تنظم جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض بالمملكة العربية السعودية مؤتمر الحوار واثره في الدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بمشاركة 200 باحثا من جميع أنحاء العالم
وقد تميزت الجلسة العلمية الاولى برئاسة د. عبد الرحمن السديس وحضور Dr Arnold van doorn صاحب الفلم المسيء للرسول ص الذي دخل الاسلام مؤخراً والذي قدم مدخلة حول تحت تأملات في الحوار،
كما قدم نائب رئيس جامعة العلوم الاسلامية بلعيون د محمدو ولد المرابط ملخصا عن بحث أعده حول الحوار ومكانته في الرسالة النبوية وتمت إجازته من قبل اللجنة العلمية للمؤتمر ،حاول من خلاله تأصيل مفهوم الحوار باعتباره ضروريا بين الحضارات والثقافات والأديان والمذاهب المختلفة،مبينا معنى ذلك الحوار وطرقه الناجعة باعتباره نشاطا اجتماعيا وسياسيا مشتركا،يساعد على تطوير الصلات بين الشعوب،وتكريس التعايش السلمي بين الدول،انطلاقا من أن الأديان لا تصنع الحروب،لأن الإسلام والنصرانية،وكل الديانات لم تدخل في صراع بأنماطها المقدسة،أي بالنصوص الكتابية المنزلة،بل المؤسسات التي تمثلها،
واكد ان التواصل من أجل الحوار لا يتناقض مع استمرار الاختلاف وعدم الوصول لاتفاق في كل القضايا،انطلاقا من أنها محاولة من أكثر من طرف للوصول إلى تعاون وتفاهم يكون في مصلحة الجميع.
كما يستلزم الموضوعية في الحوار،بإتباع المنهج العلمي والحجة الصحيحة،وقبول الرأي الآخر وحسن الصمت والإصغاء وهو ما تحقق في الإسلام،واستدل الباحث على أبرز صفات الآداب بما ورد في سورة سبأ،عن أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم،يحاور غير المؤمنين شارحاً ومبلغاً،ولكنهم كانوا يصرون على أن الحق إلى جانبهم. فحسم الحوار معهم على قاعدة النص:”وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”
وفي هذا المجال بين الباحث أن المسلمين أدركوا طبيعة دينهم وعالمية رسالته، فقاموا يدعون الناس إلى هديه، فبدأ الحوار بين المسلمين ومشركي قريش،وسجل القرآن نماذج كثيرة من هذه الحوارات التي تولى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم الرد على المشركين.
انطلاقا من إن حكمة الشعوب تطالب في العادة بالأخذ بأسباب الحوار كلما نشب صراع،سواء كان هذا الصراع خفيا أو معلنا،”وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ”،ذلك ما تأمر به الآية الكريمة في معرض حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم،على استخدام الحوار السلمي المنهجي المدعم بالحجج،وسيلة لإقناع المشركين.
وبين الباحث كذلك ان الرسالة النبوية تضمن الحياة والحرية الشخصية،وحرية التعبير،وصيانة المال والأعراض كما تتسم بالتسامح والانفتاح على أتباع الديانتين اليهودية والنصرانية،حيث منحهم منزلة الذمة،وهي معاهدة تحفظ لغير المسلمين حقوقهم داخل دولة الإسلام.
ثم إن البلدان التي فتحها المسلمون كان لأهلها حرية الاختيار بين اعتناق الإسلام أو البقاء على ملتهم الأصلية، ومن يقارن آداب الحرب في الإسلام مع المبادئ التي أقرها المجتمع الدولي (اتفاقية فيينا 1945) يجد أن محمدا صلى الله عليه وسلم،قد سنها منذ القرن السابع الميلادي (تحريم قتل الأبرياء والنساء والأطفال والمسنين والمرضى، ومنع التمثيل بالأعداء بعد قتلهم).
وبدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم الحوار مع ذاته في غار حراء،وبعد ذلك مع الملَك جبريل عليه السلام،ومع الملإ الأعلى،ومع زوجاته وبناته ومع أصحابه ومع المجتمع الآخر من أهل الكتاب (يهود ونصارى) ومنافقين ومشركين ومع الحكام وقادة الجيوش والبسطاء. منطلقا من “أدبني ربي فأحسن تأديبي” أو كما ورد في أدب الخطاب في القرآن الكريم:”وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”
وخلص الباحث الى أن الرسالة النبوية لم تقدم أي تنازلات عقدية فقد التزمت بأدب الحوار والصبر والعفو والحلم، وحرصا منها على أدب الحوار،فقد تنازلت في قضايا تتصل بالظروف والأوضاع وشؤون الحرب والسلم وإدارة المنطقة وأداء المناسك،وهو ما نشهده في غزوة الحديبية، ووثيقة العهد التي أبرزت مرونة النبي محمد “ص”،واستعداده للتنازلات المرحلية والعرضية،التي فتحت الآفاق أمام حركة الدعوة الإسلامية المحاصَرة آنذاك،حيث جلبت الوثيقةُ السلام وأطلقت يد الجماعة المسلمة في الدعوة،كما أن المعاهدة اعترفت لأول مرة بالكيان الجديد ككيان له حق الحياة والعيش المشترك وحرية الدعوة للرسالة النبوية،التي أصبحت تتحرك ذاتيا،حيث بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم في محاورة رؤساء الحكومات والملوك، حسب رسائله الدبلوماسية المختصرة والمعبرة،التي لها وقعها الشديد،مثل”أسلِم تسلَم”.