أكد أن مستشارين ومدراء في بعض القطاعات بموريتانيا “هم من يسيرون الوزراء”
قال النائب البرلماني المعارض محمد المصطفى ولد بدر الدين إن هجوم مسعود ولد بلخير على منسقية المعارضة الديمقراطية “أمر مفاجئ ومؤسف”، مضيفاً أن ما يفهم من ذلك هو أن “مسعود لم يستطع بعد أن يغفر للمنسقية خلافها معه في الرأي”.
وأضاف ولد بدر الدين، في مقابلة مع صحراء ميديا، أن “الرئيس مسعود بتحامله على المعارضة قد أخطا الهدف”، متمنيا أن “يعود ويعتذر عما بدر منه كما سبق وفعل”.
ووصف ولد بدر الدين حكومة مولاي ولد محمد لغظف بالصورية، مشيرا إلى أن “هنالك حكومة ظل هي التي تسير الدولة”؛ بحسب تعبيره.
وقال إن من يريد أن يتعرف على هذه الحكومة عليه أن يدقق أكثر فيما يجري في قطاعات الصيد والمعادن والحالة المدنية، “حيث يمكن العثور على مستشارين ومدراء هم من يسيرون الوزراء”؛ على حد وصفه.
واعتبر ولد بدر الدين؛ في معرض حديثه عن الاستعراض العسكري الأخير، أن “الجيش الموريتاني لن ينقذ الدكتاتورية حين تبدأ في التلاشي”، مشيراً إلى أن “البوليس السياسي والكتائب لم يغنوا شيئا لا عن بن علي ولا عن القذافي”.
وشدد النائب المعارض على أن “القوة اليوم تكمن في الديمقراطية والحرية”، وعلى أن هذا لا يعني أن المعارضة “ضد تسليح الجيش”، ولكنها تعتبر “أن الأولوية ينبغي أن تكون لإطعام الجياع وإصلاح التعليم وتوفير العلاج الناجع والسكن اللائق للمواطنين”.
وفي تعليق على الميزانية المقترحة لسنة 2012، قال ولد بدر الدين إنها “مجرد ميزانية وهمية”، مؤكدا أن الميزانية الحقيقية “هي التي ستنفذها الحكومة الخفية وتعهد في السنة القادمة للحكومة الصورية بصياغتها وتقديمها للبرلمان في شكل ميزانية معدلة”؛ بحسب قوله.
أما بالنسبة لتحرير الفضاء السمعي البصري فقال ولد بدر الدين إن ما حدث هو أن “السلطة استمرت في سيطرتها الكاملة على وسائل الإعلام الرسمية وأضافت إليها وسائل أخرى لتبسط هيمنتها أكثر”، مضيفاً بأن “تحرير الفضاء السمعي البصري قد أخطأ هو الآخر هدفه تماماً مثل مسعود”؛ على حد تعبيره.
نص المقابلة:
ما هو تعليقكم على نتائج الحوار الذي دار بين الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة المكونة لمنسقيتكم؟
موقفنا من نتائج ذلك الحوار سبق وأعلناه مفصلا في وثيقة أصدرتها المنسقية يوم 12 نوفمبر 2011، وما يمكن أن أضيفه هو أننا اعتبرنا منذ البداية أن الضمانات الضرورية لنجاحه لم تتوفر وأنه من دون تلك الضمانات سيفشل. وأظن أن الأحداث اللاحقة أكدت صحة موقفنا لأن النتائج جاءت مخيبة للآمال.
فهي مخيبة للآمال لأنها لم ترق إلى المستوى الذي يمكنها من نزع فتيل الأزمة السياسية المستعصية، وغابت عنها القضايا الجوهرية التي تشكل موضع خلاف بين الفاعلين السياسيين، ذلك أنها لم تتعرض لصلاحيات الرئيس ولا لضمانات حياد الإدارة وتجاهلت وضعية “بازب” التي تمس هيبة الجيش الموريتاني، وبدلا من ذلك ركزت أنظارها على تبرئة الانقلابيين السابقين وتوفير الضمانات لهم.
وإذا ما نظرنا إلى مطلب أساسي لدى المعارضة بحجم اللجنة المستقلة للاشراف على الإنتخابات، فسنجد “المتحاورين” وافقوا على تشكيل لجنة لكنهم خلقوا لها في نفس الوقت إدارة منافسة داخل وزارة الداخلية أمسكت بكل الصلاحيات لتتحول اللجنة المستقلة المقترحة إلى مجرد ساعي بريد لمخرجات وزارة الداخلية.
وعلى مستوى التعديلات المقترحة على القانون الانتخابي، هناك نقاط إيجابية وردت ضمن الاتفاق المذكور مثل زيادة النسبية في البرلمان ومحاربة الترحال السياسي، غير أن هناك نقاط سلبية مثل القضاء على النسبية في البلديات. والأدهى من ذلك أن الشرط الأساسي لإمكانية تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة هو وجود حالة مدنية سليمة، وأن موضوع حالتنا المدنية المدمرة بالكامل قد غاب عن اهتمامات المتحاورين مما يعني أنه على الموريتانيين أن ينتظروا لسنوات وبلادهم عاجزة عن تنظيم انتخابات نزيهة وتعيش أزمة مؤسسية تطال مختلف مؤسسات الجمهورية.
مسعود ولد بلخير في مهرجانه شن هجوما لاذعا على منسقية المعارضة خاصة أقطابها اتحاد قوى التقدم وتكتل القوى الديمقراطية، ما هي قراءتكم لتصريحات ولد بلخير، وما هو ردكم عليها ؟
ما تسمونه هجوما لاذعا على منسقية المعارضة، هو في الواقع أمر مفاجئ لنا، فأن ترى رفيقا سابقا لك لم يعد لديه ما يفعله سوى التهجم عليك هو أمر أقل ما يمكن أن يوصف به أنه مؤسف. ونحن لا نفهم ما إذا كان الرئيس مسعود لم يستطع بعد أن يغفر للمنسقية خلافها معه في الرأي.
أما ردنا على تلك التصريحات، فنحن نعتبر أن الرئيس مسعود بتحامله على المعارضة قد أخطأ الهدف إذا كان ما يزال معارضا، ونتمنى أن يعود ويعتذر عما بدر منه كما سبق وفعل في بداية رحلته مع الحوار حين انتقد أعضاء في المنسقية ثم عاد واعتذر لهم خلال مهرجان جماهيري في إحدى المدن الداخلية.
من المقرر أن تحيل لجنة متابعة نتائج الحوار إلى جمعيتكم الوطنية التعديلات الدستورية، أنتم كفاعلين سياسيين هل ترون أن هذه التعديلات يجب أن تمرر عبر البرلمان أو عن طريق استفتاء شعبي؟
لا تهمنا كثيرا الطريقة التي سيعتمدها “المتحاورون” لتمرير ما يقترحونه من تعديلات لأننا لا نعلق علي تلك التعديلات أية آمال. فما دامت القضايا الجوهرية التي تهم الشعب الموريتاني معلقة ، فلتذهب لجنة المتابعة إلى البرلمان أو إلى الاستفتاء أو إلى أي مكان آخر، لأن ذهابها لن يغير من الواقع شيئا.
كنتم قد قلتم في السابق إن موريتانيا تحكمها حكومتان، حكومة ظل يقودها مولاي ولد محمد لغظف، وحكومة حقيقية لا يعرفها سوى محمد ولد عبد العزيز، هل يمكننا أن نعرف من خلالكم ماهية هذه الحكومة الحقيقية الغير معروفة؟
تحدثت بالفعل في السابق عن وجود حكومتين إحداهما صورية يترأسها الوزير الأول ومهمتها الإدلاء بالتصريحات وبذل الوعود والدفاع عما تسميه السياسات والانجازات، غير أنها ليس لها من الأمر شيء. أما الحكومة الحقيقية التي تتولى تصور سياسات النظام وتنفيذها فهي خفية إلا أنك تلمسها في كل مكان خصوصا حين يتعلق الأمر بمنح الصفقات والرخص والتعيين في الوظائف.
وقد يبدو أمر وجود هذه الحكومة أكثر وضوحا حين نتذكر أن الحكومة الصورية تقدم للبرلمان في نهاية كل سنة ميزانية للمصادقة عليها، غير أنها بعد سنة من تقديمها لتلك الميزانية تعود إلى البرلمان وهي تحمل ميزانية معدلة هي التي تم تنفيذها والتي تكون بعيدة كل البعد عن الميزانية الأصلية. وذلك عائد إلى أن ما يتم تنفيذه على أرض الواقع ليس ما تتصوره حكومة ولد محمد لقظف وإنما ما تتصوره وما تريده الحكومة الخفية المرتبطة بشخص ولد عبد العزيز.
ومن أراد أن يعرف أكثر عن وجود تلك الحكومة، فعليه أن ينظر إلى الطريقة التي تسير بها البلاد، ويدقق أكثر فيما يجري في قطاعات الصيد والمعادن والحالة المدنية حيث يمكن العثور على مستشارين ومدراء هم من يسيرون الوزراء.
النظام أعلن عن خطة استعجالية لإنقاذ المواشي والأرواح تقدر بحوالي 45 مليار أوقية، هل تعتقدون أن هذا المبلغ كافي لسد حاجيات المنمين والمزارعين خاصة والمواطنون عموماً، وما هو تعليقكم على الخطة؟
لا يتعلق الأمر مطلقا بخطة استعجالية لأن مصاعب المواطنين قد بدأت منذ أشهر والسلطة لم تحرك ساكنا بعد، وكلما قامت به حتى الآن هو أنها أعلنت أنها ستتحرك شهر يناير المقبل. وإذا كانت السلطة لم تفصح بالكامل عما تنوي فعله بالضبط، فإن المعلومات المتوفرة تشير إلى أنها بصدد توسيع ما يعرف بدكاكين التضامن وهو ما يعني أن الأمر لا يتعلق بأكثر من مخطط جديد لزيادة أرباح بعض رجال الأعمال المقربين منها.
وكما قلت في مناسبات سابقة، فإن السلطة إذا كانت راغبة بالفعل في مساعدة المواطنين عليها أن تتحرك على صعيد الأسعار، أي أن تلغي الرسوم على المواد الغذائية الأساسية من جهة ومن جهة أخرى عليها أن توفر مخزونا معتبرا من هذه المواد وتضعها تحت تصرف مؤسساتها المعنية لتقوم بتوزيعها بالمجان على الشرائح ذات القوة الشرائية الهشة. أما ما عدى ذلك فهو مجرد تكرار لتجاربها السابقة التي اتضحت محدوديتها وفشلها، كما اتضح المغزى المقصود منها والذي ليس مساعدة الفقراء بل زيادة غنى بعض الأغنياء.
مجلس الوزراء صادق مؤخراً على ميزانية 2011-2012 ومن المقرر أن تعرض على جمعيتكم لاحقا، ما هو تقييمكم للميزانية المعدلة 2011، وما هو تعليقكم على الميزانية المقبلة؟
حتى الآن ما يزال مشروعا القانونين المذكورين قيد الدراسة وحين يتبلور موقفنا منهما سوف نعلنه. وكل ما نستطيع قوله حتى الآن أن الميزانية المقترحة لسنة 2012 تبقى مجرد ميزانية وهمية كسابقتها، أما الميزانية الحقيقية فهي التي ستنفذها الحكومة الخفية وتعهد في نهاية السنة القادمة –إن كانت ما تزال موجودة- للحكومة الصورية بصياغتها وتقديمها للبرلمان في شكل ميزانية معدلة.
وزارة الاتصال والعلاقات مع البرلمان والسلطة العليا للسمعيات البصرية قامت مؤخرا بالترخيص لخمسة إذاعات وتلفزيونين، كيف تقيمون هذا الفرز وما هي رؤيتكم لمستقبل “تحرير الفضاء السمعي البصري”؟
نحن نعتبر أن الهدف من فتح الفضاء السمعي البصري هو إتاحة الفرصة لمختلف الآراء والثقافات لتعبر عن نفسها بحرية، وانطلاقا من ذلك نرى أنما قامت به السلطة هو عكس ذلك تماما حيث أنها أقصت الرأي المعارض ولم تحترم التعدد الثقافي، والنتيجة –هي على العموم- خلق فرص متعددة للدعاية لها.
فما نلاحظه اليوم –ورغم التطبيل حول الانفتاح المزعوم- هو أن السلطة استمرت في سيطرتها الكاملة على وسائل الاعلام الرسمية وأضافت إليها وسائل أخرى لتبسط هيمنتها أكثر، لذلك نعتبر أن ما يسمى تحرير الفضاء السمعي البصري قد أخطأ هو الآخر هدفه تماما مثل الرئيس مسعود.
قام النظام في الذكرى الحادية والخمسين للاستقلال الوطني بعرض عسكري ضخم فسره المراقبون بأنه رد على المعارضة التي تقول إن الجيش يفتقد التسليح والتجهيزات الضرورية وأن كل الأسلحة في يد الحرس الرئاسي (بازب)، ما رأيكم في العرض العسكري وكيف ترون الوضعية الحالية للجيش؟
شاهدنا العرض العسكري، لكننا نعتقد أن عهد العروض العسكرية قد ولى إلى غير رجعة، فالجيش الأحمر وعروضه المهولة لم تغن عن الاتحاد السوفيتي شيئا حين بدأ ينهار، كما أن قوة الجيش الأمريكي لم تسعفه في فرض إرادته لا على الفيتناميين ولا على العراقيين ولا على الأفغان.
إن القوة اليوم تكمن في الديمقراطية والحرية، وكما أن السكريتاس لم تنفع تشاوسيسكو والبوليس السياسي والكتائب لم يغنوا شيئا لا عن بن علي ولا عن القذافي، فإن الجيش الموريتاني لن ينقذ الدكتاتورية حين تبدأ في التلاشي.
وإذا كان العرض كما قلتم موجها للمعارضة، فهو لا يزعجها لأنها على دراية بالتجارب التاريخية، أما إذا كان موجها للقاعدة فهي لا تفهم هذا النوع من الإشارات لأنها تحارب أيضا الجيش الجزائري والجيش الأمريكي والجيوش الأوربية.
كل لك لا يعني أننا ضد تسليح الجيش الموريتاني أو أننا لا نرغب في أن يصبح جيشا قويا وعلى أتم الجاهزية، لكننا نعتبر أن الأولوية الآن ليست للعسكرة واستعراض العضلات وإنما ينبغي أن تكون لإطعام الجياع وإصلاح التعليم وتوفير العلاج الناجع والسكن اللائق للمواطنين.
أخيراً.. قامت مجموعة من الحقوقيين بزيارة مقبرة إينال التي يعتقد أن زنوجا قتلوا ودفنوا فيها أثناء الأحداث العرقية التي شهدتها البلاد في فترات سابقة، ما هو موقفكم من هذه القافلة وما رأيكم في بعض الدعوات المطالبة بتحويل يوم 28 نوفمبر إلى يوم حداد وطني على أرواح القتلى الزنوج؟
موقفنا من أحداث إينال ومن كل الأحداث المرتبطة بها، معروف منذ وقوعها، وقد أصدر حزبنا يوم 27 نوفمبر الماضي بيانا حول الموضوع بإمكانكم الرجوع إليه. أما موقفنا من قافلة الحقوقيين فنحن نحييها ونشكر القائمين عليها على اتخاذهم لمثل تلك المبادرة، ونتمنى أن تفتح زيارتهم أعين السلطات حول قضية المغارم الانسانية لتفكر في طريقة لتسويتها غير سياسة النعامة. ونعتقد أن تسوية تلك المغارم لن تكون إلا عن طريق مصالحة وطنية شاملة قائمة على أساس العدل والانصاف أولا ثم التسامح ثانيا.