الموريتانيون يفضلون “المسحراتية” على منبهات الهواتف والساعات الصوتية
نواكشوط ـ صحراء ميديا
ما تكاد ام يوسف تلملم الاطباق، وتجمع بقايا الطعا م بعد ساعات من الاكل والشرب المتواصلين منذ اذان المغرب، حتى يكون يوسف قد جهز مكانا للسهر على ناصية دار اهله: فراش واغطية واواني لصناعة الشاي وقطع من شوكولاتة ومكسرات وعصائر هنالك ينتظر يوسف “10 سنوات” وليس صائما شلة من اترابه الوافدين من كل حدب وصوب من داخل حي كارفور وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط في ليلة من ا السهر تحط كل اسبوع عند بيت من بيوتات الصغار كماهو متعارف عليه .
هم المسحراتية و الكلمة اشتقاق وافد من الثقافة العربية لكن تطبيقاته كانت موجودة لدى الموريتانيين منذ امد بعيد ، تطلق المسحراتية على اولائك الاشخاص الذين يتنقلون بين البيوت لايقاظ النوم في رمضان من اجل تناول وجبة السحور وهم يرددون عبارات دينية واحديث نبوية ويقرعون طبولا صغيرة
“لسنا نطلب مالا ولا نشبا من احد لقاء ممارسة هذه الهواية التى درجنا على القيام بها كل عام ووجدنا اخوتنا الكبار عليها”
في ليا لي رمضان يتحول نمط الحية نهارا الى الليل والعكس وهذ يجعلنا نحس بالاطمئنان ونشعر بالامان لان عتمة الليل لم تعد تخيفنا ففي هذ الشهر الكريم غالبية الناس مستيقظون” يعلق احد افراد مجموعة الاطفال الذين سيكون عليهم السهر طوال هذه الليلة للقيام بمهمة المسحراتية .
وباضافة الى “المهمة النبيلة” يتمكن الاطفال من التواصل فيما بينهم وقضاء اوقاتهم الخاصة في عوالمهم الخاصة بحيث يمارسون هواية تقليد الكبار في قلب عادات النوم الى النهار بدل الليل
في السابق كنا نجوب الحي مرددين اهازيج ايقاظ النائمينن ابتغاء اجر من الله ، لقد كان الناس بحاجة الى متطوعين من امثالنا للقيام بهذ العمل الذي يثاب صاحبه في الاخرة ، اما اليوم فان الوسائل الحديثة من هواتف وساعات ناطقة اوشكت ان تسحب البساط من تحت اقدامنا تقول مريم الخمسينية التى تنام كل قريرة العين دون ان تكون بحاجة الى منبه لايقاظها ساعة السحر لانها تكون بانتظار ابنها ومجموعته وتضيف “لا نستطيع الاعتماد على منبهات الموبايل ولا على منبهات الساعات لانها احيانا تكون مزعجة وقد تؤدي الى حصول مضاعفات صحية “
ويوافق الدكتور محمد ولد عبد الله هذ الراي ويؤكد ان المصابين بامراض القلب والشرايين يتعرضون للضرر كلما تسبب عامل الصوت في ايقاظهم بشكل مفاجئ وهي عملية كثيرا ما تحصل نتيجة تثبيت منبهات الهواتف على اوقات يكون فيها النائم قد بلغ ذروة نومه، وحينما يتعرض لاي مؤثر مفاجئ قد ينتج عنه ارتفاع في ضغط الدم او تسارع في النبض وغيرها من المضاعفات التى قد تكون سلبية على صحة المرء.
وفي ظل هذه المعطيات فان الاطفال المسحرا تية يكونون افضل لايقاظ النوم من سباتهم العميق لتناول السحور.
وينشد الصغار وهم يربتون على طبول و حاويات من ابلاستيك اغاني السحر سالكين دروب المدينة مساهمين في ايقاظ النائمين من بعيد وبهدوء
انه جوق من الفتيان والاطفال يتردد صداه بين البيوت فيدخل السرور الى الغارقين في نومهم ويوقظهم بهدوء كي ينالو الاجر والثواب بتناول السحور ففي السحور بركة كما في الحديث ، يعلق احد الساهرين
ورغم ان مهمة الاطفال تبدو انسانية دينية فان المحللين النفسيين يرون ان غياب الرقابة المنزلية عن الصغار يمنحهم فرصة القيام بعمل جيد كايقاظ النائمين وهو افضل لهم ربما من التشرد في الشوارع او تعاطي المخدرات والسجائر ، وتساهم هيبة الشهر الفضيل في اقلاع الكثير من الموريتانيين عن بعض العادات السيئة كالتدخين و تناول المخدرات .
ويمضي الصغار بياض نهارهم نائمين الى جانب ذويهم بعد ليلة ساهرة ومتعبة الى حين الليلة الموالية حيث تبدا المهة من جديد .