نواكشوط ـ محمد ناجي ولد أحمدو
كسر جدار الصمت في العاصمة الموريتانية لمدة أربعة أيام، مهرجان فني، للأنشودة والشعر، بإمضاء من جمعية المستقبل، التي تحسب على التيار الإسلامي، ويرأسها الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
المهرجان، كان الخطوة الأولى في طريق ما يسمى “أسلمة الفن” في موريتانيا، وكان يستهدف، حسب الأمين العام للجمعية محمد محمود ولد سييدي، “تقديم الرؤية الإسلامية التي تقوم على البديل الملتزم في الأغنية والشعر”.
استمع جمهور “حداء الصحراء”، هذا هو اسم المهرجان، الى أدوار إنشادية لفنانين إسلاميين من موريتانيا وغيرها، وتمايل جمهور الملعب الاولمبي، وغالبيته من الشباب طربا، مع محمد أبي راتب، الذي يوصف بأنه “أبو النشيد الإسلامي”.
حداء، أراد له القائمون عليه، أن يطبع العلاقة بين الإسلاميين والفن، ويقدم الرؤية الإسلامية في المجال، غير أن أصواتا، وبعضها من داخل التيار الإسلامي، لاحظت غياب الفنانين الموريتانيين عن المهرجان، مؤكدة أن “الطرب الموريتاني هو فن مؤسلم في المقام الأول”.
ويرى الكاتب الصحفي محمد سالم ولد محمدو، وهو من المنتمين إلى التيار الإسلامي، أنه “لا يمكن اعتبار مقامات (الصبا) و(نهاوند) أقرب إلى الإسلام من (أمهار) و(تشبطن) أبدعتها يدا صانع تقليدي موريتاني”.
غير أن أعضاء في لجنة تنظيم الحداء، اعتبروا أن المهرجان ما زال في نسخته الأولى، وأن “نواقص الدورة الحالية سيتم تلافيها في الدورات القادمة”.
مشاركة موريتانيا في المهرجان كانت عن طريق فرقة مولودة على عجل، سميت “صدى شنقيط”، التي وجدت نفسها بين أحد أمرين: إما تكرار أناشيد مشرقية أو صناعة أناشيد محلية، فاختارت الحل الثاني، على حد تعبير أحد أعضائها.
إسلاميو موريتانيا عن طريق هذا المهرجان وضعوا “أقدامهم على طريق أولى خطوات التحديث، سبيلا إلى اختراق قواعد كانت شبه محرمة عليهم”، يقول أحد شباب الحركة.
غير أن التطبيع الكامل بين “المرابط “، يمثله الإسلاميون، والفنان، ما زال بعيدا، على ما يبدو.. والسبب هو أن الفنانين الموريتانيين لم يحفزوا من خلال المهرجان على “تقديم بديل يرضاه “المرابط”، ولا يعتبره الفنان تضحية بتراث يجب العض عليه بالنواجذ.
غير أن آخرين، يرون أن الطرب الموريتاني التقليدي، لم يكن يوما من الأيام إلا فنا إسلاميا صرفا، وإن شابته بعض الشوائب، وهو ما يؤكده الكاتب والشاعر الإسلامي محمد سالم ولد محمدو، فكلمة التوحيد “لا إله إلا الله”.. هي لازمة الانتقال من “نحية” إلى أخرى.. وغالبية الأدوار المغناة فيه، هي نصوص إسلامية، بكل ما تحمله الكلمة من معان.
وبغض النظر، يقول آخرون، عن عمق الهوة بين جمهور ذواقة الفن، وجمهور النشيد على “امباله”؛ إلا أن المهرجان المختتم البارحة حاول أن يحد من تلك الهوة.