سيدي محمد بن جعفر.
بعد عقدين ونصف من البحث الجاد والمثابرة خرجت إلى النور موسوعة الباحث الكبير الدكتور يحيى بن البراء تحت اسم الموسوعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام غرب وجنوب غرب الصحراء الكبرى وتتألف الموسوعة من 14 مجلدا وتضم 6800 فتوى بدأت من القرن 17 م وقد نظمت جمعية الوصال الثقافي المغاربي مساء أمس 21/7/2010 بالمناسبة ندوة عرض خلالها المؤلف موسوعته في حدود عشرين دقيقة ، حيث حدد المجال الجغرافي الذي غطته الدراسة وهو مجال يمتد من واد نون بشمال الصحراء الغربية مرورا بمنطقة تنيندوف بجنوب غرب الجزائر مرورا بنهر النيجر ، وحتى جبال الفوتا جلون بغينيا ، وقال إن المجال المدرس تنتشر فيه ست قوميات هي التي مارست الثقافة العالمة بشكل مكثف والقوميات هي: العرب ،والطوارق (لاعجام) ، والفلان، والسنغاي، والسونكي، كما أشار الباحث في العرض إلى انتشار المذهبين الخارجي الاباضي، والشيعي العبيدي (نسبة إلى عبيد الله جد الفاطميين الذين بدأت نواة دولتهم في المغرب واتخذوا المهدية بتونس عاصمة لهم) في هذا المجال قبل انتشار المذهب المالكي مشيرا إلى وجود أثارهما حتى لآن .
ملاحظات حول المتدخلين.
يمكن القول أن نخبة النخبة الموريتانية حضرت الندوة ، كما كانت الخصوصية الموريتانية المتمثلة في عدم التزام الوقت حاضرة ، وحده الباحث الكبير محمد سعيد بن همدي كان في الموعد ، افتتحت الندوة متأخرة بقرابة الساعة عن وقتها المحدد وكان ، آخر الواصلين هم الساسة الفقيه والوزير السابق اسلمو بن سيد المصطف (أول المعقبين! )، ثم عثمان بن الشيخ أبا المعالي ،صالح بن حننا .
من المفارقات أن الباحثين الذين اطلعوا على الموسوعة يعدون على الأصابع ، ومن المفارقات كذلك أن اسم الدكتور يحيى على الإعلان كان مكتوبا بدون ألف قصيرة (يحي) وهي الف أصبحت الصحافة تقتطعها من الأسماء.
مدير الحوار ظل موريتانيا بامتياز يقدم المحظوظون بالتدخل ، ثلاث مرات استلم الدكتور محمد الأمين بن الكتاب المكرفون وسحب منه لصالح آخرين ، حتى تدخل الدكتور محمد بن أمين بإكرامه المعهود لأهل الثقافة عند المشرف طالبا منه إعطاء المكرفون لإبن الكتاب ،وقد ظل بن الكتاب هادئا ، ربما أثرت عليه ثلاث مرجعيات أولهما خلفيته المدنية حيث ينحدر من ثقافة (لكصور – المدن القديمة -ودان) ولأهل تلك المدن رزانة تميزهم عن البدوي الذين يمثلون غالبية نخب المجتمع ، وخلفية ثقافته الانكليزية حيث يتميز الانكليز عادة بالكثير من اللباقة، عكس الفرنسيين المتعجرفين ثم مرجعيته الدبلوماسية بكل ما تتطلب من مرونة .
يستحق هذا العمل الجبار غير المسبوق في المنطقة أن يتم عرضه في قصر المؤتمرات وليس في تلك القاعة الصغير من فندق وصال غير المشهور ، ويستحق أن يتشرف رئيس الجمهورية بحضوره مصحوبا برؤساء دول المنطقة الذين شملهم البحث ،و الأمين العام الأمم المتحدة ، و المنظمات المهتمة بالثقافة ، كما ينبغي أن يصبح اسم الباحث ضمن المناهج التربوية ، وأن يكرم بإنشاء جائزة تحمل اسمه ،تصور أن عرض هذا العمل الجبار لم يحضره رئيس الجامعة ، ولم تحضره وزيرة الثقافة ولم يحضره لإعلام الرسمي إنها فعلا بلاده لا تكره شيئا أكثر من كرهها للعلم .
شكرا جزيلا للدكتور يحيى بن البراء على هذا العمل الجبار غير المسبوق ، والله وحده هو القادر على مجازاته راجين له طول العمر مع دوام الصحة والعافية وأن يأتي يوم يستبدل الله فيه بغضة العلم في هذه البلاد ويأتي بآخرين يحبونه فيكرمون أهله وعلى رأسهم الدكتور يحيى بن البراء إنه القادر على ذلك.