نواكشوط ـ صحراء ميديا
وسط حراسة أمنية مشددة وصلت باصات قوة مكافحة الإرهاب إلى قصر العدالة في نواكشوط إلى بوابة قاعة محكمة الجنايات في نواكشوط أمس الاثنين.
فبعد أيام من الانتظار يحضر ابرز المتهمين في الملف 465 الذي يضم قادة السلفية الجهادية المتهمون بالمشاركة في عمليات سانتر أمتير الدامية..
في الكواليس كان يتم ترتيب قاعات الاحتجاز من طرف قوة العمليات الخاصة المدججة بالسلاح لتكون جاهزة لاستقبال القيادي في تنظيم القاعدة التقي ولد يوسف، المتهم بالمشاركة في المواجهات الدامية التي شهدتها العاصمة الموريتانية يوم 9 إبريل 2008 مع قرابة 17 متهما آخرين تعتقد السلطات الأمنية الموريتانية انهم كانوا خلف عملية مثيرة للجدل أدت إلى زعزعة الأمن في نواكشوط، في أول حالة يحمل فيها مواطنون موريتانيون السلاح ضد الأمن منذ استقلال البلاد.
التقي ولد يوسف الذي يرى محللون في شؤون الإرهاب انه ربما كلفه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بإنشاء خلايا دعم وتعزيز للكتائب في الصحراء في عمق إفريقيا السوداء، بدا هادئا جدا أمام هيئة القضاء المكونة من رئيس ومستاشرين ومحلفين مهمتهم هي الاستماع لمتهم شكل تحديا للأمن، حيث لم يتمكن ضباط مكافحة الإرهاب من الحصول منه على معلومات مفيدة حول القادة حتى في ظل التلويح بالاستفادة من برنامج حماية شهود، منذ تسلمته موريتانيا مايو 2010 بعد اعتقاله في النيجير مرورا بالمملكة المغربية.
ولد يوسف-33 عاما مثل أمام القضاء بثقة كبيرة ونفى التهم الموجهة اليه رغم تأكيدات النيابة العامة بأنه “متهم خطير يهدد الأمن والنظام العام وارتداء بدلات عسكرية للتمويه وانجاز مهام تهدد الأمن الوطني”.
ونفى المتهم أي علاقة له بالقاعدة أو التنظيمات الإرهابية أو ارتكابه عمليات تقتيل وتخريب، مؤكدا انه “شاب مسلم نشأ في بيئة وسطية وانه يعمل بالتجارة ولم يرتكب أي جريمة ولا ينتمي لأي خلية إرهابية”.
لكن وثائق امنية كثيرة تدينه حسب ما تقول النيابة العامة التي شككت في تراجع ولد يوسف الحاصل على الباكلوريا العلمية في نواكشوط والشاب المتمدن عن اعترافاته امام الشرطة وقاضي التحقيق بحجة انه لم يكن يفصل بينهما وانه كان خائفا من التعرض للتعذيب امام قاضي التحقيق في قصر العدالة بنواكشوط وهو مؤسسة قضائية مستقلة حسب الدستور الموريتاني وتسيطر عليها الإجراءات والقوانين أكثر مما يتحكم فيها بوليس التحقيقات.
ويواجه التقي اتهامات بالمشاركة في عملية سانتر متير والالتحاق بالقاعدة عام 2005 وذلك في ملفين منفصلين طالب الدفاع بضمهما وهما ملف 584-10 و 465 المتعلق بعملية تفرغ زينة التي قتل فيها ناشط سلفي واحد عناصر الأمن بالإضافة إلى عدد من الجرحى.
المثير للجدل في محاكمة الاثنين التي غاب عنها عدد من الأهالي بسبب الاجراءات الامنية المشددة هي نفي الناشط السلفي معروف ولد الهيبة لأي اتهامات بالمشاركة في عملية سانتر متير مؤكدا انه لو كان حاضرا لكان هو “القائد” وهو ما يعتبر بداية لصراع قادة السلفية حيث بدأت تطفو على السطح خلافات منذ بعض الوقت بين من يعتقد انه قائد ميداني لتنظيم القاعدة في نواكشوط وامير “انصار الله المرابطون” الخديم ولد السمان.. إضافة إلى اعترافات لعدد من المتهمين ضمهم الملف 465 بان “الخديم ولد السمان ليس أميرا.. وأنهم لا ينتمون لأنصار الله المرابطون”، بينهم محمد مختار ولد السمان الذي قال انه رآه لآخر مرة عام 1998 وانه يختلف معه في التفكير رغم ان السلطات تتهمه بالتجاوب معه في بعض القضايا وانه ينتمي للفكر السلفي المتشدد.
ويعتقد ناشط سلفي معتقل؛ تحدث إلى صحراء ميديا اليوم من أحد سجون نواكشوط، أن تلك الاعترافات “لم تكن لتحدث لو حضر الخديم شخصيا للمحاكمة”.. لكن ولد السمان، المعروف بلهجته الحادة تجاه القضاء، لم يحضر بسبب إجراءات أمنية اتخذها الحرس تمثلت في إعادته إلى زنزانته الانفرادية بعد رفضه نزع عمامته، وبعد التفتيش تبين أنها كانت تغطي راية تحوي رسم سيف وكتبت عليها عبارة “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، بالإضافة إلى شعار القاعدة.
وأنكر اغلب المتهمين في الملف التهم الموجهة إليهم، مؤكدين تعرضهم للتعذيب، ونفى بعضهم توقيعه لمحاضر الشرطة وان زيادات حصلت في تصريحاتهم، وهو ما جعل القاضي خي ولد محمد؛ رئيس جلسة القضاء، يتابع باهتمام كبير قصص المتهمين الذين أكدوا أن عناصر الأمن أجبروهم على التوقيع “حتى قبل معرفة ما كتب فيها في بعض الأحيان”، بحسب تعبيرهم.