير ذلك من صنوف المعرفة،لأنهم قد ضربوا أروع الأمثلة وأجزلها في العلم والتقى والصدق والورع والنباهة وذرابة اللسان أينما حلوا وحيثما ارتحلوا، وظل كذلك أبناء وأحفاد أولئك الرجال العظام يقتفون أثرهم في ذلك السلوك القويم وذلك المنهاج المستنير، شبرا بشبر وذراعا بذراع، وبدورها دأبت الأجيال اللاحقة من أبناء واحفاد هؤلاء على التأسي بأولئك في غرس فسائل الإسلام الندية في ذاكرة الأبناء والأحفاد، حيث ظلوا يتعاهدونها بالسقاية والرعاية من الآفات الوافدة حتى قوي عودهم وشرب مشاش عظامهم من ينابيع عقيدتهم الإسلامية السمحة التي تزواج بأريحية بين رعاية واحترام من يستظل من الشعوب والأمم الأخرى بظلال دوحتها الوارفة ، وبين وقوف أتباعها بقوة وحزم في وجه كل من تسول له نفسه التطاول والتجاسر على مقام ملتهم السامي، حتى ولو كان من ذوي القربى.
وهكذا ظل مجتمعنا المحترم ذاك يحرص على غرس تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف في ذاكرة ألوان طيفه ، حتى تلبس وتدثر بأخلاق الإسلام الحميدة وتعاليمه الجزيلة وسيرة نبيه المطهرة التي استنبط لآلئها واستخرج جواهرها إمام دار الهجرة المزكى سيدنا مالك بن أنس رضي الله عنه من الآي الكريم، والحديث الشريف، وياقوت السيرة النبوية المطهرة ،إلى أن ولدت دولة موريتانيا الحديثة ولادة قيصرية عانت من ندرة مشارط الأطباء المهرة ،ورغم ذلك اشرأبت أعناق شعبها الطموح متطلعة لبناء دولة حديثة قادرة على مواكبة ركب شعوب الأمم الأخرى التي تمكنت من فك طلاسم البناء والتقدم والازدهار،عبر صعودها مصاعد الحضارة الحديثة البالغة السرعة والتعقيد.
حينئذ اضطرت ساكنة بوادي وأرياف البلاد السائبة- كما وسمها العلامة المشهورالشيخ محمد المامي، رحمه الله – تحت ضغط و شح إمكانات الدولة الوليدة إلى النزوح نحو إكراهات المدينة طلبا للعيش ورغبة في تعليم الأبناء في المدارس النظامية، وممارسة التجارة ، وغير ذلك من الأمور التي تساعد على صعود الرسم البياني لحالة الأسرة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، إلا أن ذلك للأسف الشديد كان على حساب تعليم الأبناء واجباتهم الدينية التي كانت بمثابة مضادات حيوية قوية قادرة على تحصينهم من فيروسات ذلك الشر المستطير الذي غزتنا به – دون سابق إنذار- عولمة العصر الحديث في عقر ديارنا، ابتداء من ديمقراطية جاءتنا ببضاعة معلبة مزجاة ،جعلت حرية التعبير وازدراء الآخر والتحلل من لين القول الرصين في حق هذا أوذاك حصان طروادة امتطى صهوته الكثير من مثقفي هذا البلد كي يفرقوا بضبحه وحمحمته وقدح حوافره مكونات مجتمعنا الإثنية أيادي سبأ ‘ إضافة إلى عنكبوت الأينترنت وما تحمله من سموم قاتلة للأخلاق الكريمة والمروءة الفاضلة، إلى غواية شيطان المسلسلات المدبلجة التي تم أنتاجها في مرابع مجتمعات انسلخت من قيمها الدينية والأخلاقية والاجتماعية بدرجة لاتصدق، ناهيك عن الوجه الدميم الآخر لتلك العولمة الطيارة عبر أثير كوكبنا الأرضي، الذي تمثله بجدارة المنظمات التنصيرية المنتشرة في ربوع بلادنا بكثافة تحت أسماء مستعارة جذابة بغية ممارسة نشاطاتها الخطيرة بصفة لا تلحظها عين زرقاء اليمامة، حتى تعشعش وتبيض وتفقس بيضها في غفلة من الدولة والمجتمع.. وأظن – إن صدق حدسي – أن عقل ولد امخيطير الثقافي قد تشكل ونما من زبد تلك الخلطة العولمية – إن صح التعبير- المنصهرة في بوتقة ملة الإلحاد الواحدة!.
ولذلك ها نحن اليوم ندفع غاليا ثمن ذلك التخلي المشين عن أولوية تعاليم ديننا الحنيف ،من خلال تجسار ذلك الملحد المشار إليه أعلاه على جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، إذ يعضض ذلك ويؤازره كما أسلفنا تأثير المسلسلات المدبلجة على عقول ووجدان ناشئتنا المستهدف الرئيسي بين فيئات مجتمعنا..لأن الناشئة هي الأساس الذي لو تم هدمه-لاقدر الله-لسهل وتيسر هدم مرتكزاتنا الدينية ومنظومة مجتمعنا الأخلاقية، وحزمة عاداتنا الاجتماعية، كل ذلك كان بمثابة استحكامات منيعة ومحصنة كنا نحتمي بمتاريسها من غزو الأشرار وصولة الأعداء المتسللين خفية إلى بلادنا المحروسة . .فالأمة اليوم قد ديست عقيدتها بالأقدام في عقرديارها ، لكنها- ولله الحمد- قد انتفضت عن بكرة أبيها انتفاضة الضيغم الضاري المجروح لما مست في صميم عقيدتها، المركوزفي سويدائها حب أشرف خلق الله وأطهره وأسماه خلقا وخلقا، سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ذلك أن تلك الانتفاضة العارمة وهبة الليث الجسور التي عبرت بهما الأمة عن نصرتها لنبينا الأكرم صلوات الله وسلامه عليه، كانت ردة فعل منتظرة ونتيجة طبيعية لتعرض جنابه المكرم لمقالة شقي الدارين ولديغهما المدعو ولد امخيطير انواذيبو الذي لايتشرف هذا البلد المسلم بانتسابه إليه، والذي لن يتهاون أهله أو يتسامحوا أو يتنازلوا قيد أنملة عن حقهم في القصاص منه.
وجدير بالذكر في هذا الصدد أنه ليس من المقبول أبدا أن ننتفض ونستنكر، وتقوم الدنيا لدينا ولاتقعد مطالبين بمقاطعة دول الغرب التي لاتدين بديننا، ولاتتخلق بأخلاقنا، ولاتعتد بعاداتنا ولا تقيم وزنا لتقاليدنا الإجتماعية المطيبة بمسك ديننا الفاخر،حين يقوم أحد أفرادها بالإساءة إلى نبينا الأكرم صلوات الله وسلامه عليه، ولاننتفض ونهب ونرفع نصل سيوفنا البتارة في وجه ذلك المتطاول والمتجاسر على جنابه صلى الله عليه وسلم، جزاءا لما سطره قلمه الحرون عن كلمة التقوى، وتفوه به لسانه الشيطاني الميال لكلمة الكفر ومزالق الهوى، وحتى لا يخرج علينا مرة أخرى شقي آخر من تحت قمقم الشبكة العنكبوتية، أو يطل علينا برأسه أحد خفافيش الظلام الملحدين ،على شاكلة امخيطير عاصمتنا الاقتصادية.
وفي ضوء ذلك لازلنا نحسن الظن بعدالتنا الموقرة التي قوتها في الحق واستقلاليتها هما الآن تحت عدسة مجهر الأمة، وبنفس الدرجة نحن على ثقة تامة -إن شاء الله- أن فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد عبد العزيز لن يلتفت خلفه خشية طعن خنجر شرق، ولن يجافي جفونه طيف الكرى رهبة هدير دبابات غرب!، فيما يتعلق بهذا الأمر العقدي البالغ الخطورة، بوصفه يشتهر بالجسارة والإقدام وقوة الإرادة، وبوصف هذا الأمر الجلل أيضا يمس صميم عقيدة الأمة التي هو أحد أفرادها المسؤولين أمام الله وأمامها عن الذب بالغالي والنفيس عن جناب رسولنا الأكرم وحبيبنا الأفضل، سيدنا ومولانا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وإن غدا لناظره لقريب