وقد أثار الفيديو جدلاً واسعاً في أوساط المدونين الموريتانيين، بينم من أكد صحته واعتبر أنه دليل على قيام الشرطة بقمع وحشي و”غير مسبوق” لمسيرات النصرة، وآخرون قالوا إنه “مفبرك” أو على الأقل تم تصويره خارج موريتانيا.
وقد نشر مقطع الفيديو للمرة الأولى من طرف المدون حمزة فيلالي، الذي يملك صفحة مختصة في نشر الصور ومقاطع الفيديو، وتحظى بمتابعة واسعة، رغم طابعها المعارض للنظام الحاكم في موريتانيا؛ وكتب فيلالي في تعليق على الفيديو: “شكل جديد من أشكال قمع المواطنين”.
البحث عن الحقيقة
بمجرد أن بدأ تداول مقطع الفيديو، ليل الجمعة/السبت، بدأت الأسئلة تطرح حول صحته، إذ كتب الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله: “هنا صورة متداولة مع فيديو لبعض رجال الأمن وقد جردوا شابا من كامل ثيابه ثم قاموا بدفعه بطريقة مهينة لا يمكن مقارنتها إلا بتلك السادية التي عامل بها الأمريكيون سجناء بوغريب بالعراق”.
وأضاف ولد سيدي عبد الله: “الفيديو تواتر ناشروه على أنه من قوات مكافحة الشغب الموريتانية خلال قمعهم لمظاهرة النصرة؛ لستُ بالمصدق ولا بالمكذب، والراجح عندي أنه لا يمكن لموريتاني أن يعامل أخاه بهذه الهمجية وفِي الشارع العام، ويكون (جايو على نصرة الرسول)”، قبل أن يتساءل: “ما حقيقة الصورة؟”.
ولد سيدي عبد الله عاد لينشر تدوينة تحت عنوان “ملاحظات أولية”، قال فيها إنه تحدث مع من يثق فيه، واقسم له أن “فيديو الشاب العاري مسجل في نواكشوط، وأنه بعد أن وصله اتجه إلى مكان الحادثة ووجد شابا آخر أكد له أنه كان شاهد عيان على الجريمة”.
ولكن الدكتور جعفر محمود رفض صحة الفيديو، وقال في تدوينة مقتضبة: “الفيديو الذي تروج له المعارضة مفبرك (تفبريك) الواضح والفاضح، اتقوا الله في الوطن وفي أنفسكم”.
ووجه جعفر انتقادات للمعارضة التي قال إنها “تعتمد أسلوب الشائعات والتحريض على الفتنة”، واتهمها بأنها تعاني من “الإفلاس السياسي”، وختم بالقول: “لا للتحريض على شرطتنا الوطنية الباسلة”.
قصة الفيديو
كان الصحفي محمد الأمين ولد محمودي من أوائل الذين تحدثوا عن حادثة تعرية الشرطة لأحد الشباب، ونشر اليوم السبت ما قال إنه “قصة الفيديو”، مؤكداً أنه يعرف السيدة التي قامت بتصوير الفيديو ولديه نسخ أصلية منه تختلف عن المقطع الذي تم تداوله والذي تمت معالجته لحجب عورة الشاب ووجهه.
وقال ولد محمودي إن السيدة قالت له إنها “شاهدت أفرادا من الشرطة يعرون ويضربون شيخا مسنا وشابا، واستطاعت أن تصور الشاب ثم فرت بعدما لاحظت ما انتاب أولادها الذين كانوا معها في السيارة من خوف”.
وأضاف: “أرسلت لي فيديوهين من نفس الواقعة، يعني صورت الرجل بعد أن خلعوا ثيابه وتركوا السروال، ثم أدخلوه أحد البيوت وخلف الباب خلعوا سرواله وأخرجوه من البيت وهم يحملون ثوبه ويصرخون فيه أن اخرج حتى يراك الناس”.
وذهب ولد محمودي إلى المكان الذي قال إن الحادثة وقعت فيه، وهناك التقى بشاب أكد أنه كان شاهداً على ما حدث، وروى له بعض التفاصيل في تسجيل نشره على الفيس بوك.
ورغم الجدل الكبير الذي أثير حول مقطع الفيديو المذكور، إلا أن مقاطع فيديو أخرى عديدة للشرطة وهي تخلع ثياب متظاهرين في الجامع السعودي، تم تداولها ولم يكن هنالك أي مجال للتشكيك في مصداقيتها.
من ضمن هذه المقاطع واحد لرجل كبير في السن، وآخر لشاب كان يتحدث مع بعض المحتجين ويؤكد لهم أنه تعرض للضرب الوحشي من طرف الشرطة، والآثار بادية على جسده.
وبجا واضحاً من هذه المقاطع أن الشرطة كانت تتعمد محاولة “إذلال” المحتجين المشاركين في مظاهرات “النصرة”، والتي تعرضت لقمع “غير مسبوق” بحجة أنها غير مرخصة.